وضع د. جمال حمدان رحمه الله يده على عبقرية موقع وموضع مصر الجغرافي في كتابة الاشهر شخصية مصر واذكر انه قال إن التاريخ ظل الزمان على المكان وان الجغرافيا ظل المكان على الزمان من هنا جاءت قوة مصر القومية التي تتمتع بموقع متوسط في خريطة العالم كان يمكن ان يجعلها بما تملكه من عبقرية المكان ان تصبح واحدة من اغنى واقوى دول العالم تذكرت هذه الحقيقة عندما حضرت الصالون البحري المصري الذي اسسه اللواء بحري محمود متولي وتحدث فيه اللواء شرين حسن عن الامن القومي من المنظور البحري ولفت نظري ما قاله ان مصر تمتلك موقعا جغرافيا يجعلها اذا اردنا ان تكون من اقوى الدول واكد ان كل المؤمرات التي تحاك ضد مصر هي للحيلولة دون الاستفادة من قوتنا او منعنا من الوصول الى مستوى من القوة يحقق اعلى درجات الامن القومي بمعناه الشامل لاننا دولة برمائية وجميعنا يرى ان مصر دولة بريه فقط حتى الدستور المصري لم يتطرق للمنظور البحري لقوتنا القوميه !
واتفق مع صديقي د. صفوت حاتم الذي اكد ان محاضرة اللواء شيرين حسن تثبت مقولة عكسية لمقولة هيردوت الذي قال إن مصر هبة النيل والحقيقة ان مصر هبة البحر وقال د. صفوت
” تخيلت اثناء المحاضرة ان اليابان دولة بحرية ليس بها موارد طبيعية كما في مصر ورغم ذلك تقدمت تقدما مذهلا لذلك مصر هبة ابنائها لو عرفوا قيمتها ..وقيمة موقعها البحري !!” ويضيف الصديق عبد السلام عبد الرازق ان مصر كلها موقع عبقرى فريد – جعلها مطمع عبر العصور – انها قلب العالم ومحوره وتساءل هل يوجد عالم من غير قلب ؟؟؟
o من هنا نرى أن دولا لا تمتع بعناصر قوة موقع مصر الذي يطل على البحرين الابيض والاحمر ويربط بينهما بقناة السويس هذه الدول استغلت ووظفت عناصر قوتها ما ادى الى تحقيق مستوى عالي من التقدم وساعدها على ذلك انها بعيدة عن مناطق اطماع ونفوذ الدول العظمى مثل ماليزيا وسنغافوره ودبي بمعنى ان موقع مصر منذ عصر الاستعمار التقليدي في القرن التاسع عشر لفت نظر الاخرين ومن ثم حرصوا حتى الان على تجنيب المصريين استغلال قوتهم الحقيقية التي في جزء كبير منها القوة البحرية ويؤكد هذا التوجه فشل تجربة المنطقة الحرة في بورسعيد لانهم اوهموا السلطات المصرية في عام 1974 ان المنطقة الحرة الاستهلاكية هي النموذج الافضل حيث سيدر عائدا سريعا تستفيد منه خزينة الدولة وسكان المنطقة الحرة خاصة ان مصر كانت منتهية لتوها من حرب اكتوبر 1973 واتصور أنه لو كانت المنطقة الحرة انتاجية وليست استهلاكية فقط كان الامر وبعد 41 عاما الامر اليوم مختلفا حيث كانت مصر ستتحول الى نقطة للصناعات الانتاجية والتجميعية مثل السيارات والاليكترونيات واذا كانت قناة السويس في تقليل تكلفة نقل المنتج من بلد المنشأ الى البلاد المستورده فما بالكم ان كانت مصر نقطة انتاج لنفس المنتج ستكون التكلفة اقل الخلاصة اننا لم نستغل هذه الميزة النسبية واستغلتها مناطق اخرى مثل المنطقة الحرة في جبل علي بدبي بعد تجربة المنطقة الحرة في بورسعيد بحوالي عشرين عاما لتصبح اليوم دبي واحده من اكبر المناطق الحرة في العالم .
كما ان الدور الاقليمي لمصر كان احد عوامل تنبيه المصريين لمصادر قوتهم ولهذا خلال فترة حكم الرئيس حسني مبارك
( 1981 – 2011) كان من الضروري عزل مصر عن محيطها وتعظيم فكرة الانشغال ببناء الذات والانسلاخ التدريجي عن التعهدات المصرية للوقوف الى جانب الاطراف الاقليمية ما ادى الى فقد مصر دور القائد على المستوى العربي والافريقي !!
وحرص نظام مبارك على الالتزام بهذه المهمة حتى فقد عناصر استمراره بعد تزاوج المال والسلطة في السنوات الاخيرة وفشل النظام في حماية النفوذ الامريكي بالمنطقة وجاء التفكير في نظرية الفوضى الخلاقة التي تعد الفرصة الذهبية للاجهاز على اي توجه يستعيد عناصر القوة المصرية لكن نجاح ثورة ال 30 من يونية 2013 اجهض المؤامرة !!