النكد الزوجي واقع تئن من وطأته كثير من الأسر المصرية ربما لأنه كالنار يبدأ من مستصغر الشررحيث يعد النكد هو التعكير الدائم لصفو الآخر، وهو تماماً كالحرب النفسية،ويُرجِع سببَه إلى الفراغ أو سطحية التفكير عند من يختلقه أو إلى تربية خاطئة خضع لها منذ الصغر، أو ضغوط الحياة اليومية ، أو محاولة لجذب انتباه الآخر كانتقام منه على تجاهله لشريكه في الحياة .
على الرغم من أن البعض يتهم الزوجات بأنهن “نكديات” بطبيعتهن، إلا أننا لا نستطيع غض الطرف عن الزوج لأنه أحياناً يقوم ببعض التصرفات التي تجلب النكد للزوجة ولأهل البيت كأن يصر على عدم ذهاب زوجته لزيارة أهلها أو إنتقادشكلها وتصرفاتها ، وقد يفضل السهر بعيداً عن المنزل ولا يهتم بشؤون أسرته وغير ذلك من السلوكيات التي ترفضها الزوجة والتى تضطرها لمقابلة النكد بنكد مثله وهو ما يزيد الأمورصعوبة بينهم.
الا ان نكد الزوجات أبقى وأقوى وأشد ضراوة، فمن الزوجات من يختلقن النكد وتحول حياة زوجها إلى جحيم بسبب الشكوى المستمرة من كل شيء، فمن سوء الأحوال المادية إلى مشكلات الأولاد إلى إهمال الزوج لشؤون بيته ، إلى تدخل أم الزوج في شؤونهم الأسرية، وبدلاً من أن يَفتح الزوج الباب ويجد ابتسامة مشرقة وصوتاً رقيقاً يجد وابلاً من الأخبار السيئة ومشكلات الأولاد والجيران والأقارب.
يرى الخبراء أن المشاحنات اليومية الصغيرة التي تحدث بين أي زوجين تؤدي دورا واضحاً في تسرب المشاعر السلبية بينهما وهي إن كانت لا تحوي قدراً كبيراً من العنف إلا أنها تعتبر الشرارة الأولى لتفجر المشكلات الكبيرة وربما العنف المؤدي إلى الطلاق من منطلق أن معظم النار من مستصغر الشرر.
ويؤكد المختصون أن أغلب تلك المشاحنات لا تعبر عن عيوب في أحد الزوجين بل في طريقة التواصل بينهما وهي عبارة عن شحنة زائدة ناتجة عن إحباطات ومشكلات طارئة تفرغ ضد الطرف الآخر وقد تكون لسبب تافه لا علاقة للطرف الآخر به فالقاعدة في الزواج ليست حدوث المشاحنات والمشكلات، لكن القاعدة هي وجود اختلاف لا يؤثر في العلاقة الزوجية حيث تبقى سوية وطبيعية.
ووفقا لرأى الاطباء إن الحياة الزوجية المليئة بالنكد تؤثر بشدة في هرمونات المرأة والرجل، حيث يرتفع هرمون ( الكورتيزول ) نتيجة التوتر المستمر وتصبح معدلات ارتفاع هذا الهرمون أسرع عند المرأة وهذا يؤثر في قدرتها على احتمال هذه الحياة النفسية، فضلاً عن أن النكد الزوجي يتسبب في الكثير من الأمراض لكلا الزوجين نتيجة الحياة التعسةوتمتد آثار النكد لتصل إلى الأبناء فيشعرون بالخطر والقلق والتوتر، ويقل إحساسهم بالاطمئنان فضلاً عن إمكانية إصابتهم ببعض الأمراض فقد عزت بعض الآراء العلمية الحديثة أحد أسباب الربو في سنوات الطفولة الأولى إلى الخلاف بين الأبوين الذي يستشعره الطفل.
يرى الخبراء والمختصون أن منع الخلافات مناف للطبيعة البشرية ، تجعل من الصعب إن لم يكن من المستحيل منعها فسبيل الحل هو إيجاد أسلوب للتفاهم.
وفض المشاحنات بين الزوجين يتطلب اعتماد الأسلوب الذي يؤدي إلى حل الخلافات وليس تصعيدها، وأُولى الخطوات هي ضبط النفس والتفكير في أسباب المشكلة ومناقشة الطرف الآخر والاستماع لرأيه بهدف فهم وجهة نظره وليس للرد عليه ومن ثم يأتي دور تقييم المشكلة بموضوعية وهذا يتطلب قدراً من المرونة والتسامح في العلاقة للوصول إلى قناعة مشتركة وليس فرض رأي والإصرارعليه.
وفي حال عدم التوصل إلى قناعة مشتركة فلا بأس من تأجيل الموضوع لفترةوقد يجدي الصمت في حال كون أحد الطرفين في مزاج عصبي أو عندما لا يمتلك رؤية واضحة للموضوع المختلَف عليه.
ويجب على المرأة إحترام الرجل الذي اقترنت به والابتعاد عن إهانته أو الاستخفاف والاستهزاء بآراءه حتى إذا كانت لا توافق عليها، وإذا فعلت أو قالت شيئاً بدون احترام يجب عليها الاعتذار وقبول إجاباته دون تقديم أيّ انتقادات، ويجب عليها ضبط نفسها بعدم نقده أو تقديم ملاحظات سلبية. ويجب ايضاً ان يكون للزوجة اهتمامات أو هوايات تستمتع بهاوتمارسها، فهذه الأشياء لا تجعلهامضطرة إلى انتظار من يقوم بإسعادها أو إدخال البهجة عليهاولا شك أن الاهتمام بالهوايات والأولاد والصداقات وتجاهل العدوان الآتي من الزوج غير الطبيعي يجعله يغير من سلوكه أو على الأقل يتوقف عن هذا السلوك العدواني، وتنجح الزوجة الذكية في الخروج من محاصرة إطار النكد الذي يحاول أن يفرضه عليها
فعليها ان تبدأ بنفسهامن خلال تجديد مظهرهاولبس الملابس الأنيقة، وعمل بعض المفاجأت الطريفه كأن تقدم له بعض الهدايا و أن تفاجئه بالإحتفال بعيد ميلاده أو عيد زواجهم.
ومن جهة اخرى على الزوج الاهتمام بزوجته وبيته من خلال محاولة خلق حوار مستمرمع الزوجة و احتوائها ومعرفة متطلباتها والعمل على ايجاد حلول لمشاكلهم الاسرية بدون تدخل من أطراف خارجية التى قد تزيد حجم المشاكل والخلافات بينهم
وفى حالة عدم الوصول الى حل للمشكلات بينهم ووصولها الى مفترق الطرق يقترح ان يكون هناك مؤسسات او هيئات مدنية تعمل على حل المشاكل الأسرية بعيداً عن الدخول فى النزاعات القانونية .