الحالة الفكرية التي يشهدها المجتمع حاليا لا تخرج عن اطار من العشوائية نتيجة عدم الاستقرار الذي عانينا منه خلال الفترة الماضية ما دعا البعض الى التغول في سرد اطروحات صادمة ليست بجديدة لكنه ليس توقيتها ولا مكانها لماذا ؟ لأن هناك من سيستغل هذه الإطروحات سياسيا او بعبارة أخرى الترويج لتيار او جماعة اسدل الشعب عليه او عليها الستار غير أن الأذيال مازالت قابعة متربصة خلفها تتحين الفرصة لضرب اي انجاز في مقتل ونلاحظ أن المناخ يصبح مواتيا كلما سادت الفوضى خاصة فيما يتعلق بأكثر الأمور حساسية لدى المصريين وهو الدين ونوضح باننا أمام نموذجين الأول يتعلق بدعوة خلع الحجاب الذي اصبح احد سمات شكل او مظهر المرأة المصرية بل دعنا نقول العربية والاسلامية وأرى أن الدعوة مختلفة تماما عن دعوة هدى شعراوي عام 1923 حبث انها جاءت في ظل الاحتلال البريطاني لمصر واستهدفت تفعيل دور المرأة المصرية في مقاومة المحتل أما دعوة اليوم ما هو غرضها ؟ لا أعتقد ان ثمة هدف وطني وراءها لكن فيما يبدو محاولة لمسايرة نظرية الفوضى الخلاقة التي تريد تدمير المجتمع ذاتيا وليس اسهل من التسرب من خلال الدين لتحقيق هذا الهدف ومن هنا يقدم أصحاب هذه الدعوة للظلاميين هدية النيل من ثورة ال 30 من يونية التي اسقطتهم رغم أن الحجاب من حيث الشكل هو التزام بتعاليم ديننا الحنيف ولكنه من حيث الجوهر ليس دليلا على التدين لأنه في ابسط معانية علاقة العبد بربه ولا تحتاج الى إثبات الدليل بالحجاب او بغيره إذن في التحليل الأخير يجب أن نتعامل مع ظاهرة التحجب بأنها سمة مجتمعية تدخل فيها عوامل الاختيار الشخصي بلا قصر أو إجبار ويصبح حقا طبيعيا من حقوق المرأة سواء في ارتدائة أو خلعة لا يحتاج الى حملة دعائية لمناهضته لأنها ستصبح كمن يسبح ضد التيار .
النموذج الآخر يرتبط بحرية الفكر الديني الى حد انتقاد الموروث الديني واتعجب لماذا في هذا التوقيت ؟ أليس هذا محاولة لاعطاء البعض الفرصة لتكفير المجتمع وتقديم غطاء سياسي له لكي يتسرب الى المجتمع من جديد لاسيما ونحن مقبلون على انتخابات برلمانية سيجد احدهم في هذا الطرح معبرا للحصول على مقعد تحت قبة البرلمان ومرة أخرى ما أسهل التأثير بالدين على توجهات الناخب المصري لكن ما السبب في وجود مثل هذه الاطروحات التي قد يكون بعضها او كلها صادم لفكر وعقل المجتمع ؟
بصراحة لو كان هناك من يتصدى للاجابة على تفاصيل الرؤى النقدية للموروث الديني لما وجدت الفرصة لحدوث هذه الفوضى التي يرى فيها البعض شكلا من أشكال حرية الفكر والإعتقاد وهذا ينقلنا للحديث عن دور الأزهر الشريف الذي يقود عملية التنوير – او هكذا هو مفترض – وتناولنا اكثر من مرة اهمية تطوير الخطاب الديني خاصة ان فكر ديننا الحنيف لا يعرف الكهنوت ويقوم الدعاة من الازهريين بهذا الدور ولكن للأسف القلة هي المتمكنة التي تمتلك أدوات الأقناع والحجة بالحجة بعبدا عن إتهام الرأي المخالف بالخروج عن الدين لدرجة ان البعض حاول ان يدفن رأسة في الرمال ودعا الى اهمال هذه الإطروحات ومقاطعة او تكميم أفواه منابرها دون الرد عليها وهكذا يصبح المواطن العادي المتدين بطبعة غير المتخصص ضحية فوضى الأفكار التي تنتقد السلف بحق او بدونه .
إذن إحياء دور الأزهر ضرورة في هذه المرحلة لمواجهة فوضى الافكار وحتى لانعطي الفرصة لكي تسود افكار الفوضى وهذا ما يريده من بشر بنظرية الفوضى الخلاقة مستخدما التأثير السلبي للقوى الناعمة لاحداث التغييرالعكسي المطلوب في المجتمعات العربية والاسلامية ومنها الاعلام وتلك قضية أخرى !!