قررت محكمة جنايات بورسعيد في جلستها المنعقدة اليوم برئاسة المستشار محمد السعيد، تأجيل محاكمة 51 متهما إلى جلسة الغد، وذلك في قضية أحداث الاشتباكات والعنف والشغب التي جرت بمحافظة بورسعيد في شهر يناير 2013 ومحاولة اقتحام السجن هناك، والتي وقعت في أعقاب صدور قرار محكمة جنايات بورسعيد بإحالة أوراق عدد من المتهمين – في المحاكمة الأول لهم بقضية مجزرة ستاد بورسعيد – إلى مفتي الديار المصرية لاستطلاع الرأي الشرعي في شأن إصدار حكم بإعدامهم.. وجاء قرار التأجيل لاستكمال الاستماع إلى أقوال شهود الإثبات في القضية، ومناقشتهم في وقائعها.
استمعت المحكمة إلى شهادة اللواء أحمد محمد سراج الدين (المسئول عن تدريب الأمن المركزي بقطاع سيناء حاليا) والذي قال إن وقائع إطلاق الأعيرة النارية في يوم 26 يناير 2013 كانت تتم بصورة عشوائية، وفي كافة أنحاء بورسعيد.. مشيرا إلى أنه كان مكلفا والقوة التي كانت معه، بحفظ الأمن في محيط “المنطقة الصناعية”، وأنه عقب اشتعال الأحداث أصدور أوامره إلى القوات بالاحتماء وأخذ السواتر خاصة وأن تسليحهم كان قاصرا على قنابل الغاز فقط.
وأضاف أنه تم تكليفه بالانتقال إلى قسم شرطة العرب عقب ورود معلومات بأنه يتعرض لهجوم مسلح، وأن التعليمات التي وردت إليه بالمساعدة في رد العدوان عن القسم، لافتا إلى أنه انتقل بالفعل باستخدام مدرعة وعدد من القوات، حيث فوجىء بجمع من الأهالي ومن بينهم أشخاصا ملثمون قاموا بإطلاق النيران عليه فأصابته إحدى الأعيرة في قدمه.
من جانبه، قال الشاهد الرائد شريف إبراهيم محمود ضابط اتصال خدمات قوات الأمن المركزي، إنه كان متواجدا مع القوة الأمنية محل خدمته داخل حرم سجن بورسعيد، وأنه فور صدور قرارات المحكمة في قضية مجزرة ستاد بورسعيد، فوجىء الجميع بإطلاق كثيف للأعيرة النارية على القوات والسجن من جميع الاتجاهات، وأنه علم من زملائه بوفاة زميلهم الضابط أحمد البلكي وأمين الشرطة أيمن عبد العظيم جراء تلك الأعيرة النارية، وأنه شاهدهما بنفسه أثناء نقلهما إلى مستشفى السجن في محاولة لإسعافهما.
وذكر الضابط الشاهد أن اتجاه الأعيرة النارية كان مصوبا ناحية السجن، مشيرا إلى أنه قبل وقوع تلك الأحداث جرى شد وجذب بين قوات الأمن وبعض الأهالي من أسر المتهمين في قضية ستاد بورسعيد، إثر اعتقادهم أنه سيتم نقل المتهمين إلى مقر المحكمة بالقاهرة، ظنا منهم أن قوات الأمن المعينة للخدمة أمام السجن حضرت لترحيل المتهمين.
وأشار إلى أنه تم التنسيق بين الجهات الأمنية حتى صدر القرار بإدخالهم إلى السجن للاطمئنان أن ذويهم لازالوا موجودين ولم يتم ترحيلهم إلى القاهرة.. مشيرا إلى أن الأهالي وقبل صدور قرارات المحكمة، افتعلوا حالة من الهرج والمرج خارج السجن، وتم التعامل معها بإطلاق الغاز المسيل للدموع.
وأكد الشاهد أنه مع ارتفاع وتيرة إطلاق النيران صوب السجن والقوات، تسلم سلاحا آليا و50 طلقة، وقام بإطلاق الأعيرة النارية في الهواء أثناء توجده داخل حرم السجن، لمنع الأهالي من اقتحام السجن، مشددا على أن الرصاصات التي أطلقها في الهواء كانت بهدف الردع وحتى يعلم الجميع بأن الضباط مسلحون داخل السجن، ومن ثم الكف عن محاولات اقتحامه والابتعاد عنه.
وأضاف أنه رأي العديد من المجندين المكلفين بحماية السجن، وقد أصيبوا بحالة من الإحباط الشديد بعد أن علموا بمقتل اثنين من زملائهم، ومن ثم كان لابد وأن يتم إطلاق النيران في الهواء لإعادة الثقة داخل نفوس الضباط والمجندين والشد من أزرهم وإحكام السيطرة على السجن، وأيضا توصيل رسالة لمن يحاولون اقتحام السجن بأن القوات بداخل السجن مسلحة بالعتاد اللازم لمنع أية عملية اقتحام.
وأشار الشاهد إلى أن وقائع قتل بعض المواطنين خارج السجن، هي مسئولية مطلقي النيران من خارج السجن من المقتحمين وبعض ذوي المتهمين بالسجن الذين تواجدوا خارجه، موضحا أن الأعيرة النارية كانت تطلق من الخارج بطريقة عشوائية وأن أمين الشرطة أيمن عبد العظيم أصيب بالطلق الناري الذي أدى إلى وفاته عند البوابة الرئيسية للسجن.
كما استمعت المحكمة إلى شاهد الإثبات الرائد إيهاب جلال الدين عثمان بقطاع اللواء رفعت عاشور بقوات الأمن المركزي بحلوان، الذي قرر بتواجده في بورسعيد قبل يومين من الموعد المحدد لجلسة النطق بالأحكام في قضية ستاد بورسعيد، وأنه كان قائدا لإحدى تشكيلات فض الشغب داخل أسوار السجن، وأن تسليحه كان يتمثل في أدوات إطلاق الغاز، وأن عدد قوات التشكيل تكونت من ضابط وأمين شرطة و75 جنديا ومعهم 3 مركبات “لوري”..مشيرا إلى انه كان مكلفا بتأمين السجن، وأن تمركز التشكيل كان في الممر المؤدي إلى الباب الرئيس للسجن من الداخل، وهدفه منع دخول الأهالي إلى السجن.
وذكر الضابط أن كل تشكيل من تشكيلات الفض يسلح بـ 6 بنادق بواعث غاز ودخان، و3 خرطوش مطاط، و6 بنادق (5ر1) بوصة.
ونفى الشاهد إطلاق القوات لأية أعيرة مطاطية في ذات التوقيت، مشيرا إلى أنه بمجرد إعلان المحكمة لقراراتها بالإحالة إلى مفتي الجمهورية في قضية ستاد بورسعيد، طلب منهم المسئولون التحرك بالتشكيل لمنع دخول الأهالي واقتحام السجن.
وأضاف أن أمين الشرطة أيمن عبد العظيم الذي قتل في تلك الأحداث، كان من ضمن قوات التشكيل الذي كان يترأسه، مشيرا إلى أن إطلاق النيران كان كثيفا وعشوائيا، وأنه فور التبليغ بمقتل ضابط وأمين شرطة، طلبت القيادات الأمنية بالسجن إلى الضباط بتجميع القوات حتى لا يصاب أحد.
من جانبه، قال الشاهد الرائد أحمد إبراهيم حجازي بقوات الأمن المركزي قطاع اللواء رفعت عاشور، إنه كان على رأس تشكيل فض شغب، وكان متمركزا بداخل أسوار السجن.. مشيرا إلى أن تمركزه الأساسي كان أمام البوابة الرئيسية للسجن، غير أنه لدى تجمع الأهالي ومنعا للاحتكاك بهم، تم التنسيق مع إدارة السجن بالدخول، وأن لدى اندلاع الأحداث كان إطلاق الرصاص صوب السجن يتم بطريقة عشوائية، وأنه ردا على ذلك تسلم وعدد من الضباط الآخرين أسلحة آلية لتمكينهم من الدفاع عن السجن، غير أن السلاح المسلم إليه كان به عطل، ولم يكن قادرا على استخدامه في إطلاق الذخيرة الحية في الهواء بعد أن نفدت الذخيرة الصوتية.
كما استمعت المحكمة إلى شهادة الملازم محمد طلعت عبد الله، وتبين للمحكمة أنها يتكىء على عصا، فسألته المحكمة عن سبب إصابته وما إذا كانت بسبب أحداث بورسعيد موضوع القضية، فأوضح الضابط الشاهد أنه أصيب جراء قنبلة انفجرت فيه في جامعة حلوان في نوفمبر الماضي، حيث أصيب بشظايا في الساق اليسرى والوجه تسببت في كسر مضاعفا في الساق أسفل الركبة.
وقال الشاهد إنه كان متواجدا إبان وقوع أحداث بورسعيد، داخل نطاق السجن، مشيرا إلى أن السجن تعرض لإطلاق أعيرة نارية بصورة مكثفة، وعلى إثر ذلك تسلم من إدارة السجن سلاحا ناريا آليا للدفاع عن السجن، ثم شرع بعد ذلك في جمع الجنود بعدما أصيبوا بحالة من الانهيار.
وأضاف أنه أصيب في تلك الأحداث بشظايا عيار ناري، تسبب في نزيف دموي في وجهه ويده، لافتا إلى أنه لم يطلق طلقة واحدة من السلاح الآلي المسلم إليه، بسبب الإصابة التي تعرض لها، وأنه لا يعرف مصدر إصابته نظرا لأنه كان يتحرك بصورة سريعة داخل السجن.
وكانت التحقيقات التي باشرها قاضي التحقيق المستشار عمر الجوهري، قد كشفت أن المجني عليهم في تلك الأحداث موضوع المحاكمة، قد بلغ 42 قتيلا من بينهم ضابط وأمين شرطة، ووقع إصابات في أكثر من 79 مواطنا آخرين.
وجاء بقرار الاتهام أن المتهمين خلال الفترة من 26 إلى 28 يناير 2013 وآخرون مجهولون – بيتوا النية وعقدوا العزم على قتل 42 شخصا، من بينهم ضابط الشرطة أحمد أشرف إبراهيم وأمين الشرطة أيمن عبد العظيم أحمد، بالإضافة إلى 40 مواطنا آخرين، عمدا مع سبق الإصرار والترصد وأصابوا 70 آخرين، ذلك عقب قيامهم استغلال تظاهرة أهالي المتهمين في قضية ستاد بورسعيد حول سجن بورسعيد العمومي لمنع قوات الشرطة من نقل المتهمين من محبسهم لجلسة النطق بالحكم عليهم بمقر أكاديمية الشرطة.
وذكر قرار الاتهام أن المتهمين قاموا بإعداد الأسلحة النارية الآلية والخرطوش والمسدسات والذخائر الحية، وعدد كبير من الأسلحة البيضاء وقنبلة يدوية، واندسوا وسط المتظاهرين السلميين وانتشروا في محيط التظاهرة، وعقب صدور قرار المحكمة بإحالة أوراق بعض المتهمين لمفتي الجمهورية في القضية إيذانا بإصدار حكم بإعدامهم، قام المتهمون بإطلاق الأعيرة النارية صوب المجني عليهما من رجال الشرطة، ثم أطلقوا الرصاص بطريقة عشوائية على باقي المتظاهرين من المواطنين، مما أدى إلى سقوط عدد كبير من الضحايا والمصابين.
وأضاف أن قصد المتهمين من ارتكابهم جناية القتل العمد هو استعمال القوة وتخويف المجني عليهم لإلحاق الأذى البدني والمعنوي بهم، مما أدى إلى تكدير أمنهم وتعريض حياتهم وسلامتهم للخطر.. كما حاز المتهمون وأحرزوا أسلحة نارية مششخنة وذخائر حية وبنادق خرطوش بدون ترخيص وذخائر حية بالإضافة إلى حيازتهم عددا كبيرا من الأسلحة البيضاء و قنبلة يدوية.
وأشار أمر الإحالة إلى أن المتهمين خربوا الممتلكات العامة للدولة المتمثلة في سجن بورسعيد وشركة الكهرباء وكافة الأقسام الشرطية، لبث الرعب والخوف في نفوس المواطنين، كما ارتكبوا أيضا جنحة البلطجة من خلال استعمال القوة والعنف والتهديد ضد أشخاص مكلفين بالخدمة العامة.