نظرة أمل…
لاخلاف على أن مصر قد أنجزت خلال الفترة الأخيرة إستحقاقات ثلاثة من خريطة الطريق لثورة ال 30 من يونية ومازال أمامنا استحقاق رابع يرتبط بشكل مباشر بإستعادة الشخصية المصرية لقيمها وأصولها ويضعها على طريق التنوير لبناء مجتمع مصر الجديدة الذي يحلم به كل المصريين .
فقد وضعنا دستورا جديدا للبلاد وانتخبنا رئيسا يعبر عن الارادة السياسية الحقيقية لجموع الشعب الذي قام بثورتي يناير ويونيه واخيرا اخترنا برلمانا لكي تكتمل دولة المؤسسات اما الاستحقاق الرابع ما نسعى اليه هو الإعلام والذي تأخر إنجازة كثيرا ليس كشكل مؤسسي فقد كانت هناك وزارة للإعلام وفي الاغلب لن تعود ولكن من حيث مضون الرسالة الاعلامية التي اعتقد أنها ضلت طريقها في السنوات الأخيرة بعد أن فقدت القدرة على تشكيل وعي المجتمع عندما أصابت المشهد الإعلامي حالة من الإنفلات والفوضى وكم نحن أحوج ما نكون لوجود نظام إعلامي جديد يتحرر من هذه الحالة وينتقل بمصر الى حالة جديدة تتميز بالإستقرار حتى تتمكن من مخاطبة عقل وفكر الأمة بشكل يتكامل مع الإستحقاقات الآخرى وحتى يمكن القول إننا أنجزنا بالفعل خريطة المستقبل التي حددتها ثورة يونية !!.
وبعيدا عن تشخيص أمراض الإعلام المصري – التي كم تحدثنا عنها كثيرا – فإنه آن الآوان رسم صورة مأمولة للإعلام الوطني بشقية العام والخاص بحيث يتسق مع التشريعات الجديدة التي تنظم العملية الإعلامية من خلال المجلس الآعلى للصحافة والإعلام وما ينبثق عنه من هئيات للصحافة والبث المرئي والمسموع .
مع الوضع في الإعتبار دور الإعلام ( الجديد ) أو الاليكتروني لما يمثله من طفرة ونقله نوعية في مضمون وشكل الرسالة الإعلامية وترتبط هذه الصورة برؤية مختلفة للمؤسسات الإعلامية إدارة وتنظيما وفكرا وآداءا وفي مقدمتها اتحاد الاذاعة والتليفزيون الذي طالما قلت إنه ( رمانة الميزان للاعلام العام والخاص ) ولا أبالغ إذا ذكرت ان هذا ليس في مصر وحدها بل في كل انحاء العالم العربي ويبقى السؤال ما اهمية هذه المؤسسات في تطوير مضمون الرسالة الاعلامية ؟
من الطبيعي ان يحتاج الآداء الاعلامي الى عملية ترشيد يصل من وجهة نظري الى ما يمكن وصفه بضرورة ” فلترة ” مهنية لكل من يتصدى لعملية صياغة الرسالة الاعلامية ولن نستطع تحقيق ذلك الا بوجود آليات تستند الى رؤية احترافية للعمل الاعلامي !! ومن بين اهم هذه الآليات نقابة الإعلاميين وأهم ما يعنيني بشأنها حماية المهنة من الدخلاء عليها وساضرب مثالا يوضح ما اقصده عندما تقدم مثلا راقصة أوممثلا أو لاعب كرة برنامجا تليفزيونيا فاننا نفتح المجال أمام كل الفئات لتحمل مسئولية توجيه الرسالة الإعلامية وفي هذه الحالة نصبح بنسبة كبيرة امام تستطيح متعمد لفكر المتلقي ولكن ليس كل فنان فاشلا في القيام بهذه الوظيفة فقد استطاعت الفنانة اسعاد يونس والفنان محمد صبحي مثلا ان يقدما نموذجين ناجحين لكنهما يظلان استثناءا وعموما هناك الكثير من النماذج الناجحة وأيضا الفاشلة في القنوات الفضائية ليس هذا مجالا لحصرها .
واخيرا عندما اشار بيان ثورة ال 30 من يونية الى الاعلام فانه ركز بشكل اساسي على ميثاق الشرف الاعلامي الذي بعد مدونة للسلوك المرتبط باخلاقيات مهنة الاعلام وكم كتبت في هذا الموضوع مؤكدا ان المحاسبة الذاتية هي نقطة الانطلاق للالتزام باي ميثاق شرف بعبارة اخرى لن تجد اي مواثيق مالم تكن هذه المحاسبة الذاتية كقيمة مهنية لدى الاعلامي وان كنت أثمن ما توصلت له غرفة صناعة الاعلام المرئي في هذا الشأن ولكن مدونتها غير ملزمة لأنها لا تلزم إلا من وافق عليها من اعضائها
إن انتقال الأمة من مرحلة ضبابية الإعلام بشقيه العام والخاص الى مرحلة الشفافية والوضوح يتطلب الاحتشاد من اجل اكتمال تشريعي ومؤسسي يفتح الطريق نحو التنوير بكل ما يعنيه من ذوق رفيع وقيم ورقي حضاري فهل يمكن ان نتفق على اعلام يصل كما وكيفا الى هذه الحالة !؟