رغم مرور الآيام وتلاحق الآحداث الا أن وجدان المصريين وذاكرتهم تبقي مرتبطة بلحظات حاسمة وفارقة في تاريخ الكنانة, فمن منا علي اختلاف أعمارنا وتوجهاتنا لايقف عند خطاب العزة والكرامة للزعيم الراحل جمال عبدالناصر وهو يعلن تأميم الشركة العالميه لقناة السويس شركة مساهمة مصرية، كلمات سطرها التاريخ بحروف من نور في وجدان الآمة, كلمات أعادت السيادة المصرية الكاملة علي أهم مجري مائي في العالم, وحطمت الآحلام والآطماع الاستعمارية, وأكدت أن مصر اذا أرادت فانها تستطيع فعل المستحيل بعزيمة أبناءها وايمانهم وارادتهم الصلبة.
وعرفانا بالفضل وحتي يعي أبناءنا وطنية وبطولات أبناء مصر الذين حملوا أكفانهم ووهبوا أنفسهم من أجل أن تبقي مصر حرة مستقلة، كان لزاما علينا أن نذكر بعض بطولاتهم، ومن هؤلاء الرجال ” الربان / زكريا الصدر” اول مصري يلتحق بالشركة التي كانت تدير قناة السويس قبل تأميمها ثم لحق به ” الربان / محمود متولي” و” الربان/ الهادي الرافعي” من السلاح البحرى المصرى والذان كانا يحملان رتبة الصاغ البحرى ويعملان على اليخت الملكى “المحروسه”, وبادرا بطلب العمل بشركة قناة السويس حيث عينا بها تلبيةً لرغبة ملكيه من للملك فاروق الأول, حين كانت الوظائف الرئيسيه بالقناه قاصره على الأجانب, ثم لحقت بهم مجموعة من ضباط السلاح البحري ومن البحريه التجاريه في الفترة من 1948 الي 1965ليعملوا في مجال الارشاد والقاطرات، فتكونت مجموعة من المرشدين المصريين المدربين علي يد الاجانب والذين قاموا بتدريب المرشدين المصريين الجدد ومنحهم الخبرات اللازمة للعمل بالقناة. واللذين فاموا بأرشاد السفن عقب التأميم.
وقد شارك في عملية التاميم القائد مقام (العقيد ) مهندس / محمود يونس وعندما تولى رئاسة القناة عمل على أستمرار عملها بكفاءه وتعزيز دورها فى خدمة الملاحه العالميه ، الي جانب المهندس / عبد الحميد ابو بكر والمهندس / محمد عزت عادل والذي تولي فيما بعد رئاسة هيئة القناة وساهم بدور كبير في تطويرها وتعزيز دورها الاستراتيجي في دعم الاقتصاد المصري.
ومن الجدير بالذكر أن الشركة الفرنسية التى كانت تدير القناه قد استخدمت كل وسائل الضغط علي الحكومة المصرية تعددت محاولاتها في افشال تشغيل القناه ، لاستعادة سطوتها الاستعمارية عليها, فقامت بسحب المرشدين الأجانب وهددتهم بوقف مستحقاتهم الماليه ومعاشاتهم، حال استمراهم في العمل عقب قرار التأميم . كورقة ضغط لارباك الموقف المصري والضغط على مصر للاذعان واستدعاء الشركة مرة أخري بشروطها الجديده تجنبا لتوقف حركة الملاحه بالقناة. فانسحب المرشدون الاجانب ولم يبقي سوي 35 من المرشدين المصريين بعضهم كان مازال تحت التمرين, فالشركة الفرنسية لم تكن تقبل بدخول أي عنصر مصري للعمل بوظائفها الرئيسيه خاصةً الأرشاد ولم يحدث ذلك الا بضغط من الملك فاروق.
وكان الدور البطولي لكتيبة المرشدين المصريين الـ35 الذين تمكنوا من اقناع زملاءهم اليونانيين عدد “11 مرشد” للاستمرار وعدم الانسحاب, وقيامهم بتشغيل القناة بكفاءة عالية وتدريب المرشدين الجدد وهنا يرجع الـــفضل لـــجميع العاملين المصريين في القتاه وخاصة قطاع الحركة الذي يعد من القطاعات المحورية بالهيئة لما له من دور كبير في استمرار الملاحة بعد التأميم ، فهو المسئول عن تنظيم السفن بالقوافل وعبورها وتامين سلامة أبحارها, خاصةً وأن فشل المرشدين في ذلك الوقت بمثابة فشل للثورة في اول تحدي لها أمام الأطماع الاستعمارية, ولكن المعدن المصري النفيس والأنتماء الوطنى كان حاضرا بقوة وأثبت للعالم كله أن مصر بها رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فكانت بطولات الرعيل الأول من المرشدين ومن رجال القوات المسلحة والبحرية المصرية بمثابة نبراسا اقتدت به الأجيال المتعاقبة.
تحية اجلال وتقدير وعرفان للرعيل الأول من المرشدين ولجميع الرجال الأوفياء الذين مهدوا لمصرية القناة ودعموا ثوره 23 يوليو ولكل من سار علي دريهم .. رحمهم الله جميعا وبارك في ذريتهم.
وقد قام الصالون البحري المصري, ومكتبة القاهره الكبرى خلال الاسبوع الماضي بعقد ندوه بالمكتبه بعنوان “قناة السويس شريان المستقبل” تحدث فيها الأستاذ الدكتور/ جوده عبد الخالق وزير التضامن الأجتماعى والتموين الأسبق واللواء بحرى / محمود متولى مؤسس الصالون البحرى ونخبه من أبناء الرعيل الأول من مرشدي القناه .
كما قام الصالون البحرى المصرى بالتعاون مع وزارة الثقافه بتكريم رؤساء هيئة قناة السويس السابقين وأسماء نخبه من الرعيل الأول من المرشدين الذين لهم الفضل في أنجاح تاميم القناة وعودتها للسيادة المصرية وذلك من خلال أحتفال وزارة الثقافه بذكرى ستون عاماً على تأميم القناه .