شهدت الفترة الأخيرة ازدياد عملية الاتجار الأثار ، وقد ظهرت على الساحة العديد من القضايا التي اثارت الرأي العام ، وكشفت عن تورط العديد من المسئولين والقيادات الأمنية في الدولة ، وقد شهدت مصر تطورا كبيرا في تحديث قانون الأثار والذي كان يسمح في السابق بتهريب الأثار بطريقة مشروعة عن طريق نصوص ملتوية وبفرض عقوبات ضعيفة تسمح للمتاجرين من التهرب من العقوبة، إلى ان وصلت الان إلى تشيديد العقوبة لتصبح بالسجن المؤبد.
فقد كان قانون رقم 215 لسنة 1951 لحماية الاثار الذي صدر في عهد الملك فاروق ورئاسة مصطفى النحاس لمجلس الوزراء ، بداية لتهريب الاثار من مصر بطريقة مشروعة ، فقد نص القانون في مادته رقم 5 على ” لمجلس الوزراء بناء على طلب وزير المعارف العمومية وبعد موافقة المصلحة المختصة ان يخص في تبادل الاثر المكرر مع المتاحف أو الاشخاص او في بيعها او التنازل عنها للهيئات والافراد المرخص لهم في الحفر وفقا لاحكام هذا القانون”
وعلى الرغم من أن هذا القانون كان في الاساس لرفض الاتجار في الأثار، الا ان مادته رقم 24 سمحت بالاتجار ولكن بعد ترخيص من وزارة المعارف العمومية ويصدر بتنظيم هذا الاتجار قرار من وزير المعارف العمومية، كما سمحت مادته رقم 26 بتصدير الاثر بعد ترخيص من وزير المعارف العمومية.
كما ان العقوبات المقررة في ذلك القانون كانت ضعيفة للغاية ، حيث كان يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تتجاوز الخمس سنوات وبغرامة لا تقل عن خمسين جنيها ولا تتجاوز المائتي جنيها اذا كان الفاعل من الموظفين العاملين بالاثار او من عمال بعثات الحفر ، كما يعاقب بالحبس مده لا تقل عن 3 شهور ولا تتجاوز السنتين وبغرامة لا تقل عن عشرة جنيهات ولا تتجاوز المائة جنيه أو باحدى هاتين العقوبتين من تاجر بالاثار بغير ترخيص او جاوز شروط الترخيص ،او اجرى اعمال حفر بحثا عن الاثار دون ترخيص اوجاوز اعمال شروط ترخيص.
وفي محاولة لتطوير القانون ومنع الاتجار في الاثار ، اصدر المشرع القانون رقم 117 لسنة 1983 لحماية الآثار والذي جاء بعدة اخطاء كارثية ومنها ثبوت صفة الأثرية للعقار أو المنقول التي يمر عليها مائة عام من تاريخ هذا القانون فقط ، وهذا يعني ان كل اثر قبل تاريخ 1883 لا تثبت عليها صفة الأثرية.
وعلى الرغم من أن هذا القانون منع تجارة الاثار حيث اعتبر ان جميع الآثار من الأموال العامة – عدا ما كان وقفاً – ولا يجوز تملكها أو حيازتها أو التصرف فيها ، واعتبر من تاريخ العمل بهذا القانون يحظر الاتجار فى الآثار،ومنح التجار مهلة قدرها سنة لترتيب أوضاعهم وتصريف الآثار الموجودة لديهم من تاريخ القانون ، إلا انه جاء فيه أن لهيئة الاثار الحق فى أن تمنح البعثة المرخص له بالحفر في اخذ بعض الآثار المنقولة ، كما أن لها الحق فى اختيار الآثار التى ترى مكافأته بها دون تدخل منه وبشرط إلا يتعدى مقدار الآثار الممنوحة فى هذه الحالة نسبة 10 % من الآثار المنقولة التى اكتشفتها البعثة.
وعلى الرغم من انه وضع شروط بأن يكون لها ما يماثلها من القطع الأخرى من حيث المادة والنوع والصفة والدلالة التاريخية والفنية ، وعلى ألا تتضمن آثارا ذهبية أو فضية أو أحجارا كريمة أو برديات أو مخطوطات أو عناصر معمارية أو أجزاء مقطوعة منها، الا ان السماح بنسبة ال 10 % ساعدت على تهريب بعض الاثار .
واهم ما ميز هذا القانون انه شدد العقوبة بان جعل يعاقب بالأشغال الشاقة وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد على خمسين ألف جنيه كل من قام بتهريب أثر إلى خارج مصر أو اشترك في ذلك ، ويحكم في هذه الحالة بمصادرة الأثر محل الجريمة وكذلك الأجهزة والأدوات والآلات والسيارات المستخدمة فيها لصالح الهيئة .
ثم صدر القانون رقم 117 لسنة 1983 لحماية الاثار المعدل بالقانون 12 لسنة 1991 ، والذي لم يختلف كثيرا عن سابقه الا انه وضع العديد من الشروط والضوابط لمنح البعثات الاجنبية حق التنقيب عن الاثار داخل البلاد.
واخيرا جاء القانون رقم 3 لسنة 2010 لحماية الاثار والذي تدارك الاخطاء السابقة ، حيث جاء نص المادة الاولى “في تطبيق أحكام هذا القانون يعد أثراً كل عقار أو منقول متي توافرت فيه الشروط الآتية :
1- أن يكون نتاجاً للحضارة المصرية أو الحضارات المتعاقبة أو نتاجاً للفنون أو العلوم أو الآداب أو الأديان التي قامت علي أرض مصر منذ عصور ما قبل التاريخ وحتي ما قبل مائة عام.
2- أن يكون ذا قيمة أثرية أو فنية أو أهمية تاريخية باعتباره مظهراً من مظاهر الحضارة المصرية أو غيرها من الحضارات الأخري التي قامت علي أرض مصر.
3- أن يكون الأثر قد أنتج أو نشأ علي أرض مصر أو له صلة تاريخية بها.
وتعتبر رفات السلالات البشرية والكائنات المعاصرة لها في حكم الأثر الذي يتم تسجيله وفقاً لأحكام هذا القانون.
كما انه قرر في المادة 35 “ان جميع الآثار المكتشفة التى تعثر عليها بعثات الحفائر العلمية الأجنبية والمصرية ملكاً لمصر” ، وبذلك اوقف نسبة ال 10 % التي كانت تحصل عليها البعثات الاجنبية جراء اكتشاف الاثار .
وشدد العقوبة لتصبح يعاقب بالسجن المؤبد وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تزيد على خمسمائة ألف جنيه كل من قام بتهريب أثر إلى خارج مصر أو اشترك فى ذلك ، ويحكم فى هذا الحالة بمصادرة الأثر محل الجريمة والأجهزة والأدوات والآلات والسيارات المستخدمة فيها لصالح المجلس.