Breaking News

هبه عبد العزيز تكتب… “قرض الصندوق ودبلوماسية التنمية -3-“

وبمناسبة الحديث عن الحكومة… فقد ووضعت خطوط حمراء وشددت على نقطتين أساسيتين وهما: برنامج الإصلاح الاقتصادى وبرامج الحماية الإجتماعية ,  وبقى الضلع الثالث فى مثلث ما أردت إيصاله وهو: ضرورة وجود رؤية استراتيجية للدولة معلنة بشفافية، إضافة لدور ومسئولية الحكومة والمجموعة الاقتصادية تحديدا فى ذلك….
كانت تلك الجزئية ختام لمقالى الأسبوع الماضى, وسأستكمل معكم قرائى الكرام الضلع الأهم فى مثلث محاولة الخروج من الأزمة الإقتصادية الطاحنة التى تعانى منها مصر مر المعاناة.
فقد تابعنا أنه تم الموافقة مؤخرًا على برنامج إقتصادى مقترح من الحكومة, ودعونا نشير إلى أن تنفيذ البرنامج  من غير المفترض أن يكون مرتبطا بقرض صندوق النقد (فالقرض فقط ما هو إلا عامل تمويلى مساعد), ودعونا أيضًا نشير إلى أن علاج الأزمة الاقتصادية لابد وأن ينصب على جذورها (تلك المتمثلة فى النهوض بقطاعى الزراعة والصناعة  كأساس إلى جانب التعليم بالتوازى أيضًا) ولا يقتصر الأمر على معالجة مظاهرها الإقتصادية فقط, ففكرة التركيز على تخفيض عجز الموازنة, وتقليل الدعم, وبيع أصول قطاع الأعمال العام, وغيرها، ما هى إلا إصلاح هش،  وقد نفذ كل ذلك بالفعل من قبل فى مصر فى بداية التسعينات, وقد سجل ذلك نمو طفيف ولكن لم ينتج عنه أى تنمية اقتصادية أبدًا, (وهنا يجب أن نفرق ما بين النمو والتنمية وحتى النمو الذى حدث لم يشعر نسبة ال 3% من الشعب) ، وبحلول نهاية التسعينات وجدنا المشكلة ذاتها تتكرر!!! بل وأخذت الأزمة تتسع ،  وتفاقمت حدتها أكثر بعد ثورة 25 يناير حيث وصل الدين العام إلى 100% من نسبة الناتج المحلى الاجمالى, وارتفعت معدلات البطالة إلى 14% , وتراجعت الصادرات وزادت الواردات, ووصل العجز فى الميزان التجارى لـ70 مليار دولار….
إذن فنحن بحاجة لإصلاح هيكلى لمعالجة الأزمة ا(لانتاجية) , وهذا هو الأساس, – وأكررها لعل التكرار يفيد الشطار – فمن ضمن ما يجب أن يتضمنه البرنامج الإصلاحى هدف الوصول لتحقيق الاكتفاء الذاتى من بعض السلع الإستراتيجية كالقمح، وتلك قضية آمن قومى،  فجميعنا يعلم بأننا نستورد حوالى 60% من إحتياجاتنا من الغذاء (ولا تدعوا أرجوكم هذه النسبة تمر هكذا علينا مرور الكرام ولنتأملها عدة مرات) فكيف يستطيع من لا يملك غذاءه، أن يمتلك قراره؟؟!!. وكذلك الأمر أيضا  ففى مجال الصناعة الذى يعانى مشكلات معقدة أهمها ارتفاع تكاليف الانتاج بسبب الاعتماد على الخارج فى استيراد مستلزمات الإنتاج من معدات وتكنولوجيا، لذا يجب العمل على استيراد أو توفير أسس التصنيع والأفكار اللازمة للنهوض بالصناعة الوطنية أو ما يطلق عليه بالإنجليزية (know How) وهى إمتلاك حقوق المعرفة.
ودعونى أخبركم  أنه لم تتاح لى الفرصة للإضطلاع على البرنامج الإقتصادى، إلا أنه بعد حديثى لبعض من الخبراء الإقتصاديين الذين أكدوا لى بأن البرنامج الحالى يشتمل على عناصر جيده ولكنه يحتاج إلى حكومة قوية، مستعدة وقادرة على تنفيذه 
وسأختص بالحديث هنا المجموعة الإقتصادية الحالية , والتى أطالب بإقالتها وإعادة تشكيلها  -جملة واحدة- ودون لف ودوران أو اللجوء لإستخدام بعض من الجمل الدبلوماسية  الرمادية التى ليس لها أى طعم أو لون ، فلابد من إقالة تلك المجموعة الحالية وإعادة تشكيلها بما يتماشى مع متطلبات الخروج من الأزمة الاقتصادية الراهنة والتى تتفاقم يوم بعد الآخر، فالمثل الشعبى يقول (أعطى العيش لخبازه) وهؤلاء وما قبلهم  أثبتوا بما فيه الكفاية أنهم لا يعرفون شيئا عن (العيش) …. لا عن صناعته ولا عن كيفية إستثماره سواء فى الداخل أو الخارج ، فهم ببساطة لا يعملون لصالح الجماهير العريضة من الشعب ولا لصالح المصالح العليا للبلاد … والحقيقة إننا لا ندرى لصالح أى شىء يعملون، إلا أريد أن أتهم أحد منهم بالفساد ، ولكننا للآسف لم نرى إلا مجموعة من الموظفين يفكرون داخل الصناديق ، أإداء لا يثمن ولا يغنى ، فى الوقت الذى نعانى فيه  من تباطؤ شديد فى الاقتصاد  أخشى ما اخشاه أن يتطور إلى إنكماش إن لم نواجهه وفقًا لخطة استراتيجية جادة وبإرادة قوية لاشخاص وطنيين، يعوا جيدا ويشعروا بمدى المعاناة التى أصبح يتكبدها المواطن العادى بشكل يومى فى مواجهة شبح الغلاء الذى استوحش ،بشكل وصل لحد الجنون فى ارتفاع اسعار بعض السلع والخدمات الضرورية وليست الكمالية وأكررها ليست (كمالية)!!. فلا يمكن أن ينجح أى برنامج أو أى إصلاح ما لم يراعى حقوق وظروف السواد الأعظم من الشعب.. وهنا يمكننا الحديث عن حلول عدة منها على سبيل المثال لا الحصر تطبيق الضرائب التصاعدية والتى سيكون لنا عنها حديث مفصل أكثر فيما بعد.
 وكالعادة  وفى نهاية كل مقال فمازال فى جعبتى كثير مما لم تتح لى المساحة ذكره… .ولكنى سأختم مضطرة بجملة قد راقت لى استخدمها السيد/ أشرف العربى عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس الشعب حيث قال: «إن قرض الصندوق هو شهادة رسوب قد تتحول لشهادة نجاح».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *