قيل لحكيم ما بال الناس لا يرون عيب أنفسهم كما يرون عيب غيرهم ؟
فقال لأن الإنسان عاشق لنفسه والعاشق لايرى عيوب المعشوق .
وأنا أقول الكلب لا يرى ذيله! وإنما يرى ذيول غيره ..هكذا هم بعض البشر ينصحون وينمون ويحكمون دون أن يرون أنفسهم ….!.
ومن هنا عزيزى القارىء أستطيع أن أقول لك لا تتسرع فى الحكم على الاَخرين قبل أن تعرفهم جيداً فالظل لا يعكس دائماً الحقيقة…!!! فهل تستمتع أحيانا بمشاهدة الاَخرين والحكم عليهم؟ فكر قليلاً قبل أن تجيب..و أجب لنفسك بصدق و صراحة فأحياناً يجد الأنسان منا نفسه يشاهد الاَخرين مطلقاً أحكاماً بناء على مظاهرهم و أشكالهم الخارجية..أحياناً تجد نفسك تقف فى شرفة منزلك ترى الاَخرين يمشون فى الشارع يتحدثون مع بعضهم البعض و أحياناً يتشاجرون أنه حقاً شعور رائع و آثم فى الوقت ذاته ربما لأن كل الآثام تكون غالباً مقترنة بالمتعة…متعة أن تراقب الاَخرين و تصدر أحكامك النهائية على شكلهم الخارجى بشكل لا أرادى و أحياناً تكون مجحفة الظلم و لكنك غافل عن حقيقة لا مفر منهاوهى أنك بينما تراقب الاَخرين فهناك اَخرين أيضاً يراقبونك و بينما أنت تطلق على الاَخرين أحكامك النهائية من زاوية رؤيتك الضيقة فهناك أيضاً و ربما فى نفس اللحظة من يطلق عليك أيضاً أحكاماً سطحية و نمطية أحكاماً ربما لم تكن تخطر على بالك فى يوم من الأيام ومن المنطقي وقبل أن تحكم على الغير وتبدي رأياً أن تكون مدركاً لما أنت مقبل عليه فالحكم على الغير ليس بالأمر السهل أو اليسير الذي يمكن أن يتصوره البعض منا بل إن ظن أحدكم عكس ذلك وأنه سهل يسير فإن ظلماً كبيراً يقترفه صاحب الرأي بحق من يحكم عليهم قبل أن يكون ظلماً بحق نفسه فأعلم قبل الخوض في مسألة الحكم على الغير يجب أن تكون أنت الأفضل أو الأعلم أو الأقدر في المجال الذي أنت بصدد الحكم على الآخر فيه فإن كنت تريد أن تحكم على غيرك في أخلاقه المتدنية مثلاً فالمنطق يتطلب منك ها هنا أن تكون أنت أرقى أخلاقاً منه وأرفع.. وإن كنت تريد الحكم على علمه سواء أكان علماً دنيوياً أم دينياً فالمنطق نفسه يتكرر أيضاً بالنسبة لك فلابد أن تدرك جيداً جميع أبعاد وجوانب وظروف الشخص فليس من المنطق في شيء أن تحكم على إنسان ما بأنه كسول وغير فعال في عمله مثلاً وأنت لا تدري ما الذي دفع به إلى التكاسل أو الخمول فهناك الكثير من النماذج في الحياة لا يمكننا سردها فنتسرع في الحكم عليها قبل أن نتفهم الأمر من كافة جوانبه وتبعاً لذلك تحدث من المشكلات وسوء الفهم الكثير فتجنب أيضاً عزيزى القارىء أن تحكم على شعب ما في أخلاقياته وأفعاله أو سلوكياته من قبل أن تعاشره وتتعرف على تفاصيل حياته ويومياته وظروفه الأجتماعية والأقتصادية والثقافية. وفى النهاية أقول لك ماذا سيحدث ياترى اذا جربت هذه اللعبة مع نفسك؟ ماذا سيحدث إذا أنفصلت عن ذاتك لفترة من الوقت؟ لمدة يوم ..و سمحت لنفسك بمشاهدة ذاتك…كأنك تشاهد شريط فيديو مسجل ليومك منذ لحظة أستيقاظك حتى لحظة خلودك للنوم. هل سترى ذاتك بعيون الاَخرين و تصدر نفس الأحكام السطحية التى ربما يطلقونها عليك؟ هل ستفاجأ بأنك فى بعض الاَحيان تقوم ببعض الأشياء التى لم تنتبه أنك تقوم بها من قبل؟ هل ستنتقد عاداتك السيئة التى ترغب فى التخلص منها و لكنك لا تستطيع؟ هل ستدرك الحقيقة الصادمة؟ و هى أنك حقاً لا تعرف ذاتك إلى هذا الحد. لذلك لا بد أن تفهم شيئاً لا تسمح لنفسك أبداً بتكوين أراء و أنطباعات نهائية عن الأشخاص و الأشياء بناء فقط على المظهر و الشكل الخارجى فالأمر يتطلب الكثير من التعامل و التفاعل مع الأشخاص و الأشياء لكى تصدر أحكاماً مبدئية فما بالك بالأحكام النهائية.
وفى النهاية لا تحكموا على الناس من مظهرهم فالغلاف لايعنى المحتوى فتمهل عزيزى القارىء قبل أن تحكم على الاَخرين.
كما قال الشاعر:
تأن ولا تعجَل بلَومِكَ صاحِبا
لعلَّ له عُذراً وأنتَ تلومُ