Breaking News

إبراهيم الصياد يكتب.. “حالة الاقتصاد وسلوك المستهلكين !!”

ما حدث مؤخرا لم يكن منطقيا ولا معقولا عندما ارتفع سعر العملة الأمريكية مقابل الجنيه المصرى بشكل ليس له علاقة بالاقتصاد أو السياسة، إنما الأكيد أن له علاقة غير منطقية بالأخلاق وبإعطاء الدولار وضعا أقرب ما يكون للسلعة منه للعملة، وشتان بين الاثنين، السلعة تسد احتياجا، لكن العملة وسيلة تبادل لشراء السلع والخدمات، ولذلك تصحيح الوضع أمر كان مطلوبا للحد من أوضاع مقلوبة، وأنا أعلم أن تثبيت سعر الصرف هو الأفضل فى ظل اقتصاد مستقر، ولكن تحرير السعر أو تعويم العملة خطوة مكروهة مؤقتة لإعادة التوازن من جديد لسوق الصرف حتى يستقر الاقتصاد، ويعاد تثبيت السعر من جديد، وأتصور أن ذلك هو المتوقع فى المدى المنظور. 
ويجمع الاقتصاديون على أن القرارات الاقتصادية الأخيرة هى خطوة طال انتظارها أكثر من نصف قرن كان لا بد منها لخروج الاقتصاد المصرى من عنق الزجاجة، ولكن ظلت جميع الحكومات السابقة المتعاقبة تخشى الاقتراب من مساحة المساس بالدعم، ويرى البعض أن تجهيز المريض لإجراء عملية جراحية خطوة أساسية لصالح المريض قبل إجراء العملية، وأعتقد أن القرارات الأخيرة أيضا من الضرورى أن تكون مصحوبة بتجهيز المجتمع لآثارها الجانبية، وأهم عامل هو ما يسمى «الحماية الاجتماعية»، فمثلا ترك الحبل على الغارب للسوق يتحرك كيفما يشاء بلا رقابة مجتمعية أو حكومية سيجعل من محدودى الدخل أو الفقراء أكثر المضارين من أى إجراء، ولذلك من المهم أن نحمى المواطن الفقير بتوفير مستوى معيشة إنسانى وحضارى، فلا يتحمل أى أعباء جديدة، أما الأعباء الناجمة عن القرارات الجديدة يتحملها القادرون، حيث يقول المنطق والعدل إن هناك علاقة طردية بين الأعباء وزيادة المقدرة الاقتصادية. 
إن الزيادة فى أسعار كل السلع والخدمات أمر غير مقبول إنسانيا ولا اقتصاديا، خاصة كما قلت إن ربط الأسعار بالدولار قد يكون مقنعا إذا كانت السلعة أو الخدمة مستوردتين، لكن ما مبرر زيادة سعر سلعة محلية من مكونات محلية؟ سؤال يحتاج إجابة من المسئول قبل المتخصص، ويفرض الحاجة للرقابة على أسعار السلع والخدمات التى تقدم للمواطن الفقير.
وبمناسبة زيادة سعر الوقود، نلاحظ أنها انعكست على أسعار السلع الأخرى بحجة الزيادة فى أسعار النقل، وأتصور أنها أقل كثيرا من الزيادة فى سعر الوقود، ويمكن تلافيها بتقليل هامش ربح الناقل والمنتج والتاجر، وهو أمر عادل، فلا يمكن أن يتحمل المستهلك أى زيادات فى الأسعار ويحافظ البائع أو مقدم الخدمة على معدل أرباحه، بل يزيد منها منتهزا فرصة إطلاق التحكم فى السوق لآليات العرض والطلب.
كلمة أخيرة هل يمكن أن نتوقف قليلا مع سلوكياتنا كمستهلكين؟
وكما يقولون «رب ضارة نافعة»، فعلا نحن نحتاج إلى مراجعة لعادات انتشرت فى المجتمع تحث على تكريس الفكر الاستهلاكى، وربما القرارات الأخيرة تدفع الكثيرين منا إلى ترشيد الاستهلاك، وألا يشترى أحد منا سوى احتياجاته الفعلية، وسنضطر إلى ذلك، لأن الظروف الحالية ستجبرنا على الالتزام فقط بشراء الأساسيات والتخلى عن الكماليات، لكن أهمس فى أذن الدولة، أنه يجب منع الإعلانات الاستفزازية، فليس معقولا أن نحث المواطنين على ترشيد استهلاكهم، وتذيع القنوات الفضائية إعلانات تعمق من الإحساس بالإحباط، لعدم مقدرة البعض على مجاراة سلع وخدمات ربما أسعارها مستفزة وفلكية ولا تتوفر إلا لأصحاب الملايين والمليارات الذين يزاحمون بسياراتهم الفارهة فى محطات البنزين أصحاب السيارات المتواضعة، ليحصلوا على الوقود بنفس السعر، ولهذا أقترح تفعيل الكارت الذكى ليشترى المواطن المتوسط الحال وقودا مدعما وبكمية محددة فى حين يدفع القادر سعر الوقود غير المدعم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *