كلما قرأت انتقاداً أو قصة أو فضيحة تتعلق بالمرشح الأمريكي ترامب أتساءل في نفسي هل فعلاً حزبه الجمهوري اختاره عن قناعة ولأنه أفضل ما يملك ؟ ونفس الأمر ينطبق على المرشحة هيلاري كلينتون التي ثارت حولها الشكوك والانتقادات لدرجة أنها تحولت للمتابع الى إمرأة على صورة وحش ! عن نفسي لا أحب أن أرى أن هذان الاختياران هما نتاج سؤ في الدراسة أو في التقييم . فنحن أمام حزبين الجمهوري والديمقراطي يحملان من الخبرات والقدرات الفكرية ما قد لا نصل اليه بسهولة نحن القراء للأحداث والمتابعون عن بعد أو عن قرب أكثر . بعض الأمور تبدو أكثر تعقيداً اذا حاولنا فهمها من منظور منطقي أو اعتيادي ، لذلك وبكلّ بساطة لديّ قناعة أنه وبالنسبة للحزبين معاً كان هذا اختيارهم المطلوب . لماذا ؟ لأن المطلوب هو مرشح خاسر وليس مرشح رابح ! كل من الحزبين الجمهوري والديمقراطي لا يريد أن يرتبط اسمه وتاريخه بالمرحلة القادمة من السياسة الأمريكية ، التي من المؤكد والمعقول أنها تسير ضمن خطط لا تراجع فيها وخاصة الجزء الخارجي منها وما يدور حوله من أحداث قد تتحول الى أكثر عنفاً مما هي عليه في منطقة الشرق الأوسط . نعم المطلوب هو مرشح خاسر على طريقة المقولة العربية الشعبية ” الفليله ثلثين المراجل ” ، فلا أحد من الحزبين يتمنى أن يفوز بالرئاسة الأمريكية ويحمل على عاتقه ما قد يدور من أحداث وتطورات تسجّل له في التاريخ . في نفس الوقت المتابع للصحافة الداخلية الأمريكية يلمس دعماً غير مباشر للمرشح ترامب فتارة يتم تصويره على أنه المسالم الذي يقدم استعداده الكامل للتفاوض مع الأعداء إن صحت هذه التسمية وهم الروس وزعيمهم بوتين في هذه الحالة ، وتارة أخرى يتم استعراضه على أنه الاختيار الأنسب من بين اختيارين كل منهما لم يصل الى الدرجة المطلوبة . في نفس الوقت أيضاً سيكون من السهل تحميله مسؤولية ما قد تفشل أمريكا في تحقيقه في المرحلة القادمة أو ما قد ينتقدها العالم والمجتمع الامريكي المحلي عليه فهو الشخصية المتهورة الغير ثابتة بالأدلة التي تذاع عنه هنا وهناك وبين الحين والآخر من فضائح في التحرش الجنسي ورؤية معادية للمرأة ونزعة الى العنف . سيفوز دونالد ترامب بانتخابات الرئاسة الأمريكية سيكون صورة عن الرئيس المطلوب في هذه المرحلة ، سيلقي الخطابات الحماسية المكتوبة له مسبقاً وسيرتدي الألوان الصارخة في ربطات العنق التي تشير الى نوع شخصيته والتي تم اختيارها من الان وسيخوض مقابلات تلفزيونية مصوّرة قبل عرضها . ثم سيقال عنه يوماً ما أنه الرئيس المتهور الذي كان السبب في سياسة أمريكا وما ترتب عنها وسيتم تحميله كل المسؤولية ، الرئيس الذي تم اختياره ليكون الرئيس الخاسر مسبقاً .
ولن يختلف الأمر في حالة فوز السيدة كلينتون فهي قد قدمت نفسها مسبقاً لهذه المهمة في كتابها ” خيارات صعبة ” عندما اعترفت فيه بجهودها الدولية في دعم تنظيم الدولة والتمهيد للاعتراف به دولياً .