محمد يوسف العزيزي يكتب… ( الأزهر يجمعنا ) .. وماذا بعد !

عمار يا مصر 
أطلق د.عباس شومان وكيل الأزهر ود.الهلالي الشربيني وزير التربية والتعليم المرحلة الخامسة من مبادرة “الأزهر يجمعنا” بعنوان:”باسم أديان السماء.. لا للعنف لا للدماء” وذلك من مدرسة زين العابدين المشتركة للتدريب المزدوج 
وقال د. شومان إن هذه المبادرة تستهدف تكوين جيل جديد يبني ويعمر لينعم بخيرات بلده ، وتحصين هؤلاء الشباب من فكر الجماعات المتطرفة التي تستهدف الشباب وتغرر بهم وتبث في عقولهم مفاهيم مغلوطة من أجل تجنيدهم للبغي والإفساد في الأرض وقتل الأبرياء من أجل مصالح خاصة بتلك الجماعات التي لا علاقة لها بالإنسانية ولا الأديان السماوية .. !!
عنوان المبادرة جميل ، وعنوان المرحلة الخامسة أجمل لكن ذلك في تقديري لن يحل مشكلة التطرف الفكري والإرهاب الذي يقتل الناس ، والمؤكد أن مجرد التصريحات والمؤتمرات والكلام أمام الشاشات لن يبني جيلا جديدا قادرا علي التصدي لهذا الفكر المتطرف ونحن بعد كل مؤتمر وكل مبادرة نعود أدراجنا ونسير علي قديمه حتى تطل علينا جريمة بشعة تأخذ بلباب العقول وشغاف القلوب بعد أن تسيل دماء الأبرياء في الشوارع وأمام المساجد وداخل الكنائس !
وأعتقد جازما أن تحصين الشباب الغر الذي نخاف عليه الآن لن نتمكن منه طالما منابع الفكر المتطرف قائمة ، وطالما كتب التطرف علي الأرصفة وداخل كبري المكتبات ، وطالما صوت التطرف والتشدد يشنف الآذان في الشاشات وعبر مكبرات صوت المساجد والزوايا المنتشرة في كل مكان في بلدنا المحروسة ، وطالما خطاب الكراهية يسري مسري الدم في عروق بعض مشايخ ودعاة هذا الزمن الرديء ، وطالما حالة النكران من مؤسساتنا الدينية ( مسلمة ومسيحية ) وعدم الاعتراف بوجود فكر متطرف وأشخاص متطرفون يتصدرون مشهد الخطاب الديني ، وطالما نلتفت عن مصادر التجنيد التي تتم تحت أعيننا ، ونطنش عن ملاحقة مصادر التمويل التي تخرق عيوننا في جمعيات شرعية علي كل شكل ولون تتمتع بحماية قانونية وتفرض هالة دينية حولها تمنع الاقتراب منها ، وطالما شيوخ ورؤوس الفتنة ينبحون علي المارة في كل مكان ، وطالما تكتفي مؤسساتنا الدينية بالقول أن هذه الجماعات لا علاقة لها بالإنسانية ولا الأديان !
الإرهاب والتطرف يجتاحان العالم ، وتجنيد الشباب يتم علي قدم وساق بفتاوى ونصوص من كتب قديمة ما زالت تُدَرس في جامعاتنا وكلياتنا ، ونحن محلك سر في قضية تجديد الخطاب الديني وتصحيحه رغم الاعتراف بخطورة التطرف الفكري والتشدد الديني ، واستخدام عباءة الدين في كل ما يجري من قتل سواء القتل كان للمسلم أو المسيحي أو من لا دين له .. فالقاتل بعد القتل يكبر ويهلل .. الله أكبر ، وما كان له أن يقول ذلك إلا بتفاسير خطأ وآراء خطأ كان لها زمانها الذي انتهي ومكانها الذي تغير ! 
إذا كنا جادين في حماية الجيل الصغير الذي يتحسس طريقه ويتعرف علي منهجه فليكن برؤية علمية وعقل مفتوح لا يعرف للتابوهات سبيلا ، ولا للعقل الرجعي طريقا .. علي الأقل في المناهج التي يتعلمون منها لأننا إذا تركنا الحال كما هو عليه فنحن بصدد مشاريع أجيال متطرفة ومنحرفة التفكير ومشوشة الفكر ! 
شومان حذر الشباب بعد أن طمأنهم – أن الأزهر يواجه كل الأفكار المتطرفة بقوة ويتصدي لها – من الاستماع للذين يعملون علي تشويه صورة المناهج التي تدرس للطلاب بالمعاهد والمدارس والجامعات ويحاولون إقناع الناس بأنها سبب في الإرهاب الذي تعاني منه مجتمعاتنا.. مشدداً علي أن المناهج في مصر خرجت علماء وعباقرة وتتسم بالوسطية .. 
وكيل الأزهر شغل نفسه بالدفاع عن المناهج بدلا من الاستماع إلي من يقولون أن مناهج الأزهر تحتاج تنقية ومراجعة ، واهتم بإقناع الناس بأن هذه المناهج خرجت علماء وعباقرة يتسمون بالوسطية .. يا دكتور هذا كان في وقت يختلف عن وقتنا الذي أصبح فيه التطرف صناعة تستعين بما في الكتب من أدوات وبما للفتاوى من تأثير ، وأخيرا هل استطاع هؤلاء العلماء تحصين العقول من التطرف بما تعلموه من وسطية ؟ 
القضية أكبر من مؤتمرات وكلام وشعارات ، وأخطر من السكوت عليها ، والتأخر في عملية التصحيح والتجديد سيحولها إلي كرة لهب تحرق كل شيء في وقت لن ينفع فيه الندم ! 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *