Breaking News

هبه عبد العزيز تكتب… “قرض الصندوق ودبلوماسية التنمية -2-“

كنا قد طرحنا السؤال فى الأسبوع الماضى عن قرض صندوق النقد، وأشرنا كذلك إلى مصطلح «دبلوماسية التنمية» الذى أثاره «يوجين بلاك» فى كتابه «دبلوماسية التنمية الاقتصادية»، حيث ناقش فيه فكرة «توازن الآمال» فى المجتمعات الفقيرة والنامية, كما إستحدث أيضًا مصطلحا جديدا وهاما وهو «دبلوماسى التنمية».
وإستكمالاً.. دعونا نلقى نظرة سريعة على هذا القرض البالغ 12 مليار دولار, سيمنحها الصندوق لمصر على 3 سنوات, بفترة سداد 10 سنوات «وهذا الرقم (12مليار) يقترب من الحد الأقصى المسموح به للاقتراض بالنسبة لحصة مصر, مما يدل على أن الاقتصاد المصرى لم يحقق أى تحسن فى السنوات الأخيرة ولم يتأثر بالأحداث الاقتصادية التى زعمت الحكومة جدواها بكل آسف ! »، ولكنه فى الوقت نفسه مؤشر دولى للإستقرار السياسى فى مصر. وقد لجأت مصر للإقتراض من الصندوق بالأساس لسد الفجوة التمويلية «حيث نحتاج لحوالى 21 مليار دولار بحسب ما أعلنته الحكومة لتمويل برنامجها الإقتصادى المقترح », بالإضافة لمحاولة إحتواء أزمة الدولار المتفاقمة أيضا , وقد تضمن الإتفاق بعض الإلتزامات من الحانب المصرى لضمان إنكانية الوفاء بالسداد مثل: تطبيق ضريبة القيمة المضافة, وخفض دعم المواد النفطية. ومن المفترض بتطبيق (البرنامج الإصلاحى المقترح) أن ينخفض العجز الحكومى من حوالى 79% إلى 48% من إجمالى الناتج المحلى.
ويمكننا بإختصار أيضا أن نجمل القول بأن وظيفة قرض الصندوق فى هذه الحالة تتمثل فى دعم الموارد المالية لمصر «ودعونا نضع الأمور فى نصابها الصحيح فالغرض من هذا القرض هو تحقيق هامش من الحماية المالية لا أكثر», وفى الوقت نفسه فلا بد – ونضع تحت «لابد» مليون خط أحمر – أن تعمل السلطات على تنفيذ «برنامج إصلاح إقتصادى» (حقيقى ملموس النتائج) يهدف إلى أمرين أساسيين وهما: إستعادة الآستقرار المالى للبلاد, وتحقيق نمو إقتصادى وتنمية حقيقة….
ولتحقيق ذلك يعلم جميعنا أن الحكومة ستلجأ لاتخاذ عدد من الإجراءات القاسية, وهنا يجب أن أشير إلى أنه لا بد أن يتم – ونضع مليون خط أحمر أيضًا تحت «لابد» – من حماية محدودى الدخل والعمل تحت مظلة مراعاة الظروف الإقتصادية والمعيشية للسواد الأعظم من الشعب المصرى والذى يعيش أكثر من 37% منه تحت خط الفقر. وأرى أنه من واجبى أن أقولها بصراحة ووضوح شديدين ودون تجميل للحروف أو الظروف: فإن لم أن تمثل الحماية الإجتماعية لمحدودى ومعدومى الدخل حجر الزاوية فى هذا البرنامج الإصلاحى, ودون التعهد بمراعاة الحقوق الأساسية للشعب لن يتم أى إصلاح ولن نخطو خطوة واحدة نحو ما يهدف اليه البرنامج الحكومى, وسيصبح القرض مجرد إضافة للدين القائم وسببًا جديدًا آخر فى تفاقم المشكلة.
وهناك نقطة هامة أود الإشارة إليها وهى أن الصندوق ليست له أى شروط سياسية أو اقتصادية معينة يفرضها كما هو متداول, ولكنه يرحب بالبرامج الإصلاحية التى تضعها الحكومات الوطنية نفسها بما يلبى إحتياجاتها، بمعنى أن دوره فى هذا السياق هو مجرد المساعدة فى إعداد السياسات والإشراف على تنفيذ البرنامج الإصلاحى لضمان أو التأكد من قدرة الدولة على السداد.. ومعنى ذلك أن تتحمل الحكومة المسئولية كاملة أمام الشعب عن النجاح أو الفشل.. وبمناسبة ذكر الحكومة فقد ذكرت فى مقالى هذا ووضعت خطوط حمراء وشددت على نقطتين أساسيتين وهما: برنامج الإصلاح الاقتصادى وبرنامج الحماية الاجتماعية للسواد الأعظم من الشعب.. بقى الضلع الثالث فى مثلث ما أردت إيصاله وهو: ضرورة وجود رؤية إستراتيجية للدولة معلنة بشفافية، ومسئولية الحكومة والمجموعة الاقتصادية، وهو ما سنتناوله فى المقال القادم بإذن الله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *