كانوا جميعا بالآمس القريب ينتقدون موقف المملكة العربية السعودية, ويشككون في نواياها تجاه النظام المصري الحالي, فمنذ أن اعتلي الملك سلمان عرش المملكة نصبوا منصاتهم المشبوهة لمقارنات مسمومة بين مواقفه ومواقف سلفه الملك عبدالله بن عبد العزيز رحمه الله تجاه مصر, متزرعين بوطنيثهم وقوميتهم, والغريب بل والذي يدعوا للريبة والتساؤل حول نوايا هؤلاء ومحركهم أنهم هم هم من انفجرت بالوعاتهم العفنة في وجه التقارب “المصري السعودي”, وانطلقت سهامهم المسمومة لتشوه الزيارة التاريخية للملك سلمان وما تحمله من أمال وتطلعات نحو بلورة لوبي عربي واسلامي حقيقي يستطيع التصدي لمخططات تفتيت المنطقة وتوزيع غنائمها, كل ذلك الي جانب الدعم اللامحدود لمصر اقتصاديا وسياسيا خلال تلك الزيارة.
خفافيش الظلام, الذين يسعون فى الارض فسادا, والذين دأبوا علي نشر ثقافة الخراب, انتفضوا كالبوم ينعقون عبر شاشات العهر فتلقفوا موضوع الجزيرتين “تيران – صنافير”, ليقتلوا الحلم في مهده وكأنهم أبواق لتنفيذ المخططات “الصهيوأمريكية”, التي تستخدم تجار الدين والجماعات الارهابية تارة, ومنصات اللئام “الاعلام” تارة أخري. , فانطلقوا ينشرون تشاؤمهم فى ربوع الأرض, يشككون فى كل شىء ويسخرون من كل قيمة, ويعظمون كل دنيئة ويصغرون كل قيمة, هؤلاء هم العدو فاحذرهم, فتحت شعارات “الحرية – الشفافية – الآرض كالعرض”, أطلقوا لمنابرهم العنان لنشر الفتن في ربوع الكنانة وكأنهم يدعون الشعب للثورة ضد الخيانة والمقايضة بالآرض, دون أي مراعاة لحساسية هذا الموضوع وارتباطه بمقتضيات الآمن القومي المصري والعربي,
فخصص أحد الاعلاميين المشهود له بالكفاءة والحرفية في الاثارة والفتنة من خلال القضايا المسفة التي يتناولها برنامجه الشهير, فتناول موضوع الجزيرتين ونصب نفسه محللا سياسيا وعسكريا واطلق اتهامات الخيانة والعمالة ومقايضة الآراضي المصرية بحفنة ريالات, مستضيفا كل خفافيش الظلام وأصحاب دعاوي “البديل”, الذين طغت احلام الزعامة وشهوة السلطة علي وطنيتهم ليعلنوا أنهم سيقومون برفع دعاوي قضائية محلية ودولية لاستعادة الجزيرتين, ثم اليوم يستضبف الاعلامي ابراهيم عيسي المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي, صاحب دعوة “البديل”, خلال برنامجه علي فضائية “القاهرة والناس”, ليظهر صاحب حلم الزعامة وكأنه الفارس المنتصر الذي أمسك بتلابيب فريسته ليعلو صوته بعد أن صمت طويلا, ويشن هجوما عنتريا علي الادارة الحالية ويقول انها ادارة فاشلة لايجب أن تستمر في ادارة البلاد, ثم يعود لمغازلة الشعب فيقول: “الشعب هو من أطاح بالنظام القديم والجماعة القديمة !”, يتزامن مع ذلك بل ويتطابق مشهد أخر من مشاهد المؤامرة, حيث أفردت قنوات الاخوان المنتشرة والمدعومة دوليا هواءها الملوث لتصعيد وتعزيز حالة الغضب ضد مصر داخليا وخارجيا, بل ووصل بهم الآمر لتنظيم مظاهرات معادية للدولة المصرية بالمياديين الايطالية للتضامن مع أسرة الشاب الايطالي “ريجيني”.
وتجنبا للسقوط في فخ الجدل العقيم حول ملكية هاتان الجزيرتان “تيران – صنافير”, أؤكد أنني علي ثقة في وطنية الرجل الذي بات يقود ويتصدي وحيدا لـ”حرب وجود”, تستهدف مصر والمنطقة, واستطاع وسط تلاطم أمواج المؤامرات ورياح الفتن العاتية, أن يقود السفينة ويحفط توازنها حتي الآن, ولنعلم جميعا أنه كلما اقتربت السفينة من بلوغ الشاطيء, كلما انتفض خفافيش الظلام, فلقاء “سلمان – السيسي”, لمن يعي أبعاده هو بمثابة ضربة قاضية لمخططات استهداف المنطقة ومحو هويتها, وهذا ما يفسر حالة الشطط في الهجوم لاستغلال حالة “اللاوعي” تارة واللعب علي وتر “العاطفة” تارة أخري لاثارة الشعب ونشر الفتن التي تؤسس لمفهوم “الفوضي الخلاقة”, فالحرب يا سادة لم تعد حرب جبهات ومنصات صواريخ, وغارات جوية, لكن العدو بات يمتلك أسلحة حديثة أكثر فتكا وأخطر تأثيرا, حيث قاذفات الشائعات والفتن من خلال منصات العهر الاعلامية, من خلال الفضائيات الموجهة والعميلة.
كل هذا يؤكد أهمية التقارب المصري السعودي, وما يمثله من ارباك لمخططات التأمر, فالجسر البري الذي سيربط بين مصر والسعودية والذي يعد أحد أهم المشاريع الاستراتيجية التي طال انتظارها, ليس لآنه مجرد جسر يربط بين تابوك وشرم الشيخ لكن أهميته الآساسية تنبع من كونه نواة حقيقية لتحالف عربي قوي سياسيا واقتصاديا, فالجسر الذي سيربط بين أسيا وأفريقيا سوف يكون له دور كبير في التبادل التجاري والسياحي بين الدول العربية, بل ويمكن أن يساهم بشكل كبير في قيام السوق العربية المشتركة. لذلك فان الكيان الصهيوني تصدي وأعاق هذا المشروع بكل ما يملك من وسائل ضغط خلال السنوات الماضية وما زالت محاولاته مستمرة حتي الآن.
فرجاءا من كل وطني مخلص أن يعمل عقله ولاينساق وراء تلك الدعاوي والشائعات والفتن, وأن يتسلح بالايمان ويثق بأن الله سبحان وتعالي سيرد كيدهم ويبطل مؤامراتهم, وستبقي الكنانة موطنا للعزة والكرامة ومنارة للآمة العربية والاسلامية.