عندما طلب الرئيس السيسي الاصطفاف وراء الوطن كان يري خطورة المرحلة التي يمر فيها الوطن والمنطقة كلها ، وربما كان يستشرف ما يجري الآن علي الساحة الدولية من مخاطر ، وكان يقول دائما في كل خطاباته ورسائله في الداخل والخارج ( حافظوا علي أوطانكم ..) وربما كان يشدد في حديثه للشعب المصري علي هذا المعني.. (حافظوا علي مصر وخليكم إيد واحدة ) وعلي مستوي النخبة والسياسيين والفاعلين في الحياة السياسية المصرية كان يطلب الاصطفاف الوطني ، لكن للأسف فهمت النخبة ومن في قلوبهم مرض وفي نفوسهم هوي الرسالة خطأ ، أو أرادوا أن يضعوا الرئيس في دائرة الخطأ فقالوا كذبا وعمدا .. السيسي يريد أن نصطف حوله .. يريد أن يقف الشعب خلفه ليفعل ما يريد .. لا يريد معارضة .. يريد أن نكون لونا واحدا نوافق علي ما يراه دون نقاش..
تعالت الأصوات وانبري إعلام رجال المال والمصالح ليسطح الفكرة ويجهض الدعوة فشغل الناس بتوافه القول وطرح القضايا الجدلية التي لا محل لها من الإعراب ، وضرب الأسافين في أهم مؤسسات الدولة باستضافة عناصر من النخبة التي ترفع شعارات الحرية وحقوق الإنسان في حين تتعرض الدولة للخطر وتواجه معركة الوجود !
كان هؤلاء دائما يسخرون من فكرة الاصطفاف خلف الدولة ، وكانوا لا يملون من عقد المقارنات بيننا وبين بعض الدول الأوروبية التي ترفع شعارات حقوق الإنسان واحترام حقوق المواطن ، وعندما نطالبهم بأن يحترم المواطن قيادته السياسية ويخاف علي وطنه ويقف خلفه يقولون وهل المواطن في مصر مثل المواطن في دول الغرب ؟ يعقدون المقارنات وفقا للهوي فقط !
الاصطفاف الوطني بات ضرورة حتمية وإن كره الكارهون واعترض المأجورون.. الاصطفاف خلف الوطن لم يعد مجرد مطلب رئاسي بحكم مسئولية الرئيس في إدارة شئون البلاد ، ولم يعد من رفاهية القول أو مجرد شعار .. و لم يعد مجرد خوف عليها من احتمال وجود خطر يهددها .. فالخطر بات واقعا وأقرب إلينا مما نتصور !
بين ليلة وضحاها انقلب العالم رأسا علي عقب بعد تفجيرات فرنسا التي وقعت مؤخرا وخلفت ما يزيد عن مائة وثلاثين قتيلا – والعدد مرشح للزيادة – بالإضافة لأكثر من ثلاثمائة مصاب بفعل ثمانية إرهابيين فقط بينما لدينا في مصر المئات منهم بعد تصفية غالبيتهم ، ولدينا من الشهداء من رجال الجيش والشرطة والمدنيين الآلاف راحوا جميعا ضحايا مواجهة الإرهاب .
في فرنسا بلد الحرية وحقوق الإنسان وبمجرد وقوع الهجوم الإرهابي تحولت عاصمة النور إلي ثكنة عسكرية وأغلقت البلاد وصدرت التعليمات والقرارات قبل الذهاب إلي البرلمان .. الدولة في خطر .. الدولة تتعرض لهجوم إرهابي , وفي التو واللحظة تحول الشعب الفرنسي إلي كتلة واحدة .. المعارضة قبل الموالاة .. لم يخرج ناشط سياسي مزعوم أو واحد من دعاة حقوق الإنسان وحرية الرأي يقول لماذا الجيش أو كيف نعيش ونتحرك في حالة طوارئ فرضها الرئيس بعد الجريمة بساعات محدودة .. لم يقل أحد لماذا تصرف الرئيس منفردا.. فالحالة لم تكن تحتمل هذا الهراء الذي نعيشه في مصر من نخبة مشوهة وإعلام موجه .. عندما تتعرض الدولة للخطر فلا حديث عن حقوق إنسان.. قالها من قبل ديفيد كاميرون رئيس وزراء بريطانيا وبعدها كسب ثقة الشعب وأعيد انتخابه مرة ثانية ، ويقولها كل قادة العالم عندما تتعرض بلادهم للخطر لمرة واحدة ونحن في حالة خطر منذ سنوات وحتى الآن
في البرلمان الفرنسي تحدث رئيس فرنسا لنواب الشعب .. للموالاة والمعارضة.. تحدث عن الخطر الذي يواجه فرنسا .. قال إنها الحرب وعلينا حماية الجمهورية .. وطلب بشكل مباشر مد حالة الطوارئ وتطبيق قوانين صارمة علي الجميع، وطلب تغيير بعض مواد الدستور لإعطاء صلاحيات للرئيس لحماية الدولة.. وطلب الموافقة علي اعتقال أي شخص يشتبه فيه دون إذن قضائي، وطلب الكثير من البرلمان ولم يقف عضو يعترض أو يطلب سياسي أو حزبي حوارا مجتمعيا .. هذه تصرفات الدولة عندما تتعرض للخطر .. الشعب والقيادة والقوي السياسية والمعارضة.. الجميع في خندق واحد خلف فرنسا .. فهل نعقل الأمر ونقف خلف مصر قبل أن يقع المحظور.. أم أننا لسنا مثل فرنسا ؟