إبراهيم الصياد يكتب.. “تحديات الإعلام العربي في عصر العولمة..!!”

هل يتحدث الإعلاميون العرب مع أنفسهم فقط ولا يضعون اعتبارا للآخر خارج  نطاق الفضاء العربي ؟ للإجابة على هذا التساؤل لابد أن نعترف في البداية أن الإعلام العربي يواجه تحديات نتيجة تطورات هائلة حدثت في وسائط الإتصال الجماهيري حيث اصبح العالم كما لوكان قرية صغيرة الأمر الذي آدى الى إلغاء عامل البعد الجغرافي الذي كان حتى سبيعنات القرن الماضي يمثل عائقا أمام متابعة المتلقي للأحداث الجارية بشكل آني ومن ثم يفرض هذا الوضع أسلوبا  لما يجب ان يسلكه اعلامنا العربي عند نقل رسائله الى الاخر. 
وحتى نتفهم ذلك نطرح مقاربة تاريخية في شكل نظرة على مراحل تطور الإعلام في عالمنا العربي ودعونا نقول إنه مع بداية توظيف الأقمار الإصطناعية في نقل الأخبار في اواخر السبيعنات وبداية الثمانينات من القرن العشرين حقق الإعلام طفرة نوعية في عالمنا العربي فقد كان مجرد نقل مبارايات كأس العالم “على الهواء ” لكي يتابعها مشاهدو التليفزيون في مختلف قارات العالم إنجازا في غاية الإثارة وهو ما يعتبر ثورة إتصالية يقاس عليها تطور آخر لحق بنشرات الأخبار التي كانت تعتمد على مصادر محدودة في بث الاحداث الدولية والتي تأتيها متأخرة على الأقل 48 ساعة منذ وقت حدوثها وكانت وكالة ” فيزنيوز”  الأكثر انتشارا في نقل الأخبار بواسطة أفلام 16 مللميتر يتم ارسالها بالطائرات الى كثير من الدول العربية التي كانت محطاتها المتلفزة مشتركة في هذه الوكالة التي تحولت فيما بعد الى وكالة ” يوبي تي ان ” التي تعد واحدة من اكبر وكالات الانباء المصورة على مستوى العالم  . 
وبالطبع لو طبقنا معايير الخبر بمفهومها الحديث على هذه النوعية من الاخبار سوف نجد انها بعيدة كل البعد عن كونها اخبارا  إلا اذا اعتبرنا معرفة المتلقي للخبر للمرة الاولى معيارا يجعل الخبر جديدا بالنسبة له غير ان الصحف الورقية كانت اكثر سرعة وسبقا في نقل الخبر عن التليفزيون في ذلك الوقت وكذلك الإذاعة المسموعة ( الراديو ) نجد انها ظلت حينئذ  الوسية الأكثر سرعة وسبقا من الصحف والتليفزيون في نقل الاخبار ولهذا كانت تصنف الاخبار المصورة المذاعة على انها قديمة لأن المتلقي كان قد علم  بها من وسائل اخرى وان كان يرى صورتها المتحركة للمرة الاولى مثل وقوع انقلاب في بلد ما او حدوث زلزال مدمر في بلد اخر او حتى مقتطفات من مباراة لكرة القدم كانت قد اقيمت قبل يومين او ثلاثة . 
لهذا عندما شهد العالم ثورة الاقمار الاصطناعية انتقل الى مرحلة جديدة بدأت في العالم العربي بالقمر الاوروبي التابع لاتحاد الاذاعات الاوروبية ” يوروفيزيون ” والقمر الفرنسي الذي كان يتم بثه مجانا للمنطقة العربية ويسمى ” سيمفوني ” وان كان هذا الأخير ينقل قصصا دعائية واحداثا تعكس الثقافة الفرنسية اكثر منها احداثا جارية  وفي اواخر الثمانينات حدثت ثورة جديدة في الاتصال الجماهيري انتقلت الى العالم العربي في السنوات اللاحقة وهي المرتبطة بإستخدام  الحاسوب في العملية التحريرية ولم تعد غرفة تحرير الاخبار تستخدم ” التيكرز”  للحصول على الأخبار من وكالات الانباء إنما ظهرت نظم اليكترونية تساعد المحرر كي  تكون بين يدية مصادره ومن خلال حاسوبة ( الكمبيوتر ) يقوم بتحرير وصياغة الأخبار . 
وفي مرحلة لاحقة اصبح لدية امكانية مشاهدة المادة المصورة المصاحبة للخبر وبالتالي أتيحت له فرصة القيام بإختيار الصور المناسبة للخبر وهو ما يعرف بالمونتاج او تصميم جرافيكس في حال تعذر وجود صورة متحركة مصاحبة وفي القرن الحادي والعشرين ومع اتساع استخدام شبكة المعلومات الدولية ” الانترنت ” ظهرت نظم اكثر تقدما في إنتاج الأخبار منها نظام يسمى الانتاج الاليكتروني للاخبار او ENPS   وغيرة من النظم التي كونت غرف الاخبار الحديثة ووفرت هذه النظم في الجهد والوقت وعدد العاملين فضلا عن الدقة المتناهية من الناحية التقنية والتحريرية .
وفي الوقت نفسه وفرت تقنيات الصورة الحديثة صورا فائقة الوضوح HD )  )   في إطار عصر الديجتال او العصر الرقمي حيث ساعدت الرقمنة على الإستغناء عن الشرائط وتم الاحتفاظ بكل المواد التحريرية والمرئية على خادم SERVER ينقل نشرة الأخبار من صالة التحرير الى استديو الهواء في لمح البصر وارتبطت غرفة الاخبار على مدار لساعة ببث حي من وكالات الانباء المصورة التي تنقل الحدث اينما كان لحظة وقوعة بشكل مباشر ما أزال الحواجز الزمنية والمكانية وحول العالم كما اسلفت الى قرية اليكترونية صغيرة وساعد أيضا على سرعة الإنجاز وجود معدات تقنية جديدة تختزل سيارات النقل الخارجي الضخمة الى سيارات صغيرة تعمل بنظام رقمي  مثلما النظام الموجود في اتحاد اذاعات الدول العربية المعروف باسم ”  مينوس ”  ويجري أيضا استخدام أجهزة النقل الحي الصغيرة التى تسمى ” تي في يو ”  و أصبح حجم الكاميرات أصغر وأخف وزنا كما ظهرت تطبيقات على الهاتف النقال تنقل بثا حيا الى محطات التليفزيون ما أدى الى ظهور مايعرف ب ” صحافة المواطن ” حيث اصبح في إمكان اي شخص أن يكون مراسلا في اي لحظة عند وقوع الحدث !!.
وهكذا أدت كل هذه التطورات التي شملت العالم و الوطن العربي على وجه الخصوص منذ بداية  القرن الحالي وحتى الآن الى جعل الإعلام العربي يعيش حتمية مواكبة كل الأحداث الدولية لحظة بلحظة شاء ام أبى لأن الإعلام بات مرآة حيه يجب أن تنقل الصورة في اتجاهين :
الإتجاه الأول صورة تنقل العقل والفكر العربي الى العالم بلغاته .
والإتجاه الآخر صورة تنقل العالم مهما بعدت أصقاعه الى المواطن العربي من المحيط الاطلسي الى الخليج العربي .
وفي اعتقادي انه أضحى من الضروري أن يعاد النظر على مستوى الحكومات والشعوب العربية بما في ذلك التنظيم الإقليمي العربي المتمثل في جامعة الدول العربية في كيفية التعاطي الفاعل مع الإعلام الخارجي لانه يمثل التحدي الأكبر عند النظر الى فكرة ” المصالح العربية ” ولهذا تبرز قضية الإهتمام بمحتوى ما يقدمة الإعلام العربي على شاشات التلفاز –  خاصة الموجه الى الآخر –  لأن ما يقدم يجري ترسيخة  في الأذهان وعندما يعاد توظيفه من قبل هذا  الآخر ويترجمه الى سياسات تفرضها اعتبارات المصالح يتأكد أن على صانع القرار الإعلامي في عالمنا العربي أن يقف امام تحديات يجب  مواجهتها لأنها تتجسد اليوم في فضاءات مفتوحة تعنون تحت إسم عصر ” عولمة الاعلام ” !!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *