من حق كل إعلامي مصري أن يشعر بالفخر لأنه أصبح له نقابة مهنية تدافع عنه وتصون كرامته وتحمي حقوقه وترتفع بمستوى ادائه وتغلق الباب امام من يريدون جعل مهنة الاعلام مهنة من لامهنة له وربما أن عام 2016 سوف يشهد نهاية لحالة الفوضى التي سادت الإعلام المصري بشقيه العام والخاص خلال السنوات الماضية وحتى الآن .
ويمكن القول إن نقابة الإعلاميين التي خرجت الى النور هي محصلة نضال استمر اكثر من اربعين عاما كان نظام الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك يخشى من أن تمارس دورا سياسيا لأنه كان يظن أن وظيفة الإعلام هي أن يظل بوقا للسلطة ومروجا لافكارها ومحافظا على مصالحها وعندما ظهر الإعلام الخاص علت نبرة المعارضة من خلاله وعاد الحديث من جديد عن تنظيم مهني نقابي للإعلام وامام اصرار الإعلاميين على انتزاع حقهم لم يصادر هذا الحق ومن بينها انضمام الاعلاميين لنقابة الصحفيين ولكن رفض ت الفكرة بشدة من الجماعة الصحفية ووضعت الافكار التي قدمت في الادراج حتى قامت ثورة يناير 2011 وعلا صوت الإعلاميين واصبح لا مفر من خروج نقابتهم الى الحياة من رحم سنوات طويلة من المعاناة .
ولكن حاول البعض استغلال ثغرات معينة للتفرقة بين الجماعة الاعلامية بالحديث تارة عن أنها نقابة الاذاعيين والبعض الآخر تحدث عن نقابة شاملة لكل الاعلاميين ولعب فريق على المفهوم الأخير وحاول ربط نقابة الاعلاميين بسلطة راس المال الاعلامي الذي تتحكم فية مجموعة من مالكي القنوات الخاصة ثم ظهرت جيوب هامشية لنقابات او مجموعات تتحدث باسم جموع الاعلاميين حتى تم توحيد الجهود وتجاوز الخلافات البينية وقدم الاعلاميون مشروع نقابتهم تحت التأسيس منذ اكثر من عام وجرى تدشين ذلك في النقابة الشقيقة لنقابة الاعلاميين وهي نقابة الصحفيين وحضور نقيب المحامين لتتبلور لاول مرة رؤية واحدة لاعلامي مصر .
ولابد ان اتذكر بكل العرفان والوفاء لإعلامي مصري وهب حياته لتحقيق هذا الحلم لكن القدر لم يمهلة وتوفاه الله قبل أن يشهد مولد النقابة التي عمل من اجلها هو الزميل والصديق الراحل عادل نور الدين لنقول له ولكل الذين ساهموا ولو بفكرة في أن يكون للاعلاميين نقابتهم ” شكرا ” !!
ومن المتوقع ان تضع النقابة ضوابط عملية لممارسة مهنة الإعلام وأولى الخطوات ستكون عملية ” فلترة ” المشهد الإعلامي من الدخلاء على المهنة من الذين لا تنطبق عليهم شروط ممارستها وظهروا على المسرح الاعلامي من خلال الوكالات الاعلانية التي اصبحت – للأسف – تتحكم في المحتوى الذي يقدم عبر شاشة التليفزيون وقد وضع النظام الاساسي للنقابة التي وافق عليها مجلس الوزراء مع مطلع العام الجديد ضابطا يمنع مزاولة مهنة الإعلام إلا لمن تنطبق عليه شروط محدده منها أن يكون لدية مؤهل عالي ويزاول أو زاول العمل الاعلامي سواء أمام الكاميرا أو الميكروفون وخلفهما باختصار يصبح الإعلامي هو من يصنع الرسالة الإعلامية عبر الإذاعة والتليفزيون ولا ينتمي لنقابة مهنية اخرى .
ومن الضروري التوضيح ان بعض الفئات من غير العاملين بالاعلام في الاذاعة والتليفزيون ( العام والخاص ) كالصحفيين والرياضيين والاطباء وأساتذه الجامعات وغيرهم مما يقدمون رسالة اعلامية او يشاركون في صنعها كمحررين او معدين يمكنهم الحصول على تصريح بمزاولة المهنة مدته سنة ويمكن تجديدة طالما التزم بقيم الاعلام المهنية والاخلاقية و تؤدي نقابة الاعلاميين دورا مهما في الحفاظ على كرامة الاعلامي وتؤمن مستقبله خاصة في القنوات والاذاعات الخاصة حيث يجب ان توجد صيغة تعاقدية بين من يعمل في المنشأة الاعلامية و من يملكها وليس من حق الإدارة فصل الموظف بها فصلا تعسفيا او تأخير حقوقة ومستحقاته أو الإستغناء عنه دون مبرر قانوني ودون الرجوع للنقابة وبالطبع سوف توفر النقابة مراكز لتدريب الاعلاميين تقوم على أسس مهنية سليمة وتؤهلهم لتقديم اعلام تنويري راقي وعالي المستوى .
ويجب أن توفر النقابة لأعضائها وأسرهم خدمات شاملة سواء كانت صحية أو تعليمية واجتماعية وتمنحهم ميزات مادية على غرار النقابات المهنية المشابهة لا تقل عما تعطيه نقابة الصحفيين لأعضائها من ميزات تساعدهم على رفع مستواهم المهني والمعيشي لكن الاهم من كل هذا هو اعادة الرقي لمهنة الاعلام التي فقدت كثيرا من دورها وشكلها خلال السنوات الاخيرة .
وكما أشرت إن النظام الاعلامي الجديد المطلوب ونأمل وجوده مع العام الجديد يمكن ان يضع حدا لحالة الإنفلات الإعلامي وانحدرت بمستوى الآداء وتسربت الى شاشات القنوات الفضائية وجوه غير اعلامية او مؤهلة للقيام بمهمة التنوير والارتقاء بالذوق العام فنجدها تسطح الوعي وتطرح موضوعات لا يخرج منها المتلقي بشئ .
وفي الوقت الذي وصل فيه المشهد الاعلامي الى حالة من التردي والانحدار يظل اعلام الدولة ممثلا في اتحاد الاذاعة والتليفزيون غارقا في مستنقع مشكلات متراكمة جعلته يخرج من حلبة المنافسة ويفقد ريادته التقليدية ويترك الساحة لمروجي الفرقة والمشككين في كل شئ حتى ثوابت الأمة من فكر وعقائد اصبحت محل جدل ونقاش بيزنطي عقيم ودخلت قنوات فضائية خاصة الى مناطق حمراء تحت زعم حرية الفكر والتعبير فاصبحت الألفاظ الخارجة والتعبيرات والإيحاءات الجنسية شيئا عاديا يدخل البيوت بلا استئذان .
وتراجعت المعايير والقيم المهنية ومن هنا جاء قرار الموافقة على نقابة الاعلاميين في الوقت المناسب لوقف حالة الفوضى واستعادة قيم المهنة وعليه يصبح من الضروري ان يتعافى اعلام الدولة بوقوف الحكومة الى جانبه ماديا ومعنويا قبل صدور قرار بتشكيل المجلس الاعلى للصحافة والاعلام الذي تأخر كثيرا واتصور ان إلزام كل وسائل الاعلام المسموعة والمرئية بضرورة وضع سياسة تحريرية لها امر مهم لضبط الآداء اذا اردنا الانتقال الى مرحلة جديدة يصبح فيها الإعلام آداة بناء وليس وسيلة هدم ويؤدي دورا بالغ الأهمية في تشكيل وعي وضمير الأمة