اللحظات الحاسمة..
شهر يونية يستدعي الى الذاكرة احداثا كانت منعطفا مهما في تاريخ الوطن سنحاول من خلال سلسلة من المقالات ان نرصدها في الفترة الواقعة بين عامي 2011 و 2013 وهو ما سجلته للتاريخ في كتابي اللحظات الحاسمة شهادة من قلب ماسبيرو فثورة الشعب في 30 يونية لم تأت من فراغ وسبقتها احداث جسام شهدتها مصر فيما يمكن تسميته ثلاثا من السنوات العجاف وبالنسبة لي كانت البداية الحقيقية بعد قيام ثورة 25 يناير 2011 بنحو شهرين عندما جاءتني مكالمة هاتفية من د.سامي الشريف رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون في ذلك الوقت يطلب مني الموافقة على تولي رئاسة قطاع الاخبار بعد ان ساءت احوال القطاع فنيا ومهنيا واداريا في الأشهر الأخيرة في إطار ما تشهده مصر من حالة مد ثوري بدأت في 25 يناير نتيجة ثورة العاملين حيث كانت كل الدلائل تشير الى أن الأمور ستسير على هذا النحو وكنت امر بلحظة فارقة في حياتي حيث أن هذا الموقع ما كان يمكن ان يأتيني خلال حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك لأني لم أكن يوما عضوا في الحزب الوطني الحاكم الذي أعتبرت عضويته شرطا لتولي المناصب الحساسة في الدولة ولاسيما الاعلام ولم اكن تابعا لاحد على مدار سنوات خدمتي التي بدأت بالتليفزيون منذ عام 1977 مذيعا ومحررا ومترجما اقول سبقت قرار تعييني رئيسا لقطاع الاخبار مجموعة من المقدمات ملخصا أن البعض راهن على إنهيار ماسبيرو وبصفة خاصة قطاع الأخبار الأمر الذي جعلني أقبل التحدي وأوافق على تولي المسؤولية في أصعب الأوقات التي شهدها الإعلام المصري بل شهدتها مصر كلها رغم أن هذا الموضوع لم يكن في ذهني على الإطلاق قبل قيام الثورة كما أوضحت من قبل .
قبل صدور القرار بحوالي 24 ساعة وتحديدا يوم الأول من ابريل اتصل بي هاتفيا د. سامي الشريف رئيس اتحاد الاذاعة والتليفزيون المكلف بالقيام باعمال وزير الاعلام وطلب مني الموافقة على قبول المنصب وطلبت منه اعطائي مهلة للتفكير وفي اليوم التالي وضح أن هناك من يحاول ان يدخلنا الى هذا التحدي بالرهان على انهيار المكان في الوقت نفسه استقبلت مجموعة من الزملاء في مكتبي واخبروني انهم ذهبوا لمقابلة د. عصام شرف رئيس مجلس الوزراء وطلبوا منه ان يكون رئيس قطاع الاخبار من ابناء ماسبيرو خاصة ان عددا من الصحف كانت قد طرحت بعض الاسماء لرئاسة وجميعهم من خارج المبنى لكن تم ترشيح اسمي لتولي هذه المهمة لما تسلمت رئاسة القطاع كانت هناك حالة من الاحتقان بين العاملين في ماسبيرو كله وفي قطاع الاخبار بشكل خاص حتى انني قلت إن الابتسامة كانت في ذلك الوقت غائبة عن الوجوه بعد الثورة واصبح الدور الخامس في ماسبيرو والأستديوهات على وجه الخصوص ثكنة عسكرية مدججة بالسلاح حيث كان يوجد ضابط من الحرس الجمهوري يرافق رئيس القطاع واعتقد نفس الشئ مع باقي رؤساء قطاعات الاتحاد كنوع من تأمين الاشخاص .
حتى مكتبي بالدور الخامس وجدت على ابوابه جنود من الحرس الجمهوري الذي كان يتولى مهام تأمين مبنى ماسبيرو من الداخل والخارج وعندما دخلت المكتب وجدت كاميرات مراقبة للصالون الملحلق والسكرتارية الخاصة و صالة تحرير الأخبار وستديوهات
وعلى الفور اصدرت عددا من القرارات كان أهمها إزالة الكاميرات كما طلبت أن يغادر الجنود ابواب المكتب ويتولى افراد من قطاع الامن تأمينه ويتم الاستفادة من جنود الحرس في اماكن اخرى واهمها طبعا استديوهات الهواء وأعتقد أن هذه الإجراءات الاولية والسريعة في البداية قد احدثت ارتياحا لدى العاملين الذين عادت البسمة الى وجوههم من هنا يمكن القول ان حالة الاحتقان التي كانت موجودة قد انتهت وهي حالة سلبية لاشك انها كانت تؤثر على جودة العمل وللحديث بقية .