ممنوع النقد. محظور النصح ممنوع الإرشاد أو التبصير. كل هذه الممنوعات تخص شخص الرئيس ممن يريد أن يحيطه بسياج من القداسة واعتباره «محمية طبيعية» يعد الاقتراب منها خرقاً للقانون أو نوعاً من الخيانة أو شكلا من أشكال التمرد خروجاً على الاصطفاف الوطنى. إذا أنت وجهت كلمة نقد أو نصح إلى الرئيس فأنت إما إخوانى أو عميل. إما إذا امتدحته حتى ولو كان ذلك بما ليس فيه فأنت وطنى تحب تراب هذا البلد. لا يحمى الرئيس أكثر من العدل ولا يحصنه سوى الحق.
تماهى الرئيس مع الوطن خاصية فرعونية قديمة يخبرنا التاريخ بأنها قد انتهت بالغرق. لأنها كانت أول خطوة على طريق الاستبداد والديكتاتورية حسب نظرية «ما أريكم إلا ما أرى». التى ترد على اللسان بصيغة رئاسية «خلقنى الله طبيباً يعرف الداء ويصف الدواء»!
النرجسية فى جانب، ويقابلها التملق والنفاق فى الجانب الآخر، هى التى أدت إلى عزلة الفرعون فى قفص من القداسة والتأليه. ولم يكن يقال له إلا ما يحب أن يسمع. ولا نريه منا إلا ما يريد أن يرى!
يريدون له أن يتعالى لا أن يعلو. وأن يترفع لا أن يرتفع. النفاق دعوة إلى التعالى وإغراء بالترفع. أما الذين يبصرونه ويرشدونه فهم أكثر من يريد له الارتفاع وليس الترفع والعلو وليس التعالى. ويبقى القانون الإلهى حاكماً «ولا تمشِ فى الأرض مرحاً إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا» فى مناسبة الحديث عن إنجازات الرئيس فى العام الأول من فترة حكمه أرى أننا قد عدنا إلى العبارة الشهيرة التى كانت تتردد بكثرة فى عهد المخلوع مبارك على لسان مرؤسيه، حسب توجيهات السيد الرئيس، وهى صياغة أخرى للآية القرآنية التى تصف الفرعون والفرعونية «ما أريكم إلا ما أرى».. «آمنتم له قبل أن آذن لكم».. الرئيس يقول لنا أنا لست قائداً ولا زعيماً «أنا واحد منكم». فيأتيه من يقول له لست واحداً منا ولكنك عطية الله لنا. أنت «رجل الأقدار». فوق رؤسنا رأسك الأعلى. وأكتافك الأطول!
هذا ما يقوله لنا بعض المنافقين الذين يقومون هذه الأيام بحملة لجمع التوقيعات لتأبيد الرئيس فى الحكم. وكأن غيره لا يستحق. وليس فى مصر من يصلح لها غيره. خلق لها وخلقت له!
الذين يقولون ذلك لأنه «رئيس بحجم مصر» يختزلون مصر فى حجم شخص من أبنائها. فيصغرون مصر. ولا يكبرون بالرئيس!
أنت الرئيس وقد خلت من قبلك الرؤساء!