وصل المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء، تونس، اليوم الثلاثاء، على رأس وفد وزارى، فى زيارة رسمية تستغرق يومين.
ورحب رئيس مجلس الوزراء بنظيره التونسى، الحبيب الصيد، والوزراء أعضاء اللجنة العليا، فى بداية كلمته باجتماعات اللجنة العليا المصرية التونسية المشتركة الخامسة عشرة.
وقال رئيس الوزراء: “يطيب لى فى البداية أن أعبر لكم وللشعب التونسى الشقيق عن بالغ تقديرى وعظيم امتنانى لما لاقيناه من كرم الضيافة والحفاوة والترحاب منذ قدومنا إلى وطننا الثانى تونس، كما يسعدنى أن أنقل إليكم ومن خلالكم إلى كل أبناء الشعب التونسى الشقيق تحيات جمهورية مصر العربية رئيسًا وحكومة وشعبًا، وتمنياتهم الطيبة بدوام الرقى والتقدم، كما أود أن أغتنم هذه المناسبة لكى أتقدم لكم بخالص التهانى على ما تحقق لبلدكم الشقيق من استقرار ونجاح للعملية السياسية، بتولى فخامة الرئيس الباجى قائد السبسى رئاسة البلاد”.
وأضاف المهندس إبراهيم محلب: “نحن فى مصر حققنا بنجاح أغلب استحقاقات العملية الديمقراطية، وقاربنا على اكتمال خارطة الطريق بعد إقرار الدستور، وإتمام الانتخابات الرئاسية بتولى فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسى رئاسة البلاد فى انتخابات رئاسية أجمع الجميع على نزاهتها، ومصر الآن على أعتاب الانتخابات البرلمانية لتكتمل الاستحقاقات السياسية بعد نجاح ثورتى الخامس والعشرين من يناير 2011 والثلاثين من يونيو 2013”.
وأشار إلى أن الأمل معقود أن يشهد البلدان الشقيقان مواصلة البناء وتحقيق عمليات التنمية الشاملة فى النواحى السياسية والاقتصادية والاجتماعية، كما أننا نأمل فى أن تُكللَ أعمال هذه الدورة للجنة العليا المشتركة بالنجاح بما يسهم فى دعم وتوثيق أواصر التعاون والتكامل بين البلدين فى كل المجالات، خصوصًا أن هذه اللجنة قد توقفت أعمالها لأكثر من خمس سنوات منذ عقد الدورة الرابعة عشرة بالقاهرة فى منتصف عام 2010.
وقال المهندس إبراهيم محلب: “اجتماعاتنا اليوم فى تونس تأتى فى وقت تشهد فيه العلاقات الثنائية بين بلدينا الشقيقين نموًا متزايدًا فى مختلف المجالات خصوصًا المجالات الاقتصادية بشقيها التجارى والاستثمارى، ومن الواجب علينا السعى الدءوب لدفع عجلة هذه العلاقات المشتركة إلى الأمام، خصوصًا وأن حجم التبادل التجارى بين بلدينا الشقيقين مازال دون مستوى طموحات شعبينا، لذا فإن إحداث دفعة إيجابية على المستوى الاقتصادى يتطلب إزالة كل القيود غير الجمركية لا سيما تراخيص وأذون الاستيراد، وضرورة تطبيق مبدأ الاستيراد التفضيلى بين البلدين، والذى أقرته اللجنة العليا المشتركة فى أكثر من دورة من دورات انعقادها، بالإضافة إلى أهمية العمل على إنهاء قضية توحيد المواصفات القياسية للسلع المنتجة فى البلدين خاصةً السلع المُرشحة للتبادل التجارى بينهما”.
وتابع: “على الجانب الآخر، فإن حجم الاستثمارات المصرية فى السوق التونسية حتى نهاية عام 2014 بلغ نحو 215 مليون دولار مُوزعة على عدد من القطاعات السلعية والخدمية فى مقدمتها قطاع الاتصالات الذى يستحوذ على أكثر من 90% من هذه الاستثمارات، بالإضافة إلى قطاع البترول الذى شهد فى الفترة الماضية إطلاق مبادرة لإنشاء شركات مشتركة تتولى إنشاء محطات للغاز الطبيعى فى كلا البلدين، وجدير بالذكر أن قطاع البترول المصرى لديه طموح كبير ورغبة أكيدة فى دعم التعاون مع الجانب التونسى فى كل ما يتعلق بمد خطوط وأنابيب الغاز الطبيعى وتوصيله إلى المنازل والمصانع التونسية وكل ما يتعلق بتحويل السيارات للعمل بالغاز الطبيعى”.
وفيما يتعلق بالاستثمارات التونسية فى السوق المصرية أكد رئيس الوزراء أن إجمالى حجم هذه الاستثمارات بلغ لنفس العام نحو 35 مليون دولار حيث تعمل فى هذه الاستثمارات نحو 247 شركة فى عدد من القطاعات أهمها القطاع الصناعى والقطاع السياحى وبعض القطاعات الأخرى الزراعية والإنشائية والتمويلية.
وأكمل محلب قائلًا: “يجب علينا ألا نغفل التعاون بين مصر وتونس فى مجال السياحة، والذى يعتبر من الجوانب الهامة فى محفظة التعاون المشترك خصوصًا فى ظل وجود إمكانيات سياحية هائلة فى كل من الدولتين لذا فإن دعم التعاون المشترك فى هذا المجال الحيوى سوف يعود بالنفع على اقتصاد البلدين من خلال الاستفادة من عوائد السياحة ما يساعد على خلق فرص عمل ومواجهة البطالة بين شباب البلدين”.
وقال: “الظروف الدولية والإقليمية الراهنة تفرض علينا تحديات جسيمة، ما يتطلب منا أعلى مستوى من التشاور والتنسيق بين بلدينا الشقيقين فى كل المجالات السياسية والاقتصادية، لذا فإن اللجنة العليا المشتركة تعتبر آلية مُثلى لدعم أواصر التعاون بين البلدين، ولكن على الرغم من المستوى الجيد من العلاقات الثنائية بين بلدينا الشقيقين إلا أن طموحنا ورغبتنا فى دعم وزيادة هذه العلاقات غير محدود، فنحن نتطلع إلى أن نضع معا نصب أعيننا أولوية إشراك القطاع الخاص الوطنى ورجال الأعمال فى البلدين وحثهم على المساهمة فى تمويل عمليات التجارة من خلال إنشاء بنك مصرى تونسى مشترك وهو قرار اتخذته اللجنة العليا المشتركة منذ عدة سنوات، ونأمل أن يخرج هذا المشروع إلى النور فى القريب العاجل، بالإضافة إلى أهمية استغلال توافر الأطر القانونية والتشريعية المُحفزة على الاستثمار لتمهيد الطريق أمام المستثمرين ورجال الأعمال من البلدين للقيام بدورهم فى تنفيذ خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية، فعلى سبيل المثال هناك اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمارات والتى تهدف إلى تطوير وزيادة حجم الاستثمارات المشتركة، واتفاق منطقة التجارة العربية الحرة المتوسطية المعروف باسم إعلان أغادير، الذى يهدف إلى إقامة منطقة تجارة حرة تضم أهم الدول العربية على ساحل المتوسط لدعم التعاون بينها فى مجالات الاستثمار وتنمية الصادرات المشتركة”.
وأضاف المهندس إبراهيم محلب: “نتطلع إلى يوم تتكامل فيه صناعاتنا المشتركة، من خلال تفعيل المجالس السلعية التى تم تشكيلها بين البلدين فى قطاعات مكونات السيارات والصناعات الإلكترونية والكهربائية، من خلال تأسيس الشركات التجارية المشتركة المعنية بتسويق المنتجات المصرية والمنتجات التونسية سواء فى البلدين أو فى الأسواق الخارجية، خاصة أسواق إفريقيا”.
وشدد رئيس الوزراء على أن الأمة العربية تواجه العديد من التحديات الخطيرة التى تهدد الأمن القومى العربى وتعطل جهود التنمية والاستقرار لشعوب دول المنطقة وتعمل على تأجيج الانقسام والتفتت، مشيرا إلى أن تنامى ظاهرة الإرهاب يعد من أبرز تلك التحديات وأكثرها خطورة، والتى تتطلب تضافر الجهود لمواجهة هذا التحدى الخطير.
وقال محلب: “لقد جئنا إلى تونس اليوم بمهام وتكليفات محددة، هى استثمار قوة الدفع التى تشهدها العلاقات بين البلدين، واغتنام الروابط الوثيقة والعلاقات المتميزة خصوصًا التقارب الثقافى بين البلدين، حيث إن ثقافتنا العربية ولغتنا العربية، التى تبذل الجهات المعنية فى تونس جهودًا جبارة لترسيخ قواعدها بين أبناء الشعب التونسى الشقيق، تُمثل عوامل مد جسور التواصل وتساهم فى تقريب المفاهيم”.
وفى ختام كلمته قال رئيس الوزراء: “أكرر لكم الشكر والامتنان، وأتمنى لكم دوام التوفيق والسداد، ولبلدينا الاستقرار والإزدهار آملًا من الله أن تُكلل أعمالنا بالنجاح والتوفيق لما فيه تحقيق آمال وطموحات الشعبين الشقيقين.. كما أود التعبير عن تطلعنا لقيام فخامة الرئيس الباجى قائد السبسى بزيارة مصر، تلبية للدعوة الموجهة لسيادته من السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى لبحث علاقات التعاون بين البلدين، كما يسعدنى أن أوجه الدعوة لسيادتكم لزيارة وطنكم الثانى مصر فى أقرب فرصة، لبحث تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، والبناء على نتائج أعمال الدورة الحالية للجنة العليا المصرية التونسية المشتركة، وترجمة ما سيتم الاتفاق عليه خلال أعمالها إلى واقع ملموس يعود بالنفع على شعبى البلدين”.
ومن المقرر أن يلتقى محلب خلال الزيارة الرئيس التونسى الباجى قايد السبسى حيث ينقل له رسالة من الرئيس عبد الفتاح السيسى تتناول تطورات الأوضاع على الساحتين العربية والدولية والقضايا ذات الاهتمام المشترك، وعلى رأسها الاقتصادية والتجارية، والاستثمارية، والسياحية، والثقافية.