ذكرت كيهان الإيرانية اليوم أن الأمين العام للمجمع العالمي لأهل البيت(عليهم السلام) الشيخ محمد حسن أختري أرسل رسالة مفتوحة الى الشيخ “يوسف القرضاوي”، انتقد فيها بشدة اعتماده معايير مزدوجة في اتخاذ المواقف تجاه القضايا الاسلامية والسياسية. وأبدى الأمين العام للمجمع العالمي لأهل البيت (ع) استغرابه للمواقف السلبية واعرب عن شجبه للتصريحات التي اطلقها “القرضاوي” مؤخرا.
وحذر الشيخ اختري “القرضاوي” من مغبة مواقفه وقال أنها ستسفر عن المزيد من إذكاء نار الفتنة الطائفية والمذهبية المقيتة في العالم العربي والاسلامي وسفك المزيد من الدماء وزهق الأرواح، بينما المسلمين كافة بحاجة ماسة اليوم الى الوحدة في مواجهة مؤامرات الاعداء ما يتطلب نبذ النعرات الطائفية والعنف والارهاب والوقوف صفاً واحداً في مواجهة الكيان الصهيوني والاستكبار العالمي.
وفيما يلي نص هذه الرسالة الهامة:
بسم الله الرحمن الرحيم
(ولن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصير) البقرة 120
سماحة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحية طيبة وبعد؛
مع شديد الأسف اطلعنا على تصريحاتك التي أطلقتها في الدوحة ضد الجمهورية الإسلامية في ايران وحزب الله وأمينه العام السيد حسن نصر الله والنظام السوري والطائفة العلوية باستخدام عبارات بذيئة ومشينة وغير لائقة؛ لذلك فاننا نبدي استغرابنا وشجبنا لمثل هذة التصريحات والمواقف السلبية التي نرى بانها ستؤدي في نهاية المطاف الى المزيد من إذكاء نار الفتنة الطائفية والمذهبية المقيتة في العالم العربي والاسلامي وستؤدي الى المزيد من سفك الدماء وزهق الأرواح، بينما المسلمين كافة بحاجة ماسة اليوم الى الوحدة الاسلامية أمام المؤامرات الدولية ونبذ التفرقة الطائفية والعنف والارهاب والاصطفاف صفاً واحداً لمواجهة الكيان الصهيوني والاستكبار العالمي.
كما علمنا الباري تعالى في محكم كتابه العزيز قائلا : (ولا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) آل عمران 105
أن ما جرى ولا يزال يجري في العالم الاسلامي والعربي من جرائم القتل والترويع و إستهداف المساجد و أماكن العبادة و ماجرى من قتل العلماء والمصلين من أمثال العالم الرباني الشهيد محمد سعيد رمضان البوطي و كذلك تخريب و تدنيس مقام الصحابي الجليل الشهيد “حجر بن عدي الكندي” في منطقة عذراء بسوريا و نبش قبره بطريقة تجاوزت كل حدود الشرع والانسانية، و قبل ذلك الاعتداء السافر على قبور و مراقد أهل البيت(عليهم السلام) في العراق و مراقد الأولياء الصالحين في بعض الدول الافريقية والإسلامية و إضرام النار فيها و إحراق المصاحف الشريفة و آلاف الكتب القيمة و ما جرى أيضا من إستهتار و مهانة للقيم الدينية والانسانية و إعتداءات صارخة، كل ذلك جاء تارة بسبب صمتك وعدم تنديدك و إستنكارك بمن يمثل حتى بأجساد الأبرياء و إستئصال قلوبها و إخراجها من الجسد و لعقها، و تارة أخرى تأتي هذه الاعتداءات بعد حملات يقودها أمثالك بإستصدار الفتاوي الرخيصة التي تعطي الشرعية لهؤلاء الارهابيين والتكفيريين لإرتكاب مثل هذه الجرائم البشعة والبعيدة كل البعد عن الانسانية والأخلاق الإسلامية.
ومع شديد الأسف فإن أعداء الاسلام والمسلمين قد استخدموا واستغلوا تصريحاتك وفتاواك جسراً لمصالحهم وظلمهم وطغيانهم فهلا تأملت ودققت النظر في سبب تدخل الدول الاوربية وأميركا والدول العميلة في الدول الاسلامية و شن الحروب المدمرة من جهة، و قمع الشعوب المظلومة والمستضعفة في البحرين والسعودية من جهة أخرى.
لقد إدعيت في تصريحاتك الأخيرة بأنك (ظللت لسنوات تدعو للتقريب بين المذاهب و سافرت الى ايران، و إدعيت بأنه تم الضحك عليك وأن المتعصبين والمتشددين في إيران يريدون أكل أهل السنة)، بينما العالم يجمع بأن أبناء الطائفة السنية يعيشون مع أخوانهم الشيعه في الجمهورية الإسلامية في إيران في أعلى قمة من السلام والوئام والمودة والمحبة و ما تشهده إيران من وحدة إسلامية قل نظيرها في العالم العربي والإسلامي.
وقلت:(بان مشايخ السعودية كانوا انضج مني وابصر لانهم عرفوا هولاء على حقيقتهم).
ولا يخفى أن الذي يغرر به بهذه السهولة ليس من المستبعد أن ينقلب غداً على أصدقائه الجدد كما فعلت اليوم لعدم بصيرتك ونضجك و إن تصريحاتك الأخيرة تدل على تذبذبك في إطلاق الفتاوى والمواقف المبدئية على الساحة الإسلامية.
وهنا ينبغي التنوية الى أن حزب الله لم يقم في أي يوم من الايام باستهداف السنة بل شاركهم في حربهم ضد الصهاينه الغزاة و حقق إنتصاراً تاريخياً مع حركة حماس والجهاد الاسلامي السنية بحيث لم يتمكن حكام الدول العربية المتخاذلة تحقيقها منذ عقود.
كما تأتي دعوتك التحريضية في حين أن الجهود جارية لحل الأزمة السورية سلمياً لكن أمثالك من الذين أصبحوا من الذين يؤججون نار الفتنة و أتون الحرب و يعملون خلافاً لقول الله عز وجل في الآية الكريمة (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يحب المقسطين) الحجرات 9.
إن تصريحاتك التحريضية واتهاماتكم ضد الآخرين تخدم مصالح أعداء الإسلام و تخدم الأفكار الظلامية التكفيرية التي تكشفت بوضوح للجميع، و من المؤسف فإنك معروف في الأوساط العلمية والشعبية بأرائك و فتاواك المتقلبة المتذبذبة كالحرباء التي لا تستقر على لون معين.
انه من العيب يا شيخ أن تصف حزب الله والمقاومة الذين يحاربون و يقارعون الكيان الاسرائيلي الغاصب بأنه حزب الطاغوت وحزب الشيطان وتصف السيد حسن نصر الله قائد المقاومة الاسلامية الشجاع والمجاهد الذي كان ولا يزال فخراً وعزاً للمسلمين والعرب بكلمات نابية لا يليق بإصدارها من أمثالك.
كنا ننتظر منك أن تقف و تساند الشعوب العربية المسلمة في ثوراتها وصحواتها ضد الحكام المستبدين والقوى المستكبرة، كما كنا ننتظر مساندتك لشعبي البحرين والسعودية المسالمين والأعزلين ضد القمع والقتل والترويع الذي ارتكبته ولا تزال ترتكبه السلطات هناك ضد الذين يطالبون بحقوقهم المشروعة والعادلة.
فألله الله في دين الناس و دمائهم وأعراضهم فإن أي قطرة دم تراق في الدول الاسلامية التي يسكنها السنة والشيعة يشترك فيها من دعم و وقف مع الارهابيين التكفيريين.
إن كلامك وتصريحاتك هذه تتنافي مع أهداف الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين والذي قام من أجل القضاء على التعصب والتفرقة والقيام بالدعوة الى الاعتدال حسبما جاء في الميثاق الاسلامي للاتحاد.
إن هذه التصريحات الجارحة واللامسئولة تبعث الاحقاد والضغائن في نفوس المسلمين مما يعني زرع الانطباعات السلبية في نفوس المسلمين تجاه بعضهم البعض وزرع الحقد والكراهية والفتنة بين أبناء الأمة الإسلامية الواحدة.
إن كلامك وتصريحاتك التحريضية الأخيرة تصب في مصلحة اليهود والصهاينة والنصارى الذين يحذرون من حزب الله والمقاومة الاسلامية بعد هزيمة الجيش الاسراييلي عام2006 م أمام حزب الله لذلك فإننا ندعوك الى ترك هذا الجدل والتعاون على خدمة الاسلام والمسلمين والوقوف في وجه الأعداء الذين تخدمهم مثل هذه التصريحات اللامسؤولة والتي تؤدي الى تعميق الصراعات والخلافات بين عامة المسلمين.
نعم؛ إن حزب الله وإيران قد مولتا ودعمتا ولا يزالا ـ وليس سراً ـ المقاومة الإسلامية في فلسطين المحتلة ولبنان. وهذا الدعم الذي أنتج نصراً و تحريراً لأرض عربية وإسلامية محتلة بينما الأموال الخليجية أنتجت فتنة وعمالة وخضوعاً وخنوعاً للإدارة الاميركية الصهيونية وهذا هو الفرق.
إننا مرة أخرى نؤكد إستغرابنا و شجبنا لهذه التصريحات إذ لم نسمع عنك أي موقف ضد التبشير المسيحي الذي يراد منه إخراج المسلمين عن دينهم و ربطهم بدين آخر.
إننا على ثقة بأن انحيازك للجماعات الإرهابية والتكفيرية و من يقف وراءهم من الأنظمة العميلة للإسكتبار العالمي والصهيونية سيحقق مزيداً من العنف والفتنة الطائفية والمذهبية و سوف يعكس مردودات هذا العنف والارهاب على الأنظمة نفسها في المستقبل و يتحمل مسئوليتها بين يدي الله والشعب والوطن كل من ساهم بأي وسيلة في إثارة نار الفتنة.
في الختام نكتب هذه الكلمات و كلنا أسف لئن ينشغل قائمة علمية في العالم الاسلامي في إتخاذ مواقف تثير الفتن والنزاعات بين أبناء الأمة الإسلامية بدلا من إنشغاله بهموم الأمة الاسلامية والتقريب بين أبنائها.
والعاقبة للمتقين ولاحول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
(وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) الشعراء 227
محمد حسن أختري
الأمين العام للمجمع العالمي لأهل البيت(ع)