عمار يا مصر
يسقط الوطن إذا سقط جيشه ، وينجرف إلي حرب أهلية إذا انقسم جيشه ، وتصبح حدوده نهبا لكل طامع إذا فقد الشعب ثقته في جيشه ، باختصار لا قيمة لدولة ليس لديها جيش قوي ، ولا أمان لشعب ليس لديه جيش منه يحميه ، ولأن الجيش المصري يختلف عن كل جيوش المنطقة وربما العالم كله لأسباب عديدة أهمها العقيدة الوطنية التي اكتسبها وصارت جزءا منه منذ نشأته بأنه جيش من الشعب وللشعب لا يخدم ولا يلبي غير نداء الوطن .. ناهيك عن الصفات التي يكتسبها كل من خدم فيه عاملا أو متطوعا أو مجندا ، فهو مصنع الرجال ، وبوتقة انصهار الوطنية ، وشرفا لكل من خدم وطنه من خلال انتسابه له .. وحسبه ذلك .
ولأن الشعب المصري الحقيقي يدرك أن الجيش هو آخر الخطوط الحمراء كان رده علي ترهات قناة الجزيرة بين وجهتي نظر كلتاهما تصب في التفاف المصريين حول جيشهم ، وأنه لا حياد ولا منطق ولا خط رجعة مع من يتجاوز علي الجيش لسبب بسيط لا تدركه جزيرة قطر ومن يدير شئونها هو أن المساس أو التحرش بقواتنا المسلحة هو مساس بكل الشعب المصري الذي يستطيع في سهرة واحدة أن يحول حياة الأسرة القطرية الانقلابية وجزيرتها إلي كابوس !
وجهة نظر تقول أن الفيلم التافه المفبرك المفضوح الذي صنعته جزيرة قطر لا يستحق عناء الرد ، ولا يستحق أن نشغل بالنا به لأن المقارنة بين الديناصور والسحلية أو البرص لا يجوز لنا أن نعقدها ، وربما لدي قطر وطغمتها الحاكمة العذر فهي ليس لديها جيش بالمعني الحقيقي للجيوش وإن كانت تشتري السلاح بالمليارات لأنها لا تحتاج جيشا يحميها واكتفت بدفع 2 مليار دولار سنويا مقابل حمايتها بقواعد عسكرية أمريكية في العيديد والسيليه ، ولم تدخل حربا أو معركة وإن كانت تكسب معاركها بالمال والرشاوى ودعم الإرهاب لتصنع لنفسها تاريخا مزيفا سرعان ما تكشفه حقائق الواقع !
وجهة النظر الأخرى تقول : من أمن العقاب أساء الأدب ، وقطر دأبت علي إساءة الأدب لأننا سامحنا في كثير من تجاوزاتها في حق مصر ورئيسها ، واتفقت وشاركت وساعدت في قتل ضباطنا وجنودنا من الجيش والشرطة ، وأصرت – وما زالت – علي تشويه صورة مصر وثورتها في 30 يونيو ودفعت الملايين من الدولارات لشراء وسائل الإعلام الغربية التي تسيء لمصر ولم نحاسبها أو نعاقبها .. لذلك وجب عقابها بكل صور العقاب وأشكاله شعبيا ورسميا بلا أي اعتبارات بعد أن جعلت المعركة مفتوحة بينها وبين الشعب المصري الذي لا يعرفه المراهق الذي يحكم قطر بتعليمات من أمه !
علي المستوي الشعبي قام المصريون بالواجب بما يملكون من أدوات وبقي الرد الرسمي الذي ننتظره جميعا في صورة قطع العلاقات والتحذير شديد اللهجة الذي يعني أن عدم التوقف سيكون مكلفا لها وعليها أن تنظر لنفسها وتعي جيدا مع من تتجاوز !
علي المراهقين سياسيا في قطر من الأسرة الانقلابية الحاكمة أن يسألوا الكبار من الشعب القطري عن مصر والمصريين ، وأن يستعيدوا معهم كيف علمهم المصريون القراءة والكتابة والطب والهندسة والقانون ، ويسألوهم كيف كانوا ينظرون للمصري في ستينيات القرن الماضي وهو يأتي لقطر لينقلهم من حياة البادية والهمجية إلي حياة الحضر والتحضر قبل أن تصبح قطر دولة ذات سيادة .. أسألوهم قبل أن يفارقوا الحياة من هو المصري ، ومن هي مصر .
كنت في عام 1986 في قطر وقال لي أحد شيوخهم الكبار في السن بالحرف أثناء جلسه معه بالقرب من مطار الدوحة : ( كان هذا المطار الجميل في الستينيات عبارة عن ممر واحد وغرفة تشبه الكشك هو كل جوازات المطار وسور من السلك الشائك ، وكان أكثر ما يسعدنا هو أن نأتي إلي هنا لكي ننتظر وصول طائرة مصر للطيران كل يوم ثلاثاء لنري المصريين الذين يحكمهم جمال عبد الناصر) هذه شهادة من شيوخ وكبار الشعب القطري عن مصر والمصريين !
لذلك علي قطر أن تراجع وتقرأ التاريخ وتشاهد تعليقات أهالي شهداء الجيش المصري وهم يدفنون أبناءهم وكيف يعتبرون ذلك شرفا لهم ولأسرهم وأنهم علي استعداد لتقديم المزيد من الشهداء .. في أبسط كلمات من والد أو والدة أو أخ أو أخت أو ابن أو ابنة شهيد الرد الشافي حتى تدرك قطر وجزيرتها أنها تضرب رأسها في الصخر !
يا مراهقون قطر الجيش المصري عصي علي محاولات النيل منه ، وعلي محاولات تشويه علاقته بالشعب لذلك ابحثوا عن شيء آخر ، واعتقد جازما أنكم لن تجدوا !