من ذاكرة البحرية المصرية…
لم يكن بمصر إلى أواخر عام 1809 منشأت بحرية مطلقاً، مما دعا مُحمد علي, إلى الشروع في بناء هذا السلاح الهام, فقام بإنشاء ترسانة ودار صناعة وورش بساحل بولاق وأرسل بعثات لجلب الأخشاب من أنحاء القطر المصري وبلاد الروم. وفي ترسانة بولاق صنعت السفن ثم نقلت منفصلة على الجمال إلى دار صناعة السفن بالسويس التي أنشئت بعد دار صناعة بولاق وهناك شيدت أربع سفن من نوع الإبريق وإحدى عشر سفينة من نوع السكونة (سفينة بسارية واحدة لها قلوع مربعة ونصف سارية ذات قلوع مخروطية) فكانت تلك هي نواة القوات البحرية المصرية والتي كانت مهمتها في بادئ الأمر تأمين نقل العسكر والمَهمات وحماية السواحل المصرية في البحر الأحمر.
ولما فتح مُحمد علي, الأقطار السودانية أنشأ دار صناعة الخرطوم ثم قام بإنشاء دار صناعة جديدة بالإسكندرية.[16]:68:62[17]:58:57, بعد حرب الوهابيين عرف مُحمد علي, فائدة الأساطيل البحرية في حماية السواحل وحفظ الثغور وكان السلطان محمود قد أهداه سفينتين حربيتين فعزم على تكوين أسطول بالبحر المتوسط تكون هاتان السفينتان نواة له. ولما لم تكن دور الصناعة المصرية مستعدة لصنع السفن من الطراز الحديث فقد اضطر مُحمد علي أن يتفق مع تجار من الفرنج على ابتياعها له من مصانع أوروبا فأتو له بسفن من نوع الفرقاطة والقرويت والإبريق وانتخب لها قواد بحريين من سفن التجار الأتراك والإسكندريين وأخذ مَلاَّحيها من المتطوعين وأحضر لهم المعلمين من الفرنسيين والطليان فتمكن بهذه السفن من حماية سواحل مصر بالبحر المتوسط وإرهاب القراصنة فضلاً عن مساعدة الدولة العثمانية في حرب اليونان المعروفة بحرب المورة. وعين مُحمد علي على إمارة الأساطيل المصرية صهره محرم بك محافظ الإسكندرية ليكون أول أمير وناظر للبحرية المصرية، فيما عين المهندس الفرنسي مسيو سريزي رئيساً لمهندسي دار الصناعة والفرنسي مسيو بيسون مراقباً على إنشاء السفن التي أوصى عليها في أوروبا مع الحاج أحمد أغا.[16]:68:62
في عام 1825 أنشئت أول مدرسة بحرية في مصر واختير تلاميذها أولاً من مماليك مُحمد علي وأبناء خدامه وكان من معلميها القبودان أنطون بنانسي والقبودان كاملو موسكاتي ومحمد بك الترجمان، والذين قاموا بتخريج الكثير من رجال البحرية المصرية، ثم أعيد تأسيس هذه المدرسة في عام 1831 واقتبست نظامها الجديد من النظم المتبعة بالمدارس البحرية بفرنسا.