قبل ان اتحدث عن المصداقية وعن الازمة التي ظهرت مؤخرا في المصداقية الاتصالية والفجوة الكبيرة التي حدثت في الاعلام كرد فعل لزيادة عدد الوسائل الاعلامية التي تبثها وسائل الاعلام العديدة وزيادة عدد المواد الاعلامية الغير موثوق فيها والتي بوسعها ان تدمر الاجيال سياسيا واجتماعيا واخلاقيا .وقبل ان اتعمق في هذا الصدد دعوني اجد تعريفا مناسبا لكلمة”مصداقية” اختلفت رؤى الباحثين حول مفهومها فيرى البعض منهم “انها تعني الثقة في الوسيلة الاعلامية او امكانية الاعتماد عليها واخرون يرون انها”تعني احترام الوسيلة وتقديرها وتفضيلها كمصدر للمعلومات والاراء مقارنة بغيرها من الوسائل”بالنسبة لي ارى ان المصداقية في نقل الخبر هي التفوق والاحترافية للاعلامي حيث يعلم من اين يجد المصادر الموثوق فيها ويتمتع بذهن متقد وضمير مستفيق ,وقبل كل ذلك مباديء واخلاق وسلوك يعتمد عليها الاعلامي او الصحفي في نقل الخبر ايضا بجاذبية وشخصية مميزة حتى يقنع المشاهدين او القارئين بما يحمل لهم من رسالة.
لاحظنا في الاونة الاخيرة كيف تناقصت مصداقية وسائل الاعلام لعدة اسباب منها عدم حساسية بعض الاعلاميين او الصحفيين وغرورهم وسلوكهم السئ وعدم الدقة وعدم الشمولية في تغطية الاحداث واعتماد بعض الاعلاميين على مصادر مجهولة وغير محددة.بعض وسائل الاعلام ايضا للاسف تنتهك حقوق المواطنين في الخصوصية وايضا عدم سماعهم لشكاوى وهموم الناس وتوصيلها للمسؤولين ,كل ذلك ادى الى تناقص المصداقية الاعلامية والصحفية في الاونة الاخيرة .تعد وسائل الاعلام من اخطر المؤثرات في المجتمع حيث انها تجعلنا احيانا نعيش في حلم وامل وعالم من الوهم والشعارات المزيفة التي تجعلنا في حالة من التخدير النفسي والتنويم,ثم نفيق على حدث سياسي او اقتصادي كارثي مما يجعلنا نفقد الثقة في الرسالة الاعلامية كلها.تكمن الخطورة ايضا في فقدان جماهير القراء او المشاهدين للثقة في وسائل الاعلام واحترامها ومتابعتها فيلجا الناس الى مصادر اخرى غير رسمية وغير موضوعية مثل الجيران او الاصدقاء او مواقع التواصل الاجتماعي وكل هذه المصادر لا تعتمد على اخبار اكيدة .الكارثة الكبرى ايضا هي استخدام اصحاب النفوذ وملاك القنوات للاعلام من اجل فقط تحقيق مصالحهم الشخصية حتى ولو كانت ضد مصلحة الناس والوطن واحيانا نجد منهم من يقاوم التغيير والتطور ويعملون جاهدين على الابقثاء على الاوضاع طالما انها تتمشى مع مصالحهم. بعض البرامج ايضا تفقد مصداقيتها ومتابعتها من الجمهور بسبب انها تتناول موضوعات سطحية بعيدة عن الحقيقة مجرد انها اخبار مثيرة وموترة للاعصاب فحسب ونجد في النهاية انها خالية من المضمون والقيمة بل واحيانا تهدد الاخلاق العامة بالخطر.
ورغم الحرية المتاحة للراي والراي الاخر فان بعض وسائل الاعلام تستغلها بشكل مشين فقد اصبحت حرية غير مسؤولة لا تعبر عن حرية المجتمع ولا اخلاقياته ولا مبادئه المتوارثة عبر الاجيال.هناك ايضا بعض البرامج السخيفة الخاوية التي تنتج لنا اجيالا من السفهاء ومعدومي التربية حيث نجد فيها مشاهد مخلة وخارجة لا تمت للدين ولا للقيم الاجتماعية بصلة .
تقتضي المصداقية الاعلامية الى التنبه واليقظة الى حالات التسرب فالبيئة التنافسية القائمة بين وسائل الاعلام تساعد على تسريب بعض المعلومات التي تضر بالمفهوم المهني للاعلام.السؤال المهم هنا,هل نلجا لمواقع التواصل الاجتماعي كمصدرا للاخبار وبديلا للصحف والتلفاز؟
هل كل الاخبار التي يتم تداولها على موقع التواصل الاجتماعي موثوق فيها وكلها صحيحة؟ وخصوصا بعد ان اثبتت الدراسات ان مواقع التواصل الاجتماعي اصبحت اكثر انتشارا وجذبا للمتابعين من الجرائد والصحف الرسمية وقد لعبت دورا جوهريا في نقل المعلومات والاراء والصور الخاصة بالاحداث ولكن يجب علينا توخي الحذر وعدم المساهمة في نشر معظم هذه الاخبار لانه يمكن ان تساهم في نشر اشاعات مغرضة وهدامة تضر المجتمع والناس.نتمنى من قلوبنا ان تعود وسائل الاعلام للصدارة ولكن بعد تطويرها واختيار اعلاميين على قدر من الاخلاق والمصداقية والافاظ الراقية وان يكون همهم الاول والاخير
بلدهم وسلامتها اكثر من مصالحهم الشخصية