من رأس الدولة وحتى أصغر موظفيها، ومن دكتور الجامعة وحتى تلميذ التعليم الأساسى، ومن السيدة العاملة فى الشركة متعددة الجنسيات وحتى ربة المنزل فى أصغر قرية ريفية، تعانى مجتمعاتنا فى معظمها من مشكلة حقيقية فى تصنيف المهام اليومية حسب الأولوية بناء على درجة الأهمية أو من منظور (عاجل / غير عاجل).. وتتعقد المشكلة وتكبر لتصبح نمطا حياتيا يميز الشخصية المصرية / العربية ومن ثم تأخذ قراراتنا سواء أكانت استراتيجية (بعيدة المدى) أو تكتيكية الطابع نفسه.. لتصبح فى النهاية كل الالتزامات متساوية، كلها مهمة وعاجلة!
الحديث عن ترتيب الأولويات يُهم أيضا من لا يكترثون كثيرا بمسئولياتهم ولا يرون بذل الجهد فى صنع الفارق وترك البصمة، لكنه بالدرجة الأولى يلفت انتباه من انشغلت أوقاتهم على مدى أربع وعشرين ساعة ويحسبون أن الإنجاز منحصر ٌفقط فى الانشغال الدائم، أيا كانت طبيعة هذا الانشغال، شىء ٌقريب من الفارق بين الـ Hard work والـ Smart work.
طبعا هناك قواعد نسير عليها حتى ونحن (عشوائيون).. نحن نختار بين المهام مثلا على أساس: هذا نحبه أكثر / هذا أخف على قلوبنا، أو هذا أتى على طريقنا / هذا يثور حوله الانتباه والاهتمام الآن.. يقع حادث القطار فتصبح الأولوية الحكومية ــ نظريا ــ البحث عن حل لمشكلة «المزلقانات»، أول (تليفون) فى الصباح له الأولوية، وهكذا.
فى العام 1994 أصدر Stephen R Covey كتابه الشهير (الأهم أولا First Things First) ليقدم إسهاما كبيرا على طريق تطور التفكير فى ترتيب الأولويات والمهمات.. لا يُنسب الفضل لـ Covey وحده بالطبع، لكن محاولته تبقى هى الأشهر.. مصفوفة ترتيب الأولويات أو Urgent & Important / Priority matrix.
المصفوفة ببساطة تعطيك أربع مجموعات من الأنشطة ما عليك أيا كانت طبيعة مسئوليتك إلا أن تصنف كل مهامك داخل واحدة منها:
1 ــ المجموعة الأولى: أشياء عاجلة ومهمة:
تشمل الأزمات والمهام الطارئة التى لا يمكن تأجيلها، ومعظم هذه الاشياء اما ان تكون اشياء مهمة تم تجاهلها فى الماضى أو ان تكون اشياء طارئة ظهرت فجأة واخذت الأولوية فى ضرورة التعامل معها .
النصيحة التى يقدمها Covey للتعامل مع هذه الأزمات هو تحديد تلك التى كان يمكن التنبؤ بها والتخطيط لها بشكل افضل فى المرة القادمة وبدء العمل عليها دون مماطلة، ومحاولة التعامل مع هذه الأزمات بسرعة وتفويض ما يمكن تفويضه منها للآخرين.
2ــ المجموعة الثانية: أشياء غير عاجلة لكنها مهمة:
وهو المربع الأهم فى مصفوفة Covey لإدارة الوقت، ويشمل كل الأنشطة المهمة غير العاجلة: مثل التخطيط ووضع الاهداف والتعلم واكتساب المهارات وغيرها من الأنشطة التى يميل الاشخاص للتضحية بها للتفرغ للمهام والاشياء العاجلة سواء كانت مهمة أو غير مهمة.
وينصح Covey بإمضاء اكبر وقت ممكن فى هذه المجموعة من الأنشطة، لأن التركيز عليها سيمنع الكوارث والأزمات من الحدوث. ولأن هذا المربع يحتاج لأكثر وقت يمكن ان يخصصه له الشخص، فينصح كوفى بالتقليل من الوقت الذى يمضيه الشخص فى المربعين رقم 3 و4، وامضاء ذلك الوقت فى انشطة هذا المربع.
3 ــ المجموعة الثالثة: أشياء عاجلة لكنها غير مهمة :
ورغم ان هذه الاشياء قد تخدع الشخص بسبب استعجالها وتأخذ من وقته الا ان القيام بها لا يعود بنفس كثير على الشخص والامتناع عنها أو تجاهلها لايضره. وينصح Covey بأن يقوم الشخص يتقليل الوقت الذى تأخذه منه الأشياء المذكورة فى هذا المربع واستغلاله فى النشاطات المهمة المذكورة فى المربع 2.
4 ــالمجموعة الرابعة: أشياء غير مهمة وغير عاجلة:
وهو المربع الذى ينصح Covey بالتخلص منه تماما، ويضم الأنشطة التى تأخذ من وقت الشخص ولا تعود عليه بأى نفع على الاطلاق وليست ايضا بالعاجلة مثل: تصفح الانترنت لساعات طويلة دون هدف معين أو التحدث على الهاتف أو برامج المحادثة لساعات أو مشاهدة البرنامج تلو البرنامج على التلفاز بدون تركيز.