ولقد اتفقوا على ألا يتفقوا..
موالون ومعارضون، من هنا ومن هناك، اتفقوا أن يختلفوا ويتناحروا ويتقاتلوا باسم الوطن.
اتفقوا يعبثوا بأمن المواطنين ويعيثوا خراباً في مقدّرات بلادهم من أجل مصلحة الوطن. وإذا كان القتل باسم الله قد أصبح حجّة بالية، فلنقتل باسم الوطن.
إتفقوا على كره العدو واحتقارالعملاء، على محاسبة الجناة ودحض الطائفية.. وما اتفقوا على “الكراهية”. إتفقوا على السجالات اليومية والإتهامات العبثية والملفات السرّية والإيضاحات الوهميّة، واختلفوا على ازدهار وأمن البلاد. إتفقوا على حرق وهدم دور العبادة على اختلافها (منعاً للفتنة الطائفية)، على التفجيرات والعبوات الناسفة في كل المناطق (منعاً للفتنة المناطقية) وعلى ضحايا هؤلاء وأولئك (منعاً للفتنة العائلية). إتفقوا على رغد عيشهم على ضخامة بطونهم على حجم خزائنهم على تقبيل أقدام أسيادهم واختلفوا على رغيف خبزٍ زائدٍ في معجن شعوبهم.
إتفقوا على رسم الشوارع بجثث الناس وطلاء الجدران بدمائهم، على الزحف المتواصل للبقاء على كراسيهم، على رفع الأصوات في المجالس، على التنديد بالجرائم، على الدموع المزيّفة والمشاعر الملوّثة.
هم متفقون، يتّبعون نفس الأساليب والمناهج، لهم نفس المطامع والأهداف، لهم نفس تعابير الوجوه المتغيّرة مع كل مناخٍ وطقس،حتى مناصريهم يتشابهون.
بالحقيقة هم متفقون، إتفقوا على العنف، إتفقوا على الوطن واختلفوا على الإنسانية..