د. سمير عباس يكتب.. “ريجينى الايطالى.. ومصر الخائفة .!”

لم يحدث على مدى السنوات العشرين او الثلاثين الماضية أن استقطبت وفاة أو مقتل زائر أجنبى على اراض دولة أخرى من الاهتمام والاثارة كما حدث مع قضية مقتل هذا الشاب الايطالى جوليو ريجينى.

المثير للدهشة والاستغراب بل والأسى أن تأخذ القضية كل هذه الابعاد الأشبه بالدوائر المتعاظمة المساحة على سطح العلاقات المصرية الايطالية بل والعلاقات المصرية الاوربية….وكأن حجرا كبيرا تم القاءه فى بحيرة العلاقات التى كانت على اعلى درجة من التميز مع ايطاليا على وجه الخصوص، هذا الحجر هو تلك القضية التى تتعاظم دوائرها يوما بعد يوم مع تعنت وضغط يتصاعد كل يوم من الجانب الايطالى ورد فعل يتخبط بين يوم وآخر من الجانب المصرى ، الامر الذى صار مثارا للتساؤلات والاستغراب والدهشة عن حقيقة الموقف المصرى وبواعثه التى تنم عن خوف او ضعف او ارتكاب خطيئة تثقل كاهله وهو يتلعثم فى بياناته وتصريحاته بين يوم وآخر

لقد تسربت فى الايام الاخيرة معلومات لا ندرى مدى دقتها او صحتها عن حصول الحكومة الايطالية على معلومات مؤكده عن القاتل الحقيقى وهو الامر الذى يجعلها تتعنت من اجل اجبار الجانب المصرى على الاعتراف بما يخفيه .

والسؤال المنطقى هنا يمكن توجيهه الى الجانب الايطالى وهو لماذا لا تزود روما جهات التحقيق المصرية بما لديها من معلومات يدعى مروجوها بانها موثقة …. ؟؟؟؟؟؟؟

ان الموقف الايطالى فى تعنته ازاء مصر فى هذه القضية يقترب من التعنت الذى يبديه الجانب الروسى ازاء مصر أيضا منذ حادث الطائرة الروسية .
صحيح ان هذه الدول والحكومات تحترم حياة مواطنيها وقد تخوض الحرب من أجل مواطن .ولكن هذا يمكن ان يكون مفهوما فى حالة ما اذا كانت الدولة ذاتها او حكومتها الرسمية متورطة فى عملية القتل او الخطف او الاغتيال.

فى الحالة المصرية لم يثبت شىء من هذا كله حتى الان..ورغم ذلك تتلقى مصر الصفعات متمثلة فى تهديدات لا مبرر لها مرة من البرلمان الاوروبى ومرة من الحكومة الايطالية ممثلة فى وزارة خارجيتها ، الامر الذى يفرض مواجهة حكومة مصر بضرورة تبنى أحد موقفين لا ثالث لهما من حيث التعامل مع هذه القضية وتداعياتها وضروة تبنى موقف يحترم عقول الاخرين ويحافظ على احترام الارادة والكرامة المصرية فى مجدال علاقاتها الدولية :

الموقف الاول : هو التجرد والصدق والامانة والشجاعة فى الاعتراف بالحقيقة أيا كانت مرارتها او تبعتها على الدولة المصرية. ……هل احد رموز الدولة الكبار متورط فى القضية كما يروج البعض …؟؟؟…هل تم قتل الشاب بمعرفة او بواسطة ضباط او اشخاص لهم علاقة بالحكومة المصرية ..؟؟؟؟؟….رغم الملابسات الغريبة التى احاطت بمقتل الشاب وتاريخ الجريمة وطريقة التعامل مع الجثة والتداعيات التنالية المعروفة للجميع.
المواجهة والصدق هما الحل يا سادة لان مصر ما زالت مخترقة أمنيا ولم تتعاف بعد من نتائج يناير 2011 وما قبلها من ارتخاء كامل اصاب مفاصل الدولة المباركية ، وهى الحالة التى تسرب معها كل انواع الجواسيس الى الداخل المصرى تحت مختلف الاقنعة وادوات التمويه.

الموقف الثانى : هو حالة براءة الحكومة المصرية من جريمة قتل ضيف على أراضيها ……… فى هذه الحالة يجب ان يكون الموقف المصرى قويا وصلبا ومعتزا بكرامته الوطنية دون تنازل او ضعف او خواء كما نشهد الافواه المرتعشة والاقلام المرتعشة والتى جميعها تبشر مصر بالجوع والخراب وضياع كل شىء اذا غضبت ايطاليا …؟؟؟؟!!!!!
يا سادة لا ترتعشوا هكذا اذا كنتم صادقون…دافعوا عن كرامتكم الوطنية بما يليق ولا تخنعوا امام نبرة الاستعلاء الاستعمارى المقيت التى عاد الاتحاد الاوروبى ليمارسها يصفاقة فى هذه القضية .

ايطاليا ومصر بينهما مصالح …والجانب الايطالى يستفيد من العلاقات اضعاف ما تستفيد مصر…وشركة اينى الايطالية التى حققت كشف الغاز ستشارك مصر فى موردها السيادى المكتشف وبالتالى ستربح المليارات ….الصادرات الايطالية لمصر اضعاف صادرات مصر الى ايطاليا…وكذلك العلاقة مع الاتحاد الاوروبى ..جميعها مصالح متبادلة لا منة من أحد على مصر.

ان سلوكيات الدولة الرخوة العاجزة الضعيفة المتقبلة للاهانات…. جميعها من موروثات العصر المباركى الذى كان يفضل دوما ان يمضى فقط فى الطرق الآمنة مهما تكلف على حساب الكرامة او السيادة…. هذه الدولة من المفترض انها توارت ومضت مع هبة الشعب المصرى فى 30 يونيو.
اذن …..نرجوكم يا سادة…اما ان تعترفوا بجريمتكم وتقدموا المجرمين الى العدالة وتدفعوا الثمن المستحق …. أو اذا كانت الدولة المصرية بريئة من دم هذا الشاب الضيف الذى نأسف لقتله بهذه الطريقة الجبانة الغادرة ، ففى هذه الحالة يجب ان يكون التفاعل المصرى الرسمى مع التهديدات الايطالية والاستعلاء الاوروبى ..يجب ان يكون أكثر حزما وحسما ورفضا

…وصدقونا…كلما استغنيتم عن المعونات المسمومة وامتلكتم جرأة وشجاعة القدرة على تحمل الجوع من أجل الكرامة …كلما اشتد عودكم ..وصرتم اقوياء وقادرون ……وانطلقتم الى الافاق الرحبة لصنع التقدم الحقيقى لدولة يحترمها العالم ……..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *