هذه ثلاثة ألفاظ : اثنان منها ( كلامية محدثة ) وأحدها ( حديثي سني ) أصيل . رغم أن ثلاثتها تشير إلى أصل إنساني واحد ، تجلى في نسله قوم أفاضل وشخصيات رائقة في التصرفات الاجتماعية التكافلية
في التفرقة بين الأشعرية والأشاعرة يقول أستاذنا الدكتور أحمد محمود صبحي رحمه الله : يُستخدم لفظ الأشعرية للدلالة على المذهب الأشعري في علم الكلام والعقيدة ، ويستخدم لفظ الأشاعرة للإشارة إلى شخصيات المذهب الأشعري وفرقة الأشاعرة ( في علم الكلام ج 2 الأشاعرة هامش ص 5 ) . والأشعرية كمذهب كلامي والأشاعرة كشخصيات كلامية يرجع فضل تأسيسهما إلى أبي الحسن علي بن إسماعيل الذي ينتهي نسبة إلى أبي موسى الأشعري صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . وقد ولد أبو الحسن الأشعري بالبصرة سنة 260 هجرية وتوفى سنة 324 هجرية . وكان أكثر ما امتاز به الأشاعرة هو اعتدالهم الوسطي اللطيف بين العقل والنقل ؛ وذلك لرفضهم ( حدة الاستقطاب والتشدد ) بين المعتزلة العقليين من ناحية وبين الحنابلة النقليين من ناحية أخرى ، فجاء مذهبهم أقرب المذاهب إلى قلوب وعقول الأغلبية الغالبة من المسلمين ، ولذلك شكلوا طوال تاريخهم الشعور التديني الصحيح لأهل السنة والجماعة
أما لفظ الأشعريين فقد ورد ذكره في حديث نبوي شريف للدلالة على سلوك اجتماعي راق بين نوعية من المسلمين الصحابة الأفاضل ذوي النفوس التكافلية الطيبة التي تأبى الطمع أو الأثرة على غيرها . وهم قوم أبي موسى الأشعري صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . وأما الحديث الذي ورد فيه لفظ الأشعريين فهو : حدثنا أبو عامر الأشعري وأبو كريب جميعا عن أبي أسامة قال أبو عامر حدثنا أبو أسامة حدثني بريد بن عبد الله بن أبي بردة عن جده أبي بردة عن أبي موسى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو أو قَلّ طعام عيالهم بالمدينة جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسَويّة فهم مني وأنا منهم ) راجع شرح النووي على صحيح مسلم حديث رقم 2500 . ولاحظ تماما كلمة ( بالسَويّة ) فيما بين الأشعريين ، فهي أصل الحديث عنهم
وفي شرح هذا الحديث يقول النووي رحمه الله : قوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو إلى آخره ) معنى ( أرملوا ) يعني فنيَ طعامهم . وفي هذا الحديث تظهر فضيلة الأشعريين ، وفضيلة الإيثار والمواساة ، وفضيلة خلط الأزواد – الأقوات – في السفر ، وفضيلة جمعها في شيء عند قلتها في الحضر ، ثم يُقسم . وليس المراد بهذا القسمة المعروفة في كتب الفقه بشروطها ، ومنعها في الربويات ، واشتراط المواساة وغيرها ، وإنما المراد هنا إباحة – أي التماس أعذار قلة المال والطعام – بعضهم بعضا ومواساتهم بالموجود . ( راجع المصدر السابق نفس الحديث ) . وهكذا كان يفعل الأشعريون ( حتى لا يحقد بعضهم على بعض ، أو يحسد بعضهم بعضا ، أو يطمع بعضهم في بعض ) . وصدق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حــيث قال عنهم : فهم مني وأنا منهم