قد تستغرب عزيزي القارئ من تلك العلاقه بين ازمه الدولار الذي اصبح ينافس الطماطم في جنونها وحصه الاشغال تلك التي قتلوها في المدارس وصديقاتها من حصص الموسيقي والزراعه والكشافه والجواله وغيرها من النشاطات والمواد غير التعليميه مع ذياده المناهج الدراسيه العقيمه والقديمه والتي عفا عليها الدهر والزمن.
اتذكر وانا في التعليم الاعدادي والثانوي كان هناك حصص اسبوعيه للتربيه الزراعيه لمن يهواها وحصص للأشغال اليدويه من نجاره وزخرفه وكافه المهارات اليدويه وكان مخصص لها اماكن خاصه بممارستها .
تعلمت في التربيه الزراعيه كيفيه عمل وصناعه الشيكولاته والسمسميه والحمصيه والتيكانت تشكل الحلويات المتوفره في سنين طفولتنا وشبابنا حيث كان الاستيراد يكاد ان يكون ممنوعا.
المهم في هذا الموضوع انه كان يزرع في نفوسنا (ثقافه العمل) والانتاج وحفزني ذلك علي صناعه السمسميه والشيكولاته بالمنزل وابيعها لأخوتي واصدقائي المقربين وكذلك اصبحت لا احتاج في بيت ابي اوبيتي لنجار او سباك او كهربائي للقيام بلأعمال البسيطه في البيت وتخلصت الي حد كبير من استغلال اصحاب تلك المهن المستغلين الي درجه اصبحت لا تطاق, كانت في رأيي المتواضع الغاء حصص الزراعه والموسيقي والاشغال اليدويه وفنون التفصيل والتطريز والتريكو وغيرها للبنات وونشاطات الكشافه والجواله (والتي كانت تكسبنا فضيله الاعتماد علي النفس)هي المسمار الاول في نعش الجنيه المصري الذي كان اعلي في سعره من الجنيه الذهبي .
حين حلت فصول التقويه ومجموعاتها مكان الهوايات والاشغال والمهارات اليدويه بدأ انهيار الاقتصاد المصري .
في اواخر الستينات واوائل السبعينات وهي فتره تعليمي الثانوي كانت شعبه العلمي تمثل 95% من عدد الطلاب بالثانوي مقابل 5% للقسم الادبي ومع غباء القائمين علي التعليم وسياساته ومناهجه المتخلفه للأسف انقلبت الآيه فأصبحت النسبه ما يقارب من 85% للقسم الأدبي و15% للقسم العلمي واصبح التعليم الثانوي ينفث سمومه الي الكليات النظريه من أداب وتجاره وحقوق وغيرها من الكليات التي يتخرج منها الكتبه والموظفين
نعم عندما اختل الميزان التعليمي بين الأدبي والعلمي وانقلبت الأيه كان هذا هو المسمار الثاني في نعش الجنيه المصري والأقتصاد المصري.
في السبعينات وبعد نكسه يونيو ظهر تجار الحروب وعملاءه وسماسرته اصحاب الثروات الفجائيه مع ارتفاع اسعار اراضي البناء وأيضا وفي الثمانينات ومع ومع الانفتاح الاقتصادي وسياده ثقافه الغش والتدليس والسمسره وتجاره العمله ونهب ثروات البلد وتدهور الصناعه وتدني وانهيار ثقافه العمل وحل بعدها فلسفه ونظريه علي بيه مظهر) وخبطه العمر والحظ والفهلوه(وهوب تلاقي نفسك فوق) انهارت تماما فكر وثقافه علي بيه مظهر.
ومنذ بدايه الثمانينات وهذا العهد العظيم من تجريف العقل والارض وبدايه اكبر عمليه نهب منظم في تاريخ مصر ولم يكتفوا بالنهب والمصيبه الأكبر هي التجريف وكانت مهزله بيع مصانع القطاع العام بدلا من تحديثه وتجديده لم يمتفوا بشراءها بأثمان بخسه دراهم معدوده وانما اغلقوها وتحولت بقدره قادر وفاجر الي كومباوندات وقري ومستعمرات سياحيه وملاعب للجولف والبحيرات الصناعيه واحواض سباحه وانهارت تماما قيمه العمل والانتاج.
عندما تساوي من يعمل من لا يعمل في الحوافز والارباح رغم خساره المصانع والمؤسسات …..عندما تفوق المرتشي والسمسار علي صاحب المهنه وصاحب المصنع انهار الجنيه المصري والاقتصاد المصري وعلت قيمه الدولار وذهبت قيمه الجنيه وتبخرت في سماء الاستيراد وغسيل الأموال والمضاربه الكاذبه في البورصه والعمله.
للأسف اصبح ثقافه المعونات والقروض والمضاربات في الداخل والخارج وتجاره العقارات والاراضي هي الثقافه السائده والرابحه (حينما يصبح اكلك من غير فاسك يصبح قرارك ليس من راسك), حكمه فلاحي بسيطه هي الحل . ان تستورد كل شئ من الابره للصاروخ تلك هي الطامه الكبري عندما يستورد الفواله (كما يطلق بعض الخليجيين علي المصريين) نستورد الفول من الخارج فتلك ام المصائب.
عندما نستورد الارز والقمح واللحوم والفواكه والخضروات والملابس والاحذيه والملابس الداخليه وكل كل شئ ولا ننتج اي شئ او نصدر اي شئ سوي الغاز والبترول وقناه السويس فالمصيبه أعظم.
والحل بسيط للغايه, لو اكلك من فاسك يبقي قرارك من راسك…..وجنيهك اعظم وأقوي من دولارك.
ولله الأمر من قبل ومن بعد