في الشهر الكريم ليلة خير من الف شهر هي ليلة القدر يقول تعالي في سورة القدر المسماه باسم الليلة
إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5)
، لماذا سميت بليلة القدر وما المقصود بالقدر هنا ؟
ليلة القدر هي ليلة القضاء والحكم عن مجاهد : ليلة القدر ليلة الحكم وهو التقدير ليلة القدر وهو تقديرسنوي ، وفي هذه الليلة نزل القرآن مجملاً الي السماء الدنيا لينزل منجماً حسب الأحداث علي رسول الله صلي الله عليه وسلم وفي مثل هذه الليلة من كل عام تنزل الملائكة وجبريل عليه السلام بالرحمات علي عباد الله الصائمين القائمين فتعرضوا اليها ففي أيام الله نفحات يجب ان تغتنم .
قال تعالى :- ( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ (3) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (4) أَمْراً مِّنْ عِندِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ(5) ) الدخان
توقيتات القدر
التقدير الأول:- وهو تقدير ما قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف عام
التقديرالثانى:- بعد خلق ادم وهو تقدير عام لكنه يخص بني آدم
التقدير الثالث:- والجنين في بطن أمه وهو تقدير خاص بكل انسان
التقدير الرابع:- ليله القدر وهو تقدير حولي لما سيكون في العام المقبل
التقدير الخامس:- وهو التقدير اليومي
وكل واحد من هذه الأقدار هو تفصيل للتقدير السابق عليه كبرنامج العمل الذي يكون مجملاً في بدايتة مفصلاً في حيثياته ويتعرض لادق الأمور عند التنفيذ مرحلة بمرحلة
التقدير الأول
وهو تقدير ما قبل خلق الكون وهو تقدير عام للكون بأكمله
روى المسلم في صحيحة : أن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول:- ( كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف عام وعرشه على الماء )
وروى عن رسول الله أن أهل اليمن جاؤة فقالوا: جئناك لنتفقه في الدين ولنعلم بداية هذا الأمر فقال صلي الله عليه وسلم ( كان الله ولا شئ معه وكان عرشه على الماء وكتب كل شئ في الذكر )
وروى أبو داوود في سننه :-
أن أبى حفصة الشامي قال :قال عباده بن الصامت للإبنه :- يا بني إنك لن تجد طعم الإيمان حتى تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك ، يا بني سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول :- ( إن أول ما خلق الله القلم ، فقال له أكتب ، فقال رب وماذا أكتب ؟ قال : أكتب مقادير كل شي حتى تقوم الساعة )
يا بني سمعت رسول الله يقول : ( من مات على غير هذا فليس منى )
– وسأل ابن عبادة بن الصامت أبيه وهو في مرض الموت فقال له :- وكيف لي أن أعلم ما خير القدر وشره ؟
فقال :- تعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك وما أصابك لم يكن ليخطئك .
– وروى ابن وهب قال : قال عبادة بن الصامت وهو في مرض الموت أدعو لي ابني لعلي أخبره بما سمعت من رسول الله فقال له :- ( إن أول شي خلقه الله القلم ، فقال له أكتب ، فقال يا رب ماذا أكتب ؟ قال :- القدر )
قال رسول الله ( فمن لم يؤمن بالقدر خيره وشره احرقه الله بالنار )
– وروى ابن وهب :- أن عبد الله بن مسعود قال :
إن أول شي خلقه الله عز وجل من خلقه القلم ، فقال له أكتب فكتب كل شيء يكون إلى قيام الساعة ، فيجمع بين الكتاب الأول وبين أعمال العباد فلا يخالف ألفا ولا واوا ولا ميما ، وتأكيد ذلك من كتاب الله عز وجل قوله تعالي ( هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) الجاثية29
وذكر الحق تبارك وتعالي في الآية لفظ نستنسخ دليل علي وجود نسخة أخري مطابقة لأعمال الشر دونها الله تبارك وتعالي بعلمه في اللوح المحفوظ وهي مطابقة لصحائف اعمال البشر تماماً فأعمال البشر والتي تصدر عن ارادتهم يعلمها الله قبل أن تقع وهي مدونة بعلم الله الأزلي وهذا العلم هو علم إحاطة وليس قهر فلا يقهر مخلوق علي عمله وإن قهرة شيئ رفع عنه العقوبة فالأصل في الحساب والعقاب هو الإرادة الحرة وليس القهر ، لم يستخدم الحق تبارك وتعالي لفظ ننسخ أي نكتب وإن كانت في الأصل كتابة وتدوين للدلالة كما قلنا علي سابق التقدير وفرق بين النسخ والاستنساخ فالنسخ يعني الكتابة وهي تدوين وكتابة أعمال العباد بعد حدوثها ، أما الاستنساخ فهو أن تأتي بصورة طبق الأصل من موجود ، والمقصود بالكتاب في الآية الكريمة هو الكتاب الأول والذي ذكره ابن مسعود في الرواية وهو اللوح المحفوظ والذي قدر سبحانه وتعالي ودون وكتب فيه كل شيئ إلي قيام الساعة ، بل وأحداث الساعة وما بعدها كل في محيط علمه وتقديره وتدوينه .
ولما كان ما يكتبه ويدونه الملائكة من أعمال العباد مطابقاً لما هو مدون ومكتوب في الكتاب الأول صار تدوينهم للأعمال وكأنه نقل من اللوح المحفوظ ، لذلك استخدم الحق لفظ الاستنساخ للدلالة علي هذا المعني ، وفي رواية ابن مسعود : عند الجمع بين الكتاب الأول وبين الكتاب المدون فيه أعمال البشر لا يخالف ألفاً ولا واواً ولا ميماً ولكن يوجد التطابق التام ولا يجوز الاحتجاج علي المعاصي والذنوب علي سبق التقدير فالتقدير تقدير علم واحاطة وليس تقدير قهر واجبار كما أن الإنسان لم يطلع علي سابق القدر كي يحتج به لكن هذا يصدر من النفوس المريضة لتبرير الخطأ والذنب بأن يقول لو كتب الله لي الهداية لكنت من المهتدين وما أدراك أن أن لم يكتب لك الهداية هل اطلعت علي اللوح المحفوظ ؟ .