هم..البراءة التي تبلسم الجراح ساعة الحزن، الحنان الذي يبدد اليأس ويطرح الأمل. هم.. بناة المستقبل، صنّاع التاريخ..لذلك نقتلهم..
متى أردت أن تدمّر أمّةً، أقتل أطفالها، أسقط عنهم الأحلام الوردية في مخيلاتهم الصغيرة، إسقهم مرارة الأيام التي عجز عن شربها أقوى الرجال، مزّق لهم بسماتهم فهي تعيق الألام، قيّدهم بالجهل وامنع عنهم حرية الفكر.
“أولادكم ليسوا لكم، أولادكم أبناء الحياة”.. رويدك يا جبران عن أي حياةٍ تتحدث وأولادنا هديةً للموت يفدون الزعماء، فأولئك حاشا أن تصيبهم مصيبة. أولادنا يا جبران حاملو الرشاشات والبنادق في الشوارع يصوبونها على من يعادي ذويهم، يعتلون المنابر يجرّحون أصواتهم الصغيرة مرددين عباراتٍ لا يفقهون منها حرفاً. وتسألهم لماذا؟ فيجيبون نحن نحارب أعدائنا.
هم فخر أهاليهم إذا شتموا ولعنوا من يخالفهم الرأي، يجوبون الميادين مطالبين بحرية وعدالة بلادهم وهم مستعبدين مظلومين. فأولادنا يا جبران تعلّموا الحرب قبل السلام، والموت قبل الحياة.
أولادنا إن نجوا من الهلاك نربيهم على العنف والكره فالخميرة يجب ان تجهز لخلق طغاة جدد فالحروب كثيرة وتجارة الموت أكثر. وإن ماتوا، تهاوى الرثاء كالزجاج المكسور، واحمرت خدود النسوة من اللطم والعويل وانهمرت دموع الرجال وتعالت الصرخات “قتلوا أولادي”.
لا..أيها الأباء والأمهات، أنتم قتلة أطفالكم ، دمائهم في أعناقكم ودمارهم على عاتقكم ، فحذار من يوم تكونون فيه ضحاياهم.