نعيب زماننا والعيب فينا.. وما لزماننا عيب سوانا
ونهجو الزمان بغير ذنب.. ولو نطق الزمان لنا هجانا
تذكرت قول الامام الشافعى.. فى هذه الأيام من شهر رمضان الكريم.. شهر الصوم والعبادات وكبح جماح الشهوات.. الذى تحول إلى شهر للمأكولات والمسلسلات والسهر على دخان الشيشة فى الخيام والمقاهى والمنتجعات..
العيب لاشك ليس فى زماننا ولكن فى البشر.. ومن يقوموا على إدارة شئونهم..
المفترض فى هذا الشهر الكريم ان يصوم المسلمون ويقللوا من الطعام.. «صوموا تصحوا» ولكن ما يحدث هو العكس.. يكثر الناس من تناول الطعام والشراب وتمتلئ الموائد بكل مالذ وطاب.. وأقصد هنا الطبقات القادرة.. لانه لاعيب على الفقير أو الجائع الذى ينتظر قدوم هذا الشهر الكريم الذى ترق فيه قلوب المسئولين والأثرياء وتقام الموائد للفقراء والمساكين..
وفى هذا الشهر الكريم الذى ينبغى ان تكثر فيه العبادات وتلاوة القرآن.. تتسابق فيه الفضائيات لجذب المشاهدين بمسلسلات تكلفت هذا العام حوالى مليار و150 مليون جنيه. وتسابق النجوم على الحصول على أعلى الأجور.. وحصل الفنان عادل إمام وحده على 35 مليون جنيه عن دوره فى مسلسل أستاذ ورئيس قسم الذى آثار غضب واحتجاج أساتذة الجامعات الذين اعتبروا ان المسلسل يسيئ اليهم..
للأسف قطاع كبير من الناس يلهث وراء هذه المسلسلات لمشاهدتها.. ثم ينتقد الانفاق الضخم عليها.. قائلاً «الناس مش لاقية تأكل ويصرفون أكثر من مليار جنيه على المسلسلات»!،
حتى البرامج التافهة تجذب اعلانات بملايين الجنيهات.. والمشاهد يتساءل أليس من الأفضل ان توجه قيمة هذه الاعلانات لمشروعات مفيدة للناس فى الصحة والاسكان والتعليم.. ويكون مردودها للمعلنين أفضل..؟
ويقول المشاهدون أيضًا.. فلوس الاعلانات من جيوبنا وجيوب الغلابة لأن قيمتها تضاف على أسعار السلع المعلن عنها.. وكله من دم الغلابة..!
المشاهدون يلومون المنتجين.. ويصبون جام غضبهم على الفضائيات ولكنهم للأسف يقبلون على مشاهدتها.. فهم يعاتبون الاخرين على أعمالهم وأخطائهم ولايعيبون على أنفسهم.. اقبال المشاهد يشجع المنتج.. ويدفعه للمزيد من انتاج المسلسلات.. والبرامج التافهة والمسفة طالما يقبل عليها الجمهور.. والمعلنون.
ولكن إذا امتنع الجمهور عن المشاهدة.. فلن يستطيع المنتج ان يستمر فى انتاجه.. أو يرفع النجوم اسعارهم..
العيب فى الناس التى تقول إن هذا العمل سيئ.. ثم تقدم عليه.. وان هذا المسلسل ردئ ثم تشاهده..!
وهذا لا يختلف عن الموظف الذى «يزوغ» من عمله ثم ينتقد أوضاع الشركة التى يعمل بها.
نعاتب الآخرين على اخطائهم.. ولا نعاتب انفسنا على خطايانا..