بعض الذين نقابلهم في حياتنا من ذوى الوجوه المتعددة دائما ما نُخدع في تصرفاتهم عندما نراهم يدعون أنهم من أهل المنفعة فيخدعون أهل النوايا الحسنة ليستخدموهم كأداة ليصنعوا لهم مجداً زائفا لنجدهم بعد ذلك يتظاهرون بما ليس فيهم ويقوَّلون مالا يعملون ويعظمون أعمالهم القليلة ويفتخرون بها فينسبون الفضل لأنفسهم ويمجدونها باعمال لم يقوموا بها أو شاركوا فيها بما لا يُذكر ولكنهم مفضوحون لأنهم لا يجيدوا تغطية وجوههم برقة الكلام أو بمكر الأغبياء .
هذه مقدمه لابد منها حتى نلقى نظرة متأنية على من عافت أنفسنا وجودهم في حياتنا وتعففت ألسنتنا عن مبادلتهم حديث تملؤه حقيقة نواياهم … عندما ندرك أنهم طلبوا مساعدتنا لكي نبنى لهم صرحا يصنع لهم شرفاً كاذباً .
الغريب أن هؤلاء يحتلون مراكز اجتماعية لا باس بها ولكنهم يسعون بعقولهم المعطوبة لزيادة مكانتهم بين أصحاب المظاهر الكاذبة .
إن ما يفعلونه ويسعون إلي تجميله كما يطلق عليه أصحاب الطبقة الفوق متوسطة ( البرستيج ) والذي أعرفه أنا بوضعه الحالي الآن أنه : نقص في الهيكل النفسي للإنسان يدفعه لاستكمال شخصيته بجهود غيره بطريقة تخالف منطق الحدود الاجتماعية .
ورغم أن المظهر الإجتماعى ( البرستيج ) مطلوب ومهم لكنه بلا شك لا يمكن اعتماده كمعيار لقياس أهمية الفرد في المجتمع إنما يجب أن يكون مقياس للدور الحيوي الذي سيلعبه في تنمية المجتمع وكيفية تطويره .
فالغريب في هذه الأيام اتجاه البعض ومنهم من اقصدهم يبحثون عن النجاح المفاجئ والتدرج لمستوى أفضل بلا مجهود أو عناء بحث ولا يدركون بذلك أنهم لا يخدعون من حولهم إنهم يخدعون أنفسهم لأنهم كما ذكرت مفضوحون بشخصياتهم الهشة وبأساليبهم الطفولية .
إن هؤلاء يجب عليهم تصحيح النية وتحمل المسئولية لأن الوصول للنجاح الحقيقي لا يتأتى إلا بالربط بين الرغبة والعمل لتحقيق الهدف ويجب عليهم أيضا أن ينزهوا أعمالهم عن صفات الوصولية وأن يقدروا لأنفسهم قدرها وألا يسمحوا لها أن تتعالى وتعلوا على جهود غيرهم ولا يُسخرون مجهود غيرهم للوصول لأهدافهم الرخيصة .
قال تعالي ( لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيم ) آل عمران: 188
ظاهرة الوصولية وهي أيضا ما يعرف بالانتهازية أو “الغاية تبرر الوسيلة” التي يؤكد أصحابها ليل نهار أنهم لن يخسروا لأنهم يجيدون إلقاء اللوم على الآخرين فأهدافهم غير نزيهة والذين يتقنون ممارسة كل شئ فإذا فشلوا هنا وهناك لا يمتنعون من تكرار تجاربهم وسلوكهم الوصولي في جهة ما أخرى يعتقدون ويأملون أن تثمر جهودهم الوصولية في تحقيق أهدافهم وفي كثير من المشاهد يختلط الوصولي مع الطموح الذي يصل بجهده وهنا من واجبنا و علينا أن نفرق بينهما فالشخص الطموح عملي لديه هدف وبرنامج وقدرة ولديه أفكار إبداعية لكنه ليس بالحالم فقط والوصولي ليس بعيدا عن هذا لكن قدرته كامنة ومقتصرة فقط في الإقناع الكلامي والتحايل لا الرؤيا البناءة الأبداعية وهو يختار ضحاياه جيداً حيث يعمد ويركز على الأشخاص الذين لا ينكشف أمامهم بسهولة لتحقيق أطماعه وهنا بالتأكيد الوصولي غير قادر على تحقيق أي هدف ناجح ومصيبة المصائب أنه يتنازل عن مبادئه بسهولة ويغيرة جلده طالما أقتضت أطماعه ذلك لأنه أصلاً إنتمائه ضعيف ولا يضحي من أجل الآخرين .
الشخصيات الوصولية لها من الأضرار الكبيرة على المجتمع فهي أصلاً غير ملتزمة لأنها تبحث عن أهدافها الشخصية فما يحركها أطماعها المستقبلية لا يهمهم الأخرون كثيراً لأنهم أصلاً ضحايا لهذا النهج الوصولي على قاعدة نعرفها جيداً “أنا ومن بعدي الطوفان” .
على قاعدة المصلحة على حساب المبدأ يصبح الوصولي إنسان بلا ملامح فهنا نود الأشارة لأحدى الممارسات لأصحاب الفكر النفعي هي إقامة علاقات من منطلق التبادل بالمصالح يقربون ويتقربون كيفما تقتضي المصلحة الشخصية ذلك فلا يؤمنون إلا بفئة يتبادلون المصالح معها فهم ليل نهار يبحثون عن مصدر المصلحة والمصيبة حتى لو كانت على حساب الأخرين أو حتى على حساب المصلحة العامة.