نعم اطلقها الان “صرخه تحذيريه” بعد ان اضاعوا حلم التحول نحو مستقبل مشرق لهذه الامه وبددوا الامال فبدلوا الامل باليأس وحولوا الحلم الي كابوس مرعب. اطلقها الان ليس تحولا عن موقف ولكنه ثباتا علي المبدأ والارضيه و المنطلق الوطني وهو نفس المنطلق الذي لطالما ساندتهم من خلاله مدافعا عن بقاء نظامهم ليس من اجل شخص او كيان او تنظيم ولكن انتصارا لتجربه التحول التي كان يحلم بها هذا الشعب. لكنهم اثبتوا ان الدين بالنسبة لهم كان مجرد “شعار” ووسيله لبلوغ مأربهم واطماعهم المشبوهه وتجلي ذلك خلال الخطابين الاخيرين “للرئيس المسلم” والذي اهدر فيهما كل معاني الايثار والعدل والتسامح وبدل هو وجماعته المشبوهه تلك المفاهيم الاسلاميه. فتحول الايثار الي استئثار واطماع والعدل الي ظلم واقصاء والتسامح الي انتقام.
اما عن منصتهم في “رابعه العدويه ” فلقد اثبتت خيانتهم لوطنهم وعمالتهم لاعدائه وانتمائهم المشبوه للتنظيم علي حساب الوطن واعتمادهم المادي والمعنوي واللوجستي علي حلفائهم وتنظيماتهم الخارجيه. فاصبحوا متاجرين بدماء شبابه الطاهر من خلال تلك الدعوات المشبوهه والمغلفه بالدين, والتي تطلق سهامها المسمومه علي ألسنة شياطين في ثوب علماء ليتلقفها هذا الشباب الطاهر فتأخذه العاطفه الدينيه بلا وعي او ادراك ليكون اسيرا لتلك الدعوات فيذهب للجهاد في غير اهله وللشهادة في غير موطنها.
و اذا اردنا تحليل المشهد بشكل اعمق واشمل واسترجعنا سويا ذاكرة الاحداث وما يسمي اصطلاحا ب “ثورات الربيع العربي” وما احدثته من نتائج علي الارض فليس امام المحلل المخلص الا ان يعترف بالحقيقه الجليه التي تجعل القلب يعتصر الما و العين تبكي دما عندما يدرك اننا لا نملك الحق كشعوب عربيه في “امتلاك ارادتنا” وان هذه الثورات كانت صناعه “صهيو امريكيه” من خلال دراسات واستراتيجيات طويلة الامد تنفذ علي مراحل زمنيه حسب توقيتات موضوعه بدقه متناهيه, مستخدمين احدث الطرق العلميه الحديثه في دراسة الشخصيه العربيه وتحليلها تحليلا دقيقا.
فبعد زوال حقبة الاستعمار وانتهاء مرحلة المواجهات العسكريه المباشره كانت البدائل معده عن طريق “الامبيرياليه الغربيه” والغزو الثقافي الذي حول شعوب العالم الثالث الي مجرد مستهلك خانع ومستسلم للمنتج الثقافي والفكري والاقتصادي الغربي ونجح الامريكان في ذلك عن طريق استخدام مجموعه من الحكام العرب تم تسخيرهم لتنفيذ تلك المخططات عن طريق شهوة المال والسلطه والنفوذ.
ولانهم كانو يدركون سلفا ان الحائل والمعوق الاساسي امامهم والتي لن تستطيع مخططاتهم والاتهم الاعلاميه التعامل معها هي “العقيده” فقد اعدوا البديل من خلال تصنيع مجموعه من التنظيمات في مناطق محدده حول العالم بلافته اسلاميه لخدمة الاجنده الامريكيه فكانت تلك الجماعات الجهاديه كالقاعده وغيرها لاستخدامها وقت الحاجه او لخلق صوره ذهنيه ان الاسلام مقرون بالعنف والارهاب. ولما كانت الحاجه ملحه للتواجد والتأثير والسيطره علي العمق العقيدي الاسلامي داخل تلك المجتمعات كان لابد من بديل داخلي مؤثر فكان ذلك التنظيم “الاخوان المسلمين” المرتبط الاوصال والمفاهيم والافكار دوليا بتمويل وسيطره امريكيه من خلال العماله مع قادته.
وعندما حانت اللحظه لترسيم “شرق اوسط جديد” عن طريق الفوضي الخلاقه حسب السيناربو “الصهيو امريكي” كانت تلك الثورات المسماه ب “ثورات الربيع العربي” وما حدث في العراق من قبل ليس بعيدا عن ذلك المخطط فبعد تدمير اقوي جيوش المنطقه عن طريق الغزو الامريكي الذي استغل الانقسامات العقديه داخل العراق بين الشيعه والسنه والاكراد. ولانه من المؤكد ان هذه الشعوب العربيه الخانعه الخاضعه والمستسلمه لاستبداد وفساد حكامها منذ عقود لم تستيقظ هممها فجأه بهذه الصوره المذهله التي جعلتنا نتغني بوهم الاراده والصحوه والحريه وما نحن الا مجرد دمي تتحرك من خلال الجهل والعاطفه والعماله نحو المجهول.
وهنا لابد وان نرصد ما حدث في تونس وليبيا واليمن وسوريا والدعم الامريكي الواضح للصعود المتسارع للتيار الاسلامي ممثلا في “الاخوان المسلمين” هذا الدعم الذي يناقض المنطق الطبيعي للآشياء فمن المؤكد ان الامريكان لم يعودوا فجأه عن ضلالتهم ليحملوا راية الاسلام وينصروا ذلك الدين القويم. وما يحدث في مصر الان يؤكد ان هذا الدعم كان لخلق حالة الصراع والتقاتل الحاليه. واكبر دليل علي ذلك اننا في مصر لم نكن نتخيل ابدا ان تتحكم فينا فتنة الطائفيه حتي بين المسلمين والمسيحين فما بالنا وقد غرقنا الان في بحر دماء بسبب الطائفيه بين اطياف الدين الواحد ثم تصويب تلك الطائفيه تجاه الجيش المصري وهو المستهدف الرئيسي فهو الدرع والحائل الوحيد دون تحقيق “الفوضي الخلاقه” التي تساهم في ترسيم “شرق اوسط جديد”.
وهنا لا املك الا ان ادعو بكل ود وحب هذا الشباب الوطني الطاهر الذي يخلص لوطنه ودينه ان يفيق ويعي ان نصرة الاسلام ليست ان اكون اداه للخبثاء الذين هم ابعد ما يكون عن تعاليمه. فلا تكونوا باخلاصكم ونقائكم مجرد اسهم تطلقها تلك المنصه بريموت الامريكان فتصيبوا قلب الوطن في مقتل. فأنتم لا تقاتلون عدوا استعمر ارضكم ولا كفارا حاربوا دينكم ولكن تتقاتلون مع اخوانكم المختلفين معكم في الرأي وربما قتلت اخاك او قتلك. فهل يكون هذا جهادا او شهاده و انت تعلم ان قتل النفس بغير ذنب او حق امر يهتز له عرش الرحمن. فاللهم احفظ مصر وشعبها واحقن دماء شبابها ودمر يارب من يمكر بها……..