Breaking News

إبراهيم الصياد يكتب… “ثقافات غائبة عن حياتنا..!!”

تأملات : 
لماذا نتحرك ببطء على طريق التنمية ؟ الإجابة تتلخص في جملة بسيطة اننا نفتقد ثقافات غائبة عن حياتنا ودعونا نتناول بعضا منها فدائما لا نتحرك لمواجهة المشكلات إلا بعد وقوع الكوارث بعبارة اخرى إننا نفتقد لثقافة مهمة في حياتنا هي ثقافة ” الصيانة ” نترك الأمور تتداعى وتتصاعد حتى نفيق على حادث قطار او انهيار كوبري وماحدث مؤخرا في ماسبيرو من تعطل الإرسال نتيجة إنقطاع الكهرباء لا يخرج عن هذا الإطار والقول ب ” تذبذب ” التيار الكهربي يعني أن المشكلة قد لوحظت والسؤال لماذا لم يتحرك احد في شركة الكهرباء التابعة لوزارة الكهرباء او في قطاع الهندسة الإذاعية التابع لاتحاد الاذاعة والتليفزيون لمعرفة اسباب التذبذب وحل المشكلة ؟ واعتقد انه لو كانت ثقافة الصيانة جزءا من حياتنا ما شهدنا هذه الحوادث وينطبق ما أقوله على الصيانة من أصغر وأقل معدة الى أكبرها وأكثرها تعقيدا وخلال زياراتي لعدد من مقار التليفزيون في دول زرتها عربية واوروبية لاحظت أن الصيانة ليست دورية فقط إنما يومية حتى ولو كانت الأجهزة تعمل بكفاءة عالية وهذا السلوك المسئول والمتحضر يزيد من العمر الافتراضي للجهاز بينما نلاحظ ان العمر الافتراضي عندنا سواء للأجهزة او السيارات قصير جدا بالقياس الى الدول الآخرى حيث نجد البعض مثلا يستخدم السيارة وهو يعلم أن بها مشكلة صغيرة يتركها حتى تكبر ولا يتوجه للصيانة إلا اذا توقفت السيارة عن الحركة ويقاس على هذا المثل العديد من الامثلة الاخرى في حياتنا اليومية على سبيل المثال لا الحصر بالوعة مكشوفة الغطاء في نهر الطريق لانتحرك لتغطيتها الا اذا سقط فيها طفل صغير مزلقان متعطل لانسرع بإصلاحة إلا بعد وقوع حادث تصادم بين حافلة وقطار ويصدر بيان عقب الحادث انه تم اصلاح وانشاء العشرات من المزلقانات الأمر الذي يشير الى انه كان هناك إهمال في صيانة المزلقانات .
انتقل الى ثقافة اخرى غائبة عن حياتنا  هي ثقافة ” الجمال ” عندما زرت بلدا مثل تونس وجدت تناغما في ألوان جميع المباني وبصفة خاصة القديمة منها حيث تدهن باللون الابيض ” الناصع ”  الأمر الذي يعطي راحة للعين ويعطي انطباعا للزائر بنظافة وجمال المدينة وعندنا الأمر مختلف نجد كوكتيلا من الالوان الغريبة تظهر بها مباني العاصمة واتذكر ان محافظ الجيزة ذات يوم فكر بدهان مباني ميدان الجيزة بلون واحد واستخدم الجيرالابيض  ما ادى الى ظهور الميدان بشكل غريب والحقيقة إن الرجل حاول لكنه ” استرخص ” للاسف وتحول اللون الابيض خلال ايام للون الرمادي بسبب كمية الغباروالرمال المنثورة فوق قاهرة المعز يوميا من جبل المقطم ولم يفكر احد زرع الاشجار التي تمتص الاتربة والغبار لذلك شاهد القاهرة من الطائرة نهارا تجدها مغطاه بغيمة من الاتربة تعطي المباني لونا رماديا  .
ومن الثقافات الغائبة عن حياتنا ثقافة ” الالتزام ” وهنا اقصد عدم التزام المواطن المصري بالقواعد والقوانين بدءا من كسر الاشارة الحمراء في غياب رجل القانون حتى مخالفة العمارات والابراج الشاهقة التي تنهار على قاطنيها بسبب مخالفة في عدد الادوار او سرقة في مواد البناء وطبيعي أن هذا النوع من عدم الإلتزام هو نتيجة طبيعية لتفشي الفساد ! 
من هنا يمكن القول إن عدم الإلتزام بالقانون يخلق بيئة خصبة للفساد والمفسدين ويعطل اي محاولة لتقدم المجتمع ورقيه ومن هنا أرى ان قوة إنفاذ القانون هي أهم من القانون نفسه وفي ذات الوقت يجب أن نعلم اولادنا منذ نعومة  اظفارهم احترام القانون وعليه اذا تصورنا ان ثقافة الاهتمام بالصيانة وثقافة رفض القبح والتمسك بالجمال المتناغم وثقافة الالتزام بالقانون والتصدي بكل عنف للفساد انها ثقافات تسود حياتنا فإننا نصبح امام مجتمع يخطو بثبات نحو التنمية والتقدم !!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *