دائما أقول لتلامذتي خاصة طلبة وطالبات كليات الإعلام إن دعم تليفزيون الدولة ضرورة حتمية للارتقاء بمستوى آداء الإعلام ويسير ذلك جنبا الى جنب مع ثقل مهارات الإعلاميين لاسيما الشباب منهم الذين يخطون أولى خطواتهم المهنية بواسطة برامج تدريب حقيقية وقد لفت نظري خبرا مؤداه أن كثيرا من القنوات الفضائية الخاصة تعاني من أزمات مالية ولما لا وحصيلة الإعلان فيها لا يتعدى مليارا ونصف المليار جنية في حين أن جملة انقاق هذ القنوات يتعدى ال 6 مليارات جنية – وهذه الارقام من مصادر موثوق فيها من داخل احدى هذه القنوات – الأمر الذي آدى الى الاستغناء عن بعض العمالة فيها وهذا يؤكد ان اعلام الدولة كان وسيظل رغم ازماته المالية والمهنية سند الإعلام الوطني – عام وخاص – ويكذب من يراهن على انهياره او يحاول الإدعاء زوا وبهتانا ان مصر بعد انصراف المشاهدين عن قنوات وشبكات ماسبيرو لا حاجه للاعلام الرسمي واعتقد ان هذا حق يراد به باطل حيث رغم كل ازماته ظل ماسبيرو صامدا متمسكا بدوره في تقديم إعلام يحافظ بتوازن على اهدافة في التثقيف والاخبار والترفية بلا تدني أو إسفاف فلم نشاهد على شاشات التليفزيون المصري خروجا على قيم المجتمع او خدشا للحياء بتقديم برامج تتناول موضوعات تشجع على الإباحية والسفور تحت شعار الجرأة وأنه لاحياء في العلم ووصل ببعض هذه البرامج ان يضع علامة ( +18 ) اي ممنوع المشاهدة لأقل من ثمانية عشر عاما وتذاع في اوقات كل الاطفال والمراهقين مستيقظون وكأنها تدعوهم الى المشاهدة من منطلق الترويج لتفعيل مبدأ الممنوع مرغوب !
وهذا نموذج ضمن العديد من النماذج التي تعكس أن الإعلان هو المتحكم اليوم في صناعة الإعلام رغم أن الإعلان لم يقدم ما يتمناه المسئولون عن الإعلام الخاص بدليل الفارق بين العائد منه وجملة الإنفاق والذي يقدر بحوالي 4 ونصف مليار جنيه ولأن ماسبيرو قد خرج من المنافسة على كعكة الإعلان مبكرا لسوء تقديره او للتآمر عليه بعد عام 2011 فإن ذلك جاء لصالحة حفاظا على وسطيته وإنسجاما مع قيم وأخلاق المجتمع ولم يتأثر بحالة الفوضى التي تسود مولد ” سيدنا الإعلام ” الذي يتميز بقدرة فائقة على تحويل الراقصات ولاعبي كرة قدم والممثلين وغيرهم الى مذيعين ومقدمي برامج رغم أنهم نجوم في مجالاتهم !
ولاشك ان زيارة رئيس الوزراء إبراهيم محلب لمبنى ماسبيرو العريق مؤخرا قد أزال الكثير من اللغط بشأن مستقبل الإعلام الرسمي الذي أكد أنه سيظل واجهة الدولة المصرية ولما لا وقد أثبت خلال الفترة الأخيرة أنه على مستوى المسئولية عندما نجح في تغطية عدد من الفعاليات والأحداث الجارية من بينها المؤتمر الإقتصادي في شرم الشيخ ثم مؤتمر القمة العربية الأخيرة بمهنية وكفاءة عالية.
إن كل هذا يدعونا الى حث حكومة المهندس محلب على دعم ماسبيرو ماديا ومعنويا لأن هذا يمهد بالإسراع بتنفيذ ما نص علية دستور 2014 من إعادة هيكلة الإعلام الوطني من خلال تشكيل المجلس الأعلى للصحافة والإعلام كما ان الرأي العام ينتظر ان يتم التوضيح له لماذا هذا التأخير لإنجاز هذه الخطوة ؟ والتي يجب ان تتلوها خطوة اخرى مهمة وهي إنشاء اول نقابة مهنية للاعلاميين حيث أننا نلاحظ ان ثمة تعتيم على هذه النقابة منذ ان ارسل الى الحكومة مشروع قانون تأسيس النقابة منذ عدة أشهر وخفتت الأصوات المتحمسة للنقابة فهل حدث جديد ادى الى هذا الصمت ؟ أم أن الازمات التي يعاني منها الإعلام غطت على اي تفكير في خروج النقابة الى النور رغم أن وجودها سيؤدي بلا شك الى إيجاد حلول لتلك الأزمات بل يمكن القول انها ستضبط إيقاع آداء الإعلام العام والخاص من حيث الشكل والمضمون وتنقذ الإعلام والإعلاميين من هوجة مولد سيدنا الإعلام الذي نصبه تجار وسماسرة الإعلان بعيدا عن ماسبيرو .