ونحن نحتفل باعياد الثورة هذا العام بعد مرورخمس سنوات وقد استكملت مصر كافة الاستحقاقات التى انبثقت من ميثاق ثورة يونيو 2013 . الحق اجد اننا قد تأخرنا كثيراً في وضع خطة واضحة تبعاً للدفع الثوري الذى بدا مع ثورتي 2011 و2013 لتنمية تكوين عقلية الأمة. والخطوات الايجابية في هذا المجال تعتبر من أصعب الأمور وأدقها ، لأن تكوين القيم الخلقية الناضجة يتم عبر تراكم تاريخ الأمم ولا يمكن أن تنشأ القيم والخلق المنضبطة بين يوم وليلة.
لأن الأمر ليس بالبساطة إلى هذا الحد حتى يمكن أن نتغير من خُلق وقيم إلى خُلق وقيم في أيامٍ معدوداتٍ ، فالشعب الفرنسي استمر أكثر من سبع سنوات ليستوعب الدفع الثوري ويكون مؤسسات ومعاهد الدولة الناضجة ديمقراطيا، ونحن في مصر كل ما يمكننا هو أن نبين الوعي الوطني الذي يناسب مرحلة البناء الجديدة ، بعد اكتمال دستور البلاد وتولي الرئيس السيسي الحكم وانتخاب مجلس النواب. ويحدث ذلك من خلال مؤسسات تثقيفية وتعليمية عديدة تنشر وتعلم السلوك الوطني بطريقة مختلفة عن سابقتها ، وفي نفس الوقت نستطيع أن نبين الوعي بالمسئولية المشتركة لكل ممثلي طوائف الشعب المختلفة ، فالدستور والقوانين والتعليم يمكن أن تصل إلى كل ذلك. فإننا عندما نأخذ جزءاً من دخول الأغنياء في هذا الوطن ، فإننا نزرع عندهم سلوكيات الوطنية ويسود مبدأ السلام الاجتماعي ، حتى وإن لم يكن عند بعضهم قيم العدالة الاجتماعية أوخلق التكافل الاجتماعي الذي طالما تشدَّقوا به ولم يطبِّقوه على أنفسهم أولاً.
ثم إن السلوك الوطني بدون العقلية المؤمنة بالوطن ليس هو بالطبع هدفنا ، إننا نريد أن يصدر السلوك عن عقلية تؤمن إيماناً كاملاً بحب الوطن والإخلاص له ، لكننا لو انتظرنا حتى تتحقق هذه العقلية كاملة النضج ، فقد يستغرق الأمر وقتاً طويلاً. لذلك لابد لنا أن نبدأ أولاً بالسلوك الجماعي لا الفردي ، فلا يجوز أن يترك توزيع الدخل القومي بصورة غير عادلة على جموع الشعب ، ولا يصح اليوم أن تترك فئة بدون عمل ، فكل الناس يجب أن يسعوا إلى العمل سعياً جاداً وعلى الدولة والقطاع الخاص التعاون الجاد فى هذا المجال معاً في حل مشكلة البطالة في مصر ، حتى ولم تتوافر هذه الصفة في العقلية فإنها يجب أن تكون منهج في السلوك العام والخاص. هذا بالإضافة إلى نشر هذا الوعي الوطني والسلوك التضامني في كافة وسائل الاعلام وفي كل المجالات ، حيث أن كل منَّا مسئول أن ينشر هذا الوعي الوطني بين المحيطين به ، ومع الوقت ينمو الخلق والحس القومي وينضج تدريجياً.
وأخيراً وليس بأخير يأتي دور القدوة من القادة ، فسلوك القادة له تأثير كبير في هذا الصّدد ، فالمظهر والسلوك والتصرف الوطني للقادة يوحي دائما بالثقة ويؤكد اقتناع الناس بالمنطق الوطني الذي افتقدناه سنوات طوال فهم القدوة التي يقتدى بها عامة النّاس ، كل هذا واقع علينا أن نطبقه في بناء مصرنا الجديدة ، ويوضح لنا مسئولية جيلنا في مواجهة الأجيال القادمة ، إن كنا نريد لمصرنا الغالية التقدم والنمو والازدهار لتلحق بالأمم التي سبقتها. وعندها سوف يفرح الشعب جميعا بأعياد الثورة وتعم السعادة على كل طوائف المجتمع , ولاتقسم الامة كما يصنفها البعض الى 25 يناير 2011 و 30 يونيو 2013 او حتى مايعرف ب 55 او ب 24.