هم هناك تحت قيظ الشمس , وفى درجة حرارة لا يتحملها أحد , يجلسون فى انتظار رجوع ” المرسي المنتظر ” , معرضون لكل شيء , ولأي شيء , ينادي فيهم زعماء الميدان ” نحن هنا , لن نتحرك , ولن نغادر , سنبقى إلى أن يعود الرئيس ” مرسي” , مع أن العقل والمنطق , وحتى اللامنطق واللامعقول , يقضى باستحالة رجوع ” مرسى ” مرة أخرى للحكم , يهدد بعضهم بأن العمليات الإرهابية فى سيناء لن تتوقف إلا بعودة ” مرسي ” , ويهدد أخر بأنهم سيفعلون كل شيء وأي شيء فى سبيل عودة ” مرسي ” , ويدعو أحدهم معتصمي الإشارة بإطلاق اسم ” مرسي ” على كل طفل ذكر تنجبه نسائهم لحين عودة ” مرسي ” !
هم هناك , منذ 23 يوماً , أى قبل 30 يونيو بأسبوع , دعماً للشرعية التي أوهمهم بها قياداتهم , والتي لا زالت أيادي بعضهم ملوثة بدماء الرئيس ” السادات ” , وضحايا معبد الأقصر فى الثمانينات .
هم هناك , معتصمون ! , مع كل خبر جديد يأتيهم من المنصة يكبرون , حتى وإن كان خبراً خطيراً ومرعباً , كخبر تحرك سفينتين أمريكيتين باتجاه مصر , لغزوها ومحاربتها بسبب عزل ” مرسي ” , وما أسماه قياداتهم بـ ” الانقلاب العسكري ” على ” مرسي ” .
هم هناك يُقتَلون يومياً ” قتلاً معنويا “ً , فى كل يوم يموت فيهم شيئاً جديداً , تستخدمهم الجماعة ” سلماً ” للوصول إلى أطماعها , تراهم دائماً فى الصفوف الأولى ” فى وجه الموت ” , أدوات ودمى , يستخدمها قياداتهم المضللة , ويستغلونها باسم الشرعية والدفاع عن الاسلام , بعد أن أوهمهم قياداتهم بأنهم هناك للدفاع عن الإسلام , وحمايته من السقوط , مع أن الاسلام لم يسقط , وهو أكبر وأعمق من أن يدافع عنه أحد , وحتى الأن لم تُجبر امرأة على خلع حجابها أو نقابها , ولم يُجبر شيخ أو شاب على حلق لحيته , لم يأمر أحد بأن يسير الجميع فى الشوارع عراة !
هم هناك , يستمعون يومياً لترهات قياداتهم ورؤاهم الغافلة , والتى أصبح ” النبي الكريم محمد ” (صلعم) قاسم مشترك فى رؤاهم جميعا , أتسائل , لو أنه بيننا الأن , هل كان سيرضى بأن يذكر اسمه هناك , هل كان سيرضى بأن يطلق البعض منهم أكاذيب , ويختلق أعذار ليبرر أطماعه وأكاذيبه , هل كان سيرضى بأن تُغسل عقول جزء من أمته باسم الدين , وهو منهم براء , ” بئس ما تفعلون ” .
هم هناك , يبرر لهم قياداتهم ” رمي الأطفال من فوق أسطح المنازل , العمليات الإرهابية ضد القوات المسلحة وضد الشرطة فى سيناء , ذبح القبطي مجدى لمعي ” , وفى نفس الوقت , يستنكرون ويشجبون قتل اخوانهم المعتصمين , أمام مبنى الحرس الجمهوري , أثناء صلاة الفجر فى الساعة 4:45 صباحاً , مع العلم بأن صلاة الفجر موعدها الفعلي 3:15 صباحاً , فأي فجر كانوا يصلون !
هم هناك , فى بيئة صالحة لصناعة إرهابي , وأستعير هنا كلمات صديق عن صناعة الارهابي حين قال ” الإنسان يولد على الفطرة , فلا يولد الإرهابي إرهابياً منذ صغره , ولكن الإرهابي يُصنع بالكلمات , وما يُبث في العقول من سموم هناك كفيل بخلق جيش من الإرهابيين , يحملون السلاح ضد جميع أبناء الوطن , لا يهابُه دمائُك وستجد نفسك صريعاً , ضحية كلمات مُتخلفة .
هم هناك , يواجهون أمراضاً تسببها لهم الحرارة الشديدة , التى يهربون منها برش المياه أو المطهرات , باستخدام بخاخات مخصصة لهذا الغرض , يطوف بها بعض معتصمي الإشارة , وسط أحاديث هنا وهناك عن انتشار الجرب , واصابة بعض الأشخاص بالجذام , وهو ما نفته وزارة الصحة ومستشفي مدينة نصر , لكن أمر انتشار الأمراض وارد , خاصة وهم يعيشون فى ظروف سيئة ,ظروف غير انسانية , حتى أن مظهرهم يذكرني بمظهر اللاجئين , الذين لا أوطان لهم !
هم هناك , فى مكان تصدر لهم فيه الأوامر بالتحرك , فيتحركوا دون تفكير أو وعي , تصدر لهم أوامر باقتحام مبنى الحرس الجمهورى , والتى ثبتت فى أكثر من رواية , وفيديو وشهود عيان من أهالى المنطقة , فيقتحموا المبنى وتبدأ المناوشات والاشتباكات , التى تحولت بعد وقت قليل إلى حرب شوارع , وقع فيها ضحايا من الجانبين , وإن كان معسكر الذين يعتصمون ” هناك ” , ضحاياه أكبر من المعسكر الأخر .
هم هناك , بعد أن نجحت قياداتهم فى معاداة الجميع ” جيش , شرطة , إعلام , قضاء , ليبراليين , أحزاب مدنية , قوى ثورية , وحتى البسطاء من أبناء مصر , نجحت قياداتهم فى كسب عدائهم ” , ليصبحوا فى النهاية معسكر وحيد صغير , لا شرعية ولا تاريخ صلاحية له , بعد ان انتهت صلاحيتهم بالفعل بين المصريين .
هم هناك , فى مجتمع أقل ما يوصف به هو أنه مجتمع ” جاهل ” , هناك توجد الخرافات , الأكاذيب , الشائعات , غسيل العقول وتبرير اللامعقول , ونزول خاص لـ ” سيدنا جبريل ” لدعمهم , حسب قولهم وقول قياداتهم .
هم هناك , يوهمونهم أنهم الحق , وأن الملايين الغفيرة التى خرجت 30 يونيو , خونة وعملاء وضد الإسلام , يوهمونمهم بأنهم ” قلة مندسة ” , مع أن القلة المندسة هذه , وصفتها وكالات الأنباء العالمية بطوفان بشري لا ينتهي ! .
أنتم هناك , ضحايا ولستم جناة , مجني عليكم ومفعول بكم , ولستم فاعلون , لا أعلم تحديداً , ما الذى يمكن ان نقدمه لكم فى هذا الوقت , لكن أعتقد أن الحوار معهم على المستويات الصغرى هو الحل , بعيداً عن قياداتهم , وعن البيئة العنصرية التى يعتصمون فيها , ” أخي وأختى ” التى تسكن ” هناك ” , لا يوجد أحد ضدك أو ضد الإسلام , عندما خرج المصريون فى نهاية يونيو بعد عام على تولى ” مرسي ” مقاليد الحكم فى البلاد , خرجوا من أجل العيش والحرية والكرامة والعدالة الإجتماعية , خرجوا لأن المشاكل لم تنتهي , خرجوا لأن الكهرباء كانت لا تزال مقطوعة , خرجوا لأن جنود مصر يُخطَفُون فى سيناء , خرجوا لأن معارضي الرئيس سُجِنُوا , خرجوا لأن المعارضة اتهمت بالكفر والإلحاد وبالوقوف ضد المشروع الإسلامي الذى لم نسمع عنه إلا من خلال قياداتهم , وبالوقوف ضد مشروع ” النهضة ” , الذي اتضح أنه لا يختلف كثيراً عن ” فنكوش ” عادل إمام , خرجوا لأن قياداتكم أقصتهم من الحياة السياسية , خرجوا لأنها كانت تريد أن تفرض عليهم واقعاً مريراً تنعدم فيه الحقوق والحريات , خرجوا لكى لا نصبح دولة تابعة للنظام الأمريكي الذى تزأر اصوات قياداتكم بكرههم , مع أنهم ” من تحت الترابيزة حبايب ” ! , خرجوا لأن الوطن , كان على وشك أن يُقَسًمْ ويُشَتًتْ ويُمَزًقْ , على يد جماعتكم وقياداتكم , خرجوا بعد أن زرعوا الفتنة بيننا وبينكم , اخي وأختي الذين تعتصمون ” هناك ” أفيقوا وانتبهوا , بئس ما تفعله بكم جماعة أنتم أخر همها .