Breaking News

محمد يوسف العزيزي يكتب… “الهرتلة.. في التعليم..!!”

عمار يا مصر

الحكاية ليست ال 10 درجات مواظبة وسلوك التي أصدر بها وزير التعليم قرارا لتطبيقه علي طلاب الثانوية العامة هذا العام وهو يتصور أنه بذلك يصلح حال التعليم أو يعمل علي تطويره ، وليست في قرار التجميد أو الإلغاء بعد اعتراض الطلبة عليه ، وليست في ( هرتلة ) وزير التعليم الذي خرج يقول لنا كلاما ( مجعلصا ) .. ( من أجل مصلحة الطلاب والعملية التعليمية أصدرنا هذا القرار .. ومن أجل الطلاب والمصلحة التعليمية تراجعنا عن هذا القرار .. ! ) وليست في أن يصدر الوزير قرارا ثم بعد 20 يوم يخرج علينا رئيس الوزراء ويلغي القرار أو يجمده كما يقول الوزير حفظا لماء وجهه ، ولو كنت مكان الوزير لاستقلت من الوزارة 
وليست فى غياب التنسيق بين رئيس الوزراء وأعضاء وزارته فيما يخص القضايا التي تهم الرأي العام ، وليست في استعداد المدارس أو الفصول لاستقبال الطلاب بانتظام حتى يمكن تطبيق القرار ، وليست في الطلبة الذين خرجوا للتظاهر ضد هذا القرار دون الحصول علي إذن بالتظاهر وهتفوا هتافات مسحت بالمسئولين الأرض ولم يقبض علي طالب واحد لمجرد التحقيق معه ذرا للرماد في العيون حيث لدينا قانونا ينظم عملية التظاهر !!
وليست في اعتبار التعليم حقل تجارب وأبناؤنا فئران فيه علي مدار أكثر من ثلاثة عقود ( هاص ) فيها وزراء التعليم السابقون حتى الوزير الحالي – سامحهم الله – في تدمير التعليم واختراع مليون عجلة لم تصلح واحدة منهم في النهوض بالتعليم أو البلد المسكين الذي نعيش فيه بين إلغاء السنة السادسة وعودتها بعد أن خلفت لنا ما سمي بسنة الفراغ التي أربكت الدنيا والتعليم بلا فائدة تذكر غير أنها فكرة ( طقت ) في رأس وزير تعليم فقرر تنفيذها وبين فكرة تحسين المجموع في الثانوية ، وبين امتحان الثانوية علي مرحلتين فأهلكت الغلابة وجعلتهم يتسولون نفقات التعليم بالإضافة لحالة التوتر التي كانت وما زالت تعيشها الأسرة المصرية ، ثم العودة إلي نظام السنة الواحدة ، ثم اقتراحات عبقرية بمواجهة الدروس الخصوصية بفتح مراكز دروس خصوصية تحت إشراف الوزارة في أماكن غير المدارس .. يعني دروس خصوصية شيك ( ودنك منين يا جحا ) !
وليست في أن كل وزير يأتي الوزارة ( يأكله لسانه ) فيطلق تصريحات عنترية وبثقة عالية حول تطوير التعليم ومؤتمر قومي للتعليم وبناء مدارس وتعديل مناهج ، وينسي أو يتعمد أن ينسي أن يقول كلمة واحدةعن رؤية للتعليم .. لأن الرؤية دائما غائبة أو ( شيش بيش ) !
الحكاية أصبحت أعمق وأكبر وأخطر رغم أن شيئا واحدا مما سبق ذكره كفيل بأن يؤكد أننا في كارثة أو مصيبة كبري وأن لدينا مدارس .. نعم ، ولدينا معلمين يسدوا عين الشمس ، ولدينا مناهج بالهبل ، وتلاميذ وطلبة بالأكوام في الفصول ، لكن ليس لدينا تعليم بالمرة للأسف الشديد ، وليس لدينا منتج تعليمي يمكن أن يبني أمة تسعي للنهوض !
حكاية العشر درجات سلوك ومواظبة كشفت بوضوح أننا لم نعد قادرون علي التكيف مع الالتزام والانضباط ، ولم يعد من بين أولوياتنا أن نسعى من أجل تعليم جيد نعلم أنه الركيزة الأولي لتحسين الحياة ومعيشة الناس !
الطلبة بمختلف مستوياتهم عبروا عن ذلك بوضوح وعفوية وكشفوا عورات الوزارة والعملية التعليمية برمتها ، وبدلا من أن ينتبه المسئولون لهذا الخطر الذي يدهس التعليم ويضربه في مقتل اكتفوا بإلغاء القرار أو تجميده خوفا من مظاهرات الطلبة ، والأخطر في تقديري هو رد فعل أولياء الأمور الذين شعروا بحالة ارتياح كبيرة عقب تجميد الحكومة لقرار الوزير بما يعني أن أولياء الأمور لا يرغبون في ذهاب أبناءهم للمدارس وأنهم قد فقدوا الثقة في تعليم المدارس وفي الوزارة كلها ، وأنهم أيضا ضد فكرة عودة الالتزام والانضباط وهذه هي الكارثة في مجتمع يسعي لأن ينهض علي أسس جديدة ليرسم ملامح دولة عصرية تأخذ بأسباب العلم وسيادة القانون .
رفض الطلبة للقرار وارتياح أولياء الأمور لتجميد القرار ، وتعنت الوزير ثم الانصياع للضغط ، وتراجع الحكومة .. كل هذا يكشف أن التعليم في مصر علي أجهزة التنفس الصناعي وربما آن الأوان لرفع هذه الأجهزة عنه، ودائما يبقي السؤال: لمصلحة من ما يحدث في التعليم ؟ والله المستعان 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *