لم أتوقع ان تكون ماليزيا بهذا التحضر والجمال رغم ماقرأت وسمعت عنها.. ! بالفعل العبقرى الاقتصادى مهاتير محمد الذى تولى رئاسة وزراء ماليزيا 22 عاماً استطاع ان يصنع منها نمراً جباراً. لايستهان به فى شرق آسيا.. فقد أصبحت ماليزيا تمثل نموذجا فريداً ليس لتحضرها وتطورها السريع فحسب وإنما لأنها تجسد روح التعايش والتأقلم بين الديانات والأعراق والقوميات المختلفة.. بصورة رائعة.
رغم التنوع الشديد فى الأصول والأعراق.. يسود الوفاق بين مختلف السكان الذين يمثل الماليزيون الأصليون غالبيتهم التى تعتنق الدين الإسلامى.. ثم الصينيون والهنود.. وغيرهم.
شعب ماليزيا المختلف فى جذوره وأعراقه يرفع شعاراً واحداً.. «ساتو ماليزيا» أو ماليزيا.. واحد.. الزائرون والسائحون لكوالالمبور أكبر مدن النمر الماليزى.. يلمسون ليس فقط التطور السريع فى الصناعة والتجارة والزراعة ومظاهر التحضر.. وإنما يدركون عظمة هذا الشعب المنتج فى سلوكياته وأخلاقياته.
سلوكيات الناس هناك تؤكد انهم يستحقون ما بلغوه من تطور وتقدم فى مختلف مناحى الحياة.. ويستحقون ايضا التدفق السياحى الكبير.. فقد اصبحت ماليزيا مقصداً لمختلف شعوب العالم خاصة العرب الذين يتواجدون بكثرة فى مدينة كوالالمبور التى تشتهر بمبانيها التاريخية والثقافية.. وناطحات السحاب والحدائق الغنية بالطيور والزهور.. وتحتضن أكبر حديقة مفتوحة للطيور فى العالم.. بالإضافة الى برجين توأم.. يعتبران من أكبر الأبراج فى العالم.. حيث يبلغ ارتفاع كل برج حوالى 452متراً.
ومايلفت الأنظار.. هو شارع العرب بمدينة كوالالمبور الذى يضم أكبر المراكز التجارية والمولات.. والمطاعم والمقاهى العربية التى تجذب آذان المارة والسائحين بالأغانى العربية خاصة المصرية الشعبية.. حتى سائقى سيارات الأجرة. سواء كانوا من أصول ماليزية أو هندية أو صينية معظمهم يقوم بتشغيل الأغانى العربية.. خاصة الشعبية وكأنك داخل ميكروباص مصرى.. ولكن مع سائق مهذب وأمين. لايسرق الزبون أو يستغله.. بل يتعامل مع السائحين.. بأدب جم وأخلاق حميدة.
رغم سقوط الأمطار معظم أيام السنة فى ماليزيا إلا أن الحياة تسير بشكل طبيعى يؤكد أن الشعب الماليزى يعشق العمل بإخلاص.. وفى هذه الأيام وأنا أزور ماليزيا وتسقط الأمطار بغزارة.. لم أشعر أبداً أن حركة العمل والبيع والشراء تتوقف لحظة واحدة.. أو تتعطل حركة المرور أو تغرق البلد فى شبر ميه مثل بلدنا.
فى ماليزيا.. خططوا.. ونفذوا.. وتطوروا.. على أسس علمية سليمة لمواجهة أى مشكلة.. على عكس مايجرى فى بلدنا.. فإن حكوماتنا المتعاقبة اعتادت ألا تتحرك إلا بعد وقوع الكوارث..
الشعب الماليزى يعمل بضمير وطنى.. وحكومته تخطط وتبدع.. وتنفذ.. انه شعب يستحق احترام العالم.. وحكومته تسعى لتحقيق مصالح ماليزيا وشعبها بالعلم والعمل.. وليس بالكلام والفهلوة..!