نقلا عن بعض المراجع.
تعددت الاقاويل ،وتناثرت حول كيفية نشأة اسرائيل ، وطريقة تسللها لسرقة الاراضي الفلسطينية ، حتي روج البعض ان الفلسطينين هم من باعوا اراضيهم ، من اجل اللهو والعبث ، ولكن تأتي الحقيقة وراء هذا الترويج الصهويني ، الذي انتشر في عقول الكثير ، لتبين لنا كيفية نشأة هؤلاء الصهاينة ومن أين جاؤا ولما ، ومن صانعهم ، وكيف تمكنوا من اغتصاب الاراضي الفلسطينية، وتدمير هذ الصرح العربي العريق.
(حقيقة الاكذوبة المنتشرة .. والترويج الصهيوني لها )
هذه الاكذوبة روجها الصهاينة و عملاؤهم السياسيين و الاعلاميين العرب ،من اجل اضعاف التعاطف الشعبى العربى مع قضية فلسطين و الاجهاز عليه.
الا ان الحقيقة تذهب الي المسئولية الكبرى فى سرقة اراضى فلسطين تقع على سلطات الانتداب البريطانى الذى احتل فلسطين عام 1917 ،و الوكالة اليهودية ،حيث عملت ادارة الانتداب على سن قوانين فى مجالى الاراضى و الضرائب عملت بكل السبل على تجريد عرب فلسطين من اراضيهم لصالح الصهاينة.
ففى عام 1920 عملت ادارة الانتداب برئاسة المندوب السامى البريطانى (هربرت صمويل )، المعتنق للدين اليهودى و المؤمن بالفكر الصهيونى ،و اسمه الحقيقى (اليعازر مناحيم ) ،على تنفيذ مطالب الصهاينة بخصوص سرقة و نهب اراضى عرب فلسطين ،و كانت بداية اعمالها افتتاح دوائر تسجيل الاراضى التى اسندت مهمة الاشراف عليها للصهيونى (نورمان بنتويتش ).
و هكذا اصبحت كل شئون الاراضى الزراعية الفلسطينية فى قبضة الدوائر الصهيونية.
و اصدرت ادارة الانتداب ،قانون الارض عام 1920 ،الذى كان يعطى الورثة مهلة عام فقط من تاريخ وفاة مالك الارض ،لتسجيل انصبتهم فى دائرة التسجيل ،و الا تصادر الارض ، تكمن خطورة هذا القانون فى ان معظم فلاحى فلسطين لم تكن بين ايديهم مستندات تثبت حقوقهم فوق اراضيهم ،و بذلك تمت مصادرة عدد كبير من الاراضى بهذا القانون.
وفى عام 1921 سن صموئيل قانون الاراضى الموات ،الذى منع اى شخص من استصلاح او الانتفاع بمثل هذه الاراضى ،و فى الوقت الذى كان فيه القانون العثمانى يملك الارض لمن يستصلحها ،منع قانون صموئيل هذا الامر ، و اعطى مهلة شهرين فقط للمستصلحين السابقين ،لطلب مستندات تمليك ،و عادة لم تكن تتم الموافقة عليها ،و كان اغلب المنتفعين لايعملون عن تلك المهلة شيئا ،و بعد ذلك تصبح اراضيهم فى عداد الاراضى التى تم مصادرتها.
وفى عام 1925 تم سن قانون باسم استملاك الاراضى للجيش و قوة الطيران ،و تعنى كلمة استملاك انتزاع الاراضى ،و قد اطلق هذا القانون يد العسكريين البريطانيين فى انتزاع مايشاؤون من اراضى عرب فلسطين ،ومنع هذا القانون المتضررين من اللجوء للقضاء.
وفى عام عام 1921 سن قانون المدن لنزع ملكية اى ارض بدعوى تعبيد الطرق او توسعتها او تخطيط المدن ،و لكن ماتم فعله عمليا هو انتزاع اراضى عرب فلسطين ،لانشاء طرق للمستعمرات اليهودية او مختلف المنشأت اللازمة لها .
وفى عام 1935 اصدرت ادارة الانتداب قانون ضريبة الاملاك فى القرى و المدن ،و ربط الضريبة بسعر الارض ،و بسبب اقبال اليهود على شراء الاراضى بشكل جنونى ،ارتفعت المبالغ المطلوب دفعها كضرائب ،مما ادى الى تراكمها على ملاك الاراضى الفلسطينين كديون ،و بالتالى تمت مصادرة اراضيهم لتسديد ديونهم.
و تورط كذلك عدد من كبار الملاك السوريين و اللبنانيين من عائلات سرسق و التيان و القبانى و الماردينى فى بيع نسبة من الاراضى التى كانوا يملكونها لليهود ،بالاضافة الى قلة من ضعاف النفوس من ملاك الاراضى الفلسطينين تورطوا فى هذا الامر، الا ان ماباعه ضعاف النفوس هؤلاء لليهود لم يبلغ سوى 1% من مساحة فلسطين كلها.
ومن هنا تم الترويج بأكذوبة (الفلسطينيين باعوا ارضهم).
إقبال صهيوني
و كانت ممارسات بيع الاراضى مستهجنة و غير مرحب بها فى المجتمع الفلسطينى ،فقد تم انشاء جمعية الدم بالقدس عام 1945 ،لانزال حكم الاعدام فيمن تسول له نفسه بيع اراضيه لليهود ،و اصدر مؤتمر علماء فلسطين الذى عقد عام 1935 فتوى بالاجماع ،تحرم بيع اى شبر من اراضى فلسطين ،و اعتبار البائع و السمسار مارقين من الدين و خارجين من زمرة المسلمين ،و حرمانهم من الدفن بمقابر المسلمين، و مقاطعتهم و التشهير بهم.
نشأة اسرائيل بأيدي بريطانية
و نظرا لتمسك عدد كبير من ابناء فلسطين باراضيهم ،اضطر اليهود بالتعاون مع البوليس البريطانى لطردهم بالقوة من اراضيهم مثلما حدث فى عام 1926 ،عندما قام اليهود بزراعة اراضى عشائر الحوارثة بحيفا المتنازع على ملكيتها ،و عندما هب الملاك الاصليين من العرب للدفاع عن اراضيهم ،اعتقل البوليس البريطانى عددا من مشايخ العشيرة المذكورة و شرد 500 من سكان القرية.
ورغم تلك الممارسات التى تمت سواء بغطاء قانونى او بالقوة ،لم تبلغ نسبة الاراضى التى انتقلت لليهود حتى عام 1948 سوى 6% فقط من مساحة فلسطين ،و لمن يريد الاستزادة فليقرا كتاب (اراضى فلسطين بين مزاعم الصهيونية و حقائق التاريخ ) للمؤرخة هند البديرى الصادر عن جامعة الدول العربية.
و استولى اليهود على البقية الباقية من اراضى فلسطين و التى بلغت 77% ،لاقامة دولة اسرائيل عليها، عن طريق اعمال الابادة الجماعية و التطهير العرقى ،التى تجلت فى الخطة دالت (حرف الدال باللغة العبرية ) ،التى وضعها عدد من قيادات عصابة الهجانة اليهودية المسلحة فى مارس 1948 ،،لاخلاء فلسطين من العرب ،عن طريق اقامة المذابح بحق سكان القرى و المدن الفلسطينية ،و تسميم ابار المياه ،و اغتصاب النساء ،و حرق الناس احياء ،و حرق املاك و منازل الفلسطينيين .
و كان من ابرز ثمارها مذبحة “دير ياسين ” و التى بلغ فيها الاجرام الصهيونى الى درجة قتل الاطفال ،و بقر (شق ) بطون الحوامل ،و العجيب ان من كشف عن تلك الجرائم، هم من المورخين الاسرائيلين ،و من بينهم “بينى موريس ” ،فى كتابه (مولد مشكلة اللاجئين الفلسطينيين ) التى صدرت ترجمته عن سلسلة عالم المعرفة التى يصدرها المجلس الوطنى للثقافة و الاداب بالكويت.
أخرا وليس أخيرا
هكذا كانت نشأة الصهاينة واسرائلياتهم علي ايدي بريطانية ، وهكذا كانت خطتهم الموحشة لإغتصاب الاراضي الفلسطينية المقدسة ، بإرتكابهم المجازر ، وتهجير الشعب الفلسطيني ، إلا ان الشعب الفلسطيني صامد حتي الأن ، بكل عزيمة وعز و مجد .
فلا تطلقوا أذانكم للأكاذيب والزيف الذي اصبح كالسرطان ينتشر في الهواء ، وتثبتوا وتبينوا قبل ان تحكم الاهواء دون بينة .