مع استكمال انتخابات البرلمان الجديد وانعقاد الجلاسات الاولى , استرجعت كل ما مضى من 25 يناير 2011 و حتى اليوم. وتذكرت لماذا قامت الثورة الأولى والثانية وكم عان الشعب المصرى خلال تلك الفترة العصيبة من , تاريخنا وخاصة الفقراء. و تذكرت أيضا اننا قد قطعنا شوط كبير فى طريق تحقيق أهدافنا وهى للتذكرة ” عيش حرية كرامة انساني و عدالة اجتماعية” .
تذكرت للمرة الثانية قصة ارسطو عن الفليسوف اليونان الذى وقع في الرق ، وقادوه إلى سوق النخاسة ليبيعوه فيها ،
فأخذ ينادي : ” من يبغي أن يشتري له سيداً ؟ ! ” فمن القدم أن المفكرين
من بني الإنسان يعتبرون الحرية الطبيعية ، وأنها معنى من المعاني اللازمة
للنفس لا تنفك عنها مطلقاً مهما طال الزمان أو تغيرت الظروف ونظم الحكم ، إلى أن
وصلنا إلى الدولة الحديثة بمؤسساتها و مجالسها الشعبية و التمثيلية
وبمعناها الجديد. ومهما عطلت آثار الحرية فمنع الحر من العمل على ما يريده كأن كتم
فوه فلا ينطق ، وشدَّ وثاقه فلا يبطش ، وقيدت رجلاه فلا يسعى ، فإنه مع هذا كله لا
يزال حراً حائزاً جوهر حريته ، ولو نقصه العرض الذي هو أثر الحرية الحقيقية . خلقت
نفوسنا حرة ، طبعها الله عز وجل على الحرية ، فحريتنا هي نحن .. هي ذاتنا ومقوم
ذاتنا ، هي معنى أن الإنسان إنسان ، وما حريتنا إلا وجودنا ، وما وجودنا إلا
الحرية.وهذا موثق فى الدستور الجديد أيضا ولن ننساه ابدأ.
ويجب
على السادة اعضاء مجلس النواب الجدد أن يدافعون للشعب على حقه فى
الحرية ويفهموا أنه ليس في استطاعة أحد مهما كان منصبه أو مقامه أن يسلب أحداً
حريته إلا بعد أن يسلبه روحه ، وليس لامرئ أن ينزل عن حريته لغيره ما دام لا حق له
أن ينزل عن حياته التي وهبها الله له ، والتي لا يأخذها إلا هو المولى عز وجل.
غير
أن آثار الحرية قد غلب عليها اسم الحرية ، متعدداً بتعدد جهاتها .. فالقدرة
الفعلية على العمل والترك ، هي الحرية الشخصية أو هي ” الحرية المدنية ” (بمعنى أدق ) ، وتعريفها أن تعمل ما تشاء
بشروط ألا تضر بالغير ، أي بما سمح به الدستور و القانون والشرائح السماوية.
أما
الحرية السياسية ، فهي أن يشترك كل فرد في حكومة بلاده اشتراكا تاماً كاملاً ،
وهذا معنى ما نسميه ” بسلطة الأمة “. من خلال المجالس النيابية والمحلية.
وحريتنا
السياسية هي كفيلة الحرية الشخصية ، أي كفيلة لنا في ظهور آثار حريتنا الطبيعية ،
فمن الحرص على تمتعنا بآثار الحرية حرية القول والعمل ، إننا نتشبث بالسعي لنيل
حريتنا السياسية كل يوم على مدار الزمان ، والتي هي الكل في الكل ، ما دامت هي
الكفالة الوحيدة التي لنا في المجتمع بفضل الله علينا ونعمة وجودنا وأعز هبة على
أنفسنا ، وهي حريتنا.
ومن
المقدمات الشعرية أن نتغنى بأن الحرية لا تأخذ بأبصارنا ومعشوقة جميلة في قيد
قلوبنا ، ومعنى عالي يسحر عقولنا ، وسعادة إليها مسعانا .. لها محلياً وفيها
سماتنا . نعم تلك مقدمات شعرية لأن حريتنا المنشودة أبسط من أن تكون ذلك كله ،
وليست محتاجة في ظهورها إلى الشعر والتغني ، لأن حريتنا هي نحن الشعب الحر بعد
ثورتي يناير 2011 . يونيو 2013. . الأهم بعد ميلاد دولة المؤسسات وانتخاب مجلس يمثل حكم الشعب للشعب.
يخزي
المرء
منا أن يكون فاقد الحرية السياسية أو فاقد الحرية الشخصية ، يخزي
المرء
منا أن يكون عبداً لمخلوق أياً كان ، بل يخزي المرء منا أن يؤثر عنه لأنه عبد شهواته والناس في ذلك كلهم سواء. أليس
مصدر ذلك الشعور في الإنسان أن كل نفس تعتقد بمجرد الفطرة أن حريتها ليست إلا
ماهيتها؟! وإن نقص الحرية – أي نقص أثار الحرية – نقص في الذات وعجز فاضح يفر من
نسبه الرفيع والوضيع على السواء. وهذا ما لا يجب أن يتصف به
أعضاء مجلسنا الموقر الجدد حتى لا نكرر صور مماثلة من القهر والاستبداد والتي عايشناها قبل وبعد يناير 2011.
إذا
كانت حريتنا هي وجودنا كما ذكرت ، فلا معنى للوجود إلا بها ، أليس من المفهوم
بسهولة عنايتنا بكفيل هذه الحرية؟ ، أي بالحرية السياسية ، أي اشتراك في إدارة
بلادنا من قبل كل الفصائل والأحزاب والحركات السياسية ، حتى تتحقق ” سلطة
الأمة ” . إننا لو بذلنا كل جهدنا ووفقنا كل وقتنا على نيل هذا الكفيل ،
لكننا في ذلك معذورين. وهذا دور أعضاء مجلس النواب الجدد . مكانة تحت القبة وفى
قاعات المجلس . اللجان التوعية المتخصصة بشؤون المواطنين والأمة جمعاء.
وأخيراً
فالخوف من الحرية جريمة ضد الحرية ، وللأسف للحرية ثلاث أعداء ، حاكم ينكر على
المحكومين الحرية ، ومواطن يسيء استخدام الحرية ، وأخر ممثلا للشعب يخاف من ممارسة
الحرية والخائفون من الحرية هم أشد أعداء الحرية. فيا أيها السادة أعضاء المجلس
الموقر مارسوا الحرية المسئولة فى مجلس النواب فقد
نصبناكم
لتحقق أمل أمة.
وتذكروا
أن عظمة أي امة تقاس بدرجة حرية المواطن. وان للشعب مجلس دورة الاول ان يحميه . والله الموفق