أخبار عاجلة

د.أحمد عبدالله يكتب.. “- 2 – خطة أودد ينون ” : إسرائيل الكبرى

حديث المؤامرة
لكي نستوعب تمامًا إطار الخطة يجب أن نستعرض سريعًا الأحوال الإقليمية والعالمية في ذلك الوقت
في أوائل سنة 1982 كان الاتحاد السوفيتي ما زال قائمًا يحتل أفغانستان ويهيمن على شرق أوروبا ويناطح أمريكا في حرب باردة ، إسرائيل عقدت اتفاقية السلام مع مصر وسلمت معظم سيناء ، الحرب العراقية – الإيرانية كانت في أوجها وكذلك الحرب الأهلية اللبنانية . كان لبنان واقعيًّا مقسمًا لـ 5 مناطق آنذاك ما بين شمال في أيدي المسيحيين التابعين لسليمان فرنجيه بتأييد من سوريا وشرق يحتله الجيش السوري ووسط يسيطر عليه الجيش اللبناني ومحاذاة نهر الليطاني التي تهيمن عليها منظمة التحرير الفلسطينية وجنوب موالٍ لإسرائيل بقيادة ميليشيات سعد حداد (رغم الأكثرية الشيعية) .
فكرة انقسام لبنان تلك كانت تروق جدًا للإسرائيليين بشرط إعادة توزيع الأقسام لتحقق لهم أكبر قدر من الأمن بعد التخلص من الجيش السوري ومنظمة التحرير ومن هنا نبتت في ذهن يينون فكرة (لبننة) العالم الإسلامي كله فهي تقريبًا الطريقة الوحيدة التي قد يتمكن بها شعبٌ صغير مثل الشعب اليهودي من حكم مساحة تمتد من النيل للفرات بالإضافة للمصلحة العقدية المادية في التقسيم الطائفي للمنطقة رأى ينون فائدة أخرى في إرساء شرعية دولة إسرائيل بما أن كل طائفة ستكون لها دولة فوجود دولة يهودية يصبح مبررًا تمامًا من الناحية الأخلاقية .
نشرت خطة “أودد ينون” لأول مرة في فبراير 1982 تحت عنوان ” إستراتيجية لإسرائيل في الثمانينات ” ، ونُشِرت في مجلة ” كيفونيم ” الإسرائيلية وقدمها إلى العالم باللغة الإنجليزية الحقوقي وأستاذ الكيمياء العضوية الإسرائيلي الأمريكي إسرائيل شاهاك تحت عنوان ” خطة إسرائيل للشرق الأوسط ” .
ترتكز خطة ينون على مفتاحين رئيسيين :-
اولا : أن تتحول إسرائيل إلى قوة إمبريالية
ثانيا : إعادة تقسيم العالم العربي إلى دويلات صغيرة غير فعالة وغير قادرة على الوقوف في وجه الإمبريالية الإسرائيلية وتحطيم الدول المركزية مستغلة عدم التجانس العرقي والديني والإثني في سائر الدول العربية .
تقسيم الدول العربية إلى دويلات صغيرة
ويشير “إسرائيل شاهاك” في تقدمته لترجمة الدراسة أن فكرة تقسيم الدول العربية إلى دويلات صغيرة هي إحدى الأفكار التي طرحت مرارًا وتكرارًا في الفكر الإستراتيجي الإسرائيلي ، واستشهد بما كتبه الصحفي الإسرائيلي الفرنسي الأصل زئييف شيف والذي عمل في صحيفة “هآرتس” كمتخصص في شؤون الدفاع والإستراتيجية وكتب في صحيفة هآرتس الإسرائيلية بتاريخ 6 فبراير 1982 قائلًا : ” إن تفكك العراق إلى دولة شيعية وأخرى سنية وانفصال الجزء الكردي هو ما تأمل إسرائيل حدوثه في العراق ” . لاحظ جيدا تاريخ كتابة هذا المقال ومن كاتبه
وجاء ذلك متوافقا مع ما في خطة “ينون” : ” إن تفكيك سوريا والعراق إلى مناطق عرقية وإثنية ودينية متناحرة يجب أن يكون الأولوية الأولى لإسرائيل على جبهتها الشرقية ، فغنى هذه المناطق بالنفط من ناحية ، والصراعات الداخلية التي تمزقها تجعلها مرشحة بشكل مثالي للأهداف الإسرائيلية ” .
اعتبرت الخطة أن أهم محاور الاستراتيجية المستقبلية لإسرائيل عقب الانتهاء من لبنان ، يجب أن تتركز في تقسيم العراق لـ3 دول: شيعية – سنية – كردية، ومن بعد لبنان والعراق تاتى مصر وليبيا والسودان وسوريا والمغرب العربي وإيران وتركيا والصومال وباكستان . استمد يينون واقعية مخططه من إشكالية أن الحدود العربية الحالية غير قابلة للدوام مما يجعل الدول العربية أشبه ببيوت مبنية من أوراق اللعب فهذه الحدود وضعتها دول استعمارية دون اعتبار لهويات الشعوب وتوجهاتها ورغباتها . ولأن معظم الدول العربية تضم عدة طوائف غير منسجمة فان الحكم تستحوذ عليه طائفة بعينها وشدد على أهمية استعادة إسرائيل لشبه جزيرة سيناء (والذي تقف اتفاقية السلام ) ، مؤكدًا على أهمية استعادة الأوضاع إلى ما قبل زيارة السادات واتفاقية السلام “الكارثية” وفقًا لوصفه مبديًا اهتمامًا خاصًا بالثروات النفطية في شبه جزيرة سيناء لسببين: أولهما أنه لا يمكن لإسرائيل الاعتماد كليًّا على المعونة الأمريكية التي تحصل عليها على خلفية اتفاقية السلام ، وثانيهما منع مصر من استغلال الثروات في شبه جزيرة سيناء لأجل استعادة عافيتها . كما توجد صراعات على الحدود بين عدة دول عربية ، بالاضافة الى تصارع الأيديولوجيات بين الإسلاميين والقوميين والوطنيين ، كل ذلك من شأنه أن يصعد الصراعات الداخلية في كل دولة . ( يعنى موضوع حروب الجيل الرابع مش اختراع مصريين ده الاسرائيليين بيعلنوه اهوه من 35 سنة )
لم يرسم يينون خرائط لمخططه ولكنه رأى سوريا مقسمة لـ4 دويلات: سنية في دمشق وأخرى في حلب ودرزية في الجنوب وعلوية على الساحل . وتصور أن المغرب العربي سيُقسَّم بين العرب والبربر فضلا عن الأمازيج . أما الأردن فاعتبرها وطن المستقبل للفلسطينيين بعد سقوط مُلك الهاشميين ، وأما الخليج العربي فوصفه بـ(قصور على الرمال) : نخب حاكمة في أبراج عاجية – السكان أغلبهم من جنسيات أجنبية – جيوش ضعيفة ، حيث لا يوجد شيء يذكر سوى النفط. ووصف دول الخليج أنها “دول تتحكم فيها الأقليات بالأغلبية”، فوفقًا لزعمه وقتها، فإن الكويتيين لا يمثلون سوى ربع عدد المقيمين بالكويت بينما توجد أغلبيات شيعية في البحرين والإمارات تحكم بواسطة أقليات سنية ، حتى المملكة العربية السعودية فإن حكومة أقلية تحكم أغلبية من الوافدين معظمهم من المصريين واليمنيين .
ووصف الأردن بأنها فلسطينية بالأساس تحكم بواسطة أقلية بدوية عابرة ووصف عمان بأنها فلسطينية تمامًا كنابلس ووصف الجيش السوري بأنه جيش سني تتحكم فيه أقلية علوية ، أما الجيش العراقي فهو جيش شيعي تحكمه قيادة سنية مما دفعه للحكم بصعوبة الحفاظ على استقرار طويل الأمد في هذه الجيوش .
من المهم هنا استعراض ما كتبه يينون عن رؤيته لمصر بتفصيل أكثر فقد وصف مصر ب : نظام حكم عقيم مفلس بيروقراطي وغير كفء – تكدس سكاني – شح موارد – تخلف علمي – نخب ثرية وأغلبية مطحونة فقيرة محرومة من الخدمات الأساسية – بطالة – أزمة سكن – اقتصاد يشهر إفلاسه في اليوم التالي لتوقف المساعدات الخارجية – يمكن إعادة البلاد لوضع النكسة في ساعات .
في كلمة واحدة، وصف يينون مصر بالدولة (الهشة) ، فالأقباط المنعزلون المتقوقعون جاهزون للاستقلال بدويلتهم في الصعيد ، بالنسبة لسيناء تحدث عن تطابق التكوين الجيولوجي بين سيناء ومنطقة الخليج ، أي أنها تحوي نفس الكنوز النفطية مما يعني إضافة ثروة اقتصادية مهولة إلى جانب البعدين الديني والاستراتيجي وبالتالي حتمية عودة سيناء لحكم إسرائيل طبقًا للخطة هذا يفسر جزئيًّا حرص إسرائيل البالغ منذ اتفاقية السلام حتى الآن على بقاء سيناء صحراء قاحلة لا تنمية فيها ولا تعمير باستثناء الشريط السياحي الساحلي . المصيبة أن هذا ما كان يفكر فيه الصهاينة منذ بدايات اتفاقية السلام فى نفس الوقت الذى بدأنا نحن بترويح فكرة أن عهد الحروب قد ولى وأننا في مرحلة تطبيع وسلام مع إسرائيل ومصيبة اكبر ان يكون هناك منتفعين من ذلك ، والمصيبة الأعظم أن يكون هناك مقتنعين ومصدقين لهذا .
الكارثة الأكبر أن يينون قال أن كل ما سبق لن يحدث لمصر باستخدام قوة عسكرية أو صراع مسلح ، بل هو على يقين أن أداء النظام الحاكم في مصر سيسوق البلاد لذلك الانهيار من تلقاء فساده وسوء إدارته بدون أي تدخل مباشر من الإسرائيليين . يا سلام الراجل كان شايف اننا بنهد نفسنا بنفسنا وبيعلنها كمان !!!! شايفين الخيبة اللى محصلتش .
بعد 4 شهور من نشر هذا المخطط، قامت إسرائيل بغزو لبنان ولم تخرج إلا بعد 18 سنة، أبادت وطردت خلالها الفلسطينيين هناك وفعلت ما يكفي لإخراج الجيش السوري ولولا اتفاق الطائف وظهور حزب الله في الجنوب لكانت لبنان مقسمة الآن إلى 5 دويلات ، لكن الإشكالية أن لبنان ما زالت حتى يومنا هذا مقسمة واقعيا وإن احتفظت بوحدة حدودها السياسية . أما العراق تم إنهاك جيشها في حربه مع إيران وما أن انتهت تلك الحرب حتى بدأت أولى خطوات تقسيمها بغزو صدام حسين للكويت في سنة 1990 والآن ….. أنظروا ما آلت وما يمكن ان تؤول اليه خريطة المنطقة .
وهكذا تصبح المنطقة دويلات عرقية واثنية وكانتونات ضعيفة ومتناحرة لصالح التفوق الاقليمى لاسرائيل ، ثم اعلنها شيمون بيريز مباشرة : ” لقد جرب العرب قيادة مصر للمنطقة مدة نصف قرن ، فليجربوا قيادة إسرائيل إذن ” . وهذه أيضا هي الرؤية التي يتبناها المحافظون الجدد وتدور السياسة الأميركية في إطارها . لاحظ الاهتمام الخاص بالعراق و سينا ولا تنسى ” من النيل للفرات ” اسرائيل الكبرى التى اراها فى طريقها للتحقق . 
أخيرا وليس آخرا اقرأوا هذا التصريح وقل لى بماذا تشعر : ” لقد أثبت العالم العربي عجزه عن التحليل المنطقي للمستقبل حتى أولئك الذين يتصايحون للتحذير من مخططات الأعداء يفعلون ذلك بناءً على أوهام يتخيلونها وأساطير يتداولونها وليس على أساس معرفي علمي ، لذلك يحبذ الخبراء الصهاينة نشر استراتيجياتهم المستقبلية علنًا لتوعية أكبر عدد ممكن من اليهود والإسرائيليين بها دون أدنى قلق من اطلاع العرب عليها فإمكانية تصدي حكوماتهم لتلك الخطط إزاء معرفتهم بها شبه معدومة ” .
إسرائيل شاهاكود 
المحلل السياسي الإسرائيلي والأستاذ بالجامعة العبرية – القدس
رئيس الرابطة الإسرائيلية لحقوق الإنسان
… ولا حول ولا قوة الا بالله
نسيت اقوللكم : أنظروا لخريطة إسرائيل الكبرى واسمعوا تلك الآيات فى الكتاب المقدس : –
ْ ” وفي ذلك اليوم قطع الرب مع ابرام عهدا ، وقال : ” لنسلك أعطي هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير ، نهر الفرات ” سفر التكوين 15:18-21
وللحديث بقية ان شاء الله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *