بعد ساعات طويلة من العمل الشاق, وأثناء طريقي في العودة إلى منزلي, تردد في ذهني سؤال “لماذا كل هذه الصراعات الدامية هُنا وهُناك؟”.
ماذنب أطفال ولدوا وسط أُناس خلت قلوبهم من الرحمة وانعدمت إنسانيتهم, لغتهم هي العنف وإراقة الدماء, ماذنب اليتامى والثكلى وضعاف البشر, ماذنب من يتألمون جوعا, ماذنب باقي البشر يتألمون من رؤية كل هذه المشاهد الموجعة للقلب.
مصالح واهية في دنيا زائلة تتحكم في قادة الشرق والغرب, تسليح وعتاد, لا أدري هم مثلنا يرون مانرى ويسمعون مانسمع, يتألمون مثلما نتألم.. لا أعتقد.
في ذلك الحين تذكرت قول الله عزوجل«ظَهَرَ الفَسَادُ فِي البَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ» وإن كانت الأيه القرأنيه شارحة لنفسها عندما تطرقت إلى معنى الفساد بشقيه المادي والمعنوي, وكيف أن بعض البشر في هذه الأونة الأخيرة وبدلا من أن يجري في عروقهم دماء مثل باقي البشر جرى فيها العنف والإرهاب.
لا أعتقد أن من يقتل صغيرا وينتهك أدمية أبرياء, بشر مثل باقي البشر, أي عقل هذا الذي يبيح كل هذه الأفعال؟.
في تصوري الشخصي, من تسبب في كل هذه المشاهد والصراعات, بالمقام الأول هُم رجال الدين, عندما تركو مهامهم المقدسة في تعليم سماحة الأديان ونسوا أن المصدر واحد وإن تعددت الشرائع.
مسميات لجماعات لم ينفرد بها دين بعينه, قادها أقوام باسم أديانهم, كل منهم يرى أنه على صواب بينما الباقي يستحقون نار الدنيا ونسوا أنهم بصنيعهم هذا أعد لهم الله عزوجل نار الأخرة, بينما يرون الحور العين في انتظارهم!.
الحلول المطروحة حاليا على كافة موائد المفاوضات, كلها ليست حلول حقيقية, لأنها بعيدة كل البعد عن السلام بمفهومه الشمولي, أما إذا أردنا حقا أن نوقف نزيف العنف والإرهاب أن نقضي على التطرف فلن يكون سوى بمكافحة الفكر بالفكر والإلحاد بسماحة الأديان لا بالتسليح.
كما أن اللبنة الأولى في ذلك يضعها رجال دين, يدركون حقيقة الأديان ويقفون على شرائعهم باليسر والسماحة, رجال لا تعرف أقدامهم للسياسة سبيل.
اللبنة الثانية, بدلا من إعداد الجيوش والتفنن في التسليح, لخلق بؤر ملتهبة على كافة بيقاع الأرض, تلك الأموال كفيلة بالقضاء على مجاعات خلقت مشاهد تأبى الإنسانية مُشاهدتها عندما نرى طفلا أنهك جسده, يئن من ألم الجوع, أو عجوزا من مرارة الألم يشكو العلاج, وسط مخلوقات خلت أجسادها من القلب.
كان هذا حديثي مع نفسي , ولا أدري أهوا مجرد ترهات, أم أنه نتيجة وجع في قلبي سطره الحنين إلى سلام وأمان يسود حياتُنا التي في النهاية طالت مدتها أو قصرت مآلها إلى الله.