أكد الرئيس السوري بشار الأسد انه منذ الاسابيع الاولى للنزاع الذي شهدته سوريا، تسلل الارهابيون الى بلاده بدعم من دول إقليمية وغربية و بدأوا بمهاجمة المدنيين و تدمير ممتلكات عامة و خاصة.
جاء ذلك خلال مقابلة تليفزيونية بين الرئيس السوري و قناة “فرانس ٢” الفرنسية – تمت إذاعتها مساء اليوم الاثنين – ردا على سؤال حول مدى مسؤوليته عن الوضع الحالي في سوريا، حيث ان الرأي العام الفرنسي يرى في أغلبه انه بدرجة كبيرة مسؤول عن الفوضى في سوريا نتيجة عملية القمع الشديدة التي شهدتها البلاد منذ أربع سنوات.
و قال الرئيس السوري :” ان دورنا كحكومة هو الدفاع عن مجتمعنا و مواطنينا، و اذا كان ما تقولون صحيحا، فكيف لحكومة أو رئيس تعامل بقسوة مع شعبه و قتل مواطنيه و واجه الدول و القوي السياسية الأكثر نفوذا في العالم، ان يصمد على مدى أربع أعوام، فهل من الممكن ان نحصل على دعم الشعب حينما نتعامل بقسوة معه؟”
و ردا على سوْال عما اذا كان الآلاف الذين تظاهروا في بداية الاحتجاجات كلهم جهاديون، أجاب الرئيس بشار الأسد :” بالطبع لا و لكن السؤال الأخر الذي يجب أن نطرحه هو كيف قتل أول شرطي في اليوم السادس للاحتجاجات؟ فهل قتل في مظاهرات سلمية أو بواسطة مكبرات الصوت التي يستخدمها المتظاهرون، فقد قتل على يد ارهابيين فثمة شخص صوب سلاح ناري نحوه ليقتله بغض النظر هو جهادي ام لا فهو ارهابي لانه قتل رجل شرطة”.
و حول الكثيرين الذين طالبوا بالمزيد من الحرية و الديمقراطية اضاف:” ان كل شخص لديه بالتأكيد الحق في المطالبة بالحرية و هو ما يجب ان تسانده اي حكومة وفقا للدستور، و لكن هل الحرية تعني قتل المدنيين و أفراد الشرطة، فضلا عن تدمير المدارس و المستشفيات و البنية التحتية و شبكات الكهرباء ، فكل ذلك لا تمتلكه الحكومة بل الشعب السوري باعتبارها ممتلكات عامة.. فهل هذه الحرية في نظركم؟”.
و حول ما يقال ان النظام السوري ساهم في ظهور تنظيم الدولة الاسلامية ليقدم نفسه كحائط صد أمام هذا التهديد، أكد بشار الأسد أن تنظيم الدولة الاسلامية نشأ في العراق في ٢٠٠٦ حينما كانت تحت سيطرة الأمريكيين، فتنظيم داعش انتقل من العراق الى سوريا لان الفوضى مثل العدوى، عندما تكون على الأبواب يجب ان تتوقعوا انها ستأتي إليكم “.
و مضى قائلا:” الفوضى أرض خصبة للارهابيين، فتنظيم داعش جاء الى سوريا بعد ان عمت الفوضى فيها و قبل ذلك كانت هناك جبهة “النصرة” التابعة لتنظيم القاعدة و من قبلهم الاخوان المسلمين، فكلهم شكلوا الأساس الذي ارتكز عليه تنظيم داعش للظهور”.
وحول سبب استخدام الجيش السوري لأسلحة عشوائية لا سيما البراميل المتفجرة التي تقتل العديد من المدنيين، قال بشار الأسد” لم نسمع أبدا داخل جيشنا بالاسلحة العشوائية و في الواقع لا يوجد جيش في العالم سيقبل باستخدام اسلحة لا يمكنها إصابة الهدف بدقة لأن ذلك سيكون بلا جدوى على الصعيد العسكري..”.
و أردف قائلا: ” و لكن عندما تتحدثون عن عمليات قتل عشوائية لا تميز بين المقاتلين و المدنيين، فالأمر هنا لا يتعلق بالسلاح و لكن بالطريقة التي ستسخدمون بها هذه الأسلحة و الدليل على ذلك الطائرات بدون طيار التي يستخدمها الأمريكيون في باكستان أو أفغانستان فهي تقتل مدنيين اكثر من الارهابيين بالرغم من كونها أكثر الأسلحة دقة في العالم”.
وعن وجود صور تظهر مروحيات تقوم بإلقاء براميل متفجرة على مدينتي حلب و حماة ،أكد بشار الأسد ان هذه الصور ليست دليل، و يجب التحقق من صحتها، مشيرا الى ان الجيش السوري لا يمتلك تسليح يمكن استخدامه بشكل عشوائي” و تساءل قائلا:” لماذا نقتل مدنيين فالهدف من الحرب هو كسب دعم الشعب فإذا قتلتم الناس لا يمكنكم البقاء في الحكومة او في الرئاسة فهذا مستحيل”.
وعما اذا كان النظام السوري أخل بالوعد الذي قطعه منذ عامين بعدم اللجوء الى أسلحة كيميائية و استخدم الشهر الماضي غاز الكلور في معركة إدليب، اكد بشار ان “هذه مزاعم حكومات غربية فسوريا تمتلك مصنعين لإنتاج غاز الكلور الاول تم اغلاقه منذ عدة سنوات بينما الأخر يوجد في شمال البلاد على الحدود مع تركيا و هو تحت سيطرة الارهابيين منذ عامين، و قد أرسلنا للأمم المتحدة وثائق رسمية في هذا الشأن و طلبنا منهم المجىء، فكان ردهم هو انهم لن يتمكنوا من الوصول الى هذا المصنع..اما بالنسبة لنا فالأسلحة التقليدية التي بحوزتنا اكثر فاعلية من الكلور”.
واضاف :” نحن دائما من طالبنا من المؤسسات الدولية إرسال بعثات للتحقيق في استخدام اسلحة كيميائية، فجنودنا تعرضوا منذ عامين لغاز “سارين” و دعونا الامم المتحدة لإجراء تحقيق.. فكيف نقدم على ذلك اذا كنّا نستخدمه، فكل ذلك عار من الصحة”.
و عما اذا كان هناك اتصال بين أجهزة الاستخبارات السورية و الفرنسية منذ هجمات يناير في باريس في ظل وجود عدو مشترك و هو تنظيم داعش، اجاب الرئيس السوري:” هناك اتصالات و لكن لا يوحد تعاون..فقد التقينا ببعض المسؤولين بأجهزة المخابرات الخاصة بكم و لكن لا يوجد تعاون”.
واضاف :”ان هؤلاء المسؤولين الفرنسيين جاؤوا الى سوريا و لكننا لم نذهب الى فرنسا…ربما أتوا لتبادل المعلومات و لكن هذا النوع من التعاون يجب ان يكون في الاتجاهين نساعدهم و يساعدوننا في المقابل… و لكن وفقا للسياسيين عندكم و الحكومة الفرنسية، فهم يريدون المساعدة في الوقت الذي يساندون فيه الارهابيين، و لكن الأمور لا تتم هكذا”.
و تابع:” اجتمعنا بهؤلاء المسؤولين بطلب منهم.. فلا يوجد لدينا ما نطلبه من اجهزة الاستخبارات الفرنسية فلدينا كل المعلومات عن الارهابيين”.
وبشأن استعداده للمبادرة باقناع الفرنسيين بانه شريك محتمل لبلدهم، قال بشار الأسد انه يتعين على الجانب الفرنسي قبل كل شىء إثبات انه لا يساند الارهابيين، و ليس متورط في إراقة الدماء في سوريا، فنحن لم نقتل فرنسي او أوروبي و لم نمارس الارهاب في بلدكم، فنحن لم نساعد من نفذوا هجوم شارلي إبدو بل أنتم الذين ساعدتم الارهابيين…فعندما تتغير السياسة الفرنسية الحالية الداعمة للارهابيين في سوريا سنكون مستعدين للحوار”.
وعما اذا كان الرئيس السوري يعتقد انه سيفوز بهذه الحرب و ان كل شىء سيعود كما كان سابقا، اكد الرئيس السوري “ان لا شىء سيكون كما كان في السابق، ” فالعودة الى نقطة البداية سيعني اننا لم نتطور و لم نستخلص العبر من هذا النزاع .. و لهذا يجب ان نعمل على تحسين الأمور”.
وحول استمراره في السلطة ، قال الرئيس السوري ” هذا لا يهمني فإذا أراد الشعب ان أرحل سأفعل على الفور، فلن يستطيع رئيس ان يحكم بدون دعم شعبه ..”.و تابع:” فالشعب لم يكن ليساند الجيش اذا كان لا يؤيدني و بالتالي لم نكن لنصمد طيلة أربعة أعوام”.