– جاءت نتيجة الإستفتاء الاخير في تركيا لصالح التعديلات الدستورية التي يريدها الرئيس رجب طيب أردوغان وتحول النظام السياسي اتركي الى نظام رئاسي يضيف لاردوغان صلاحيات رئيس الوزراء ولكن نسبة الترجيح تجاوزت الخمسين بالمئة بقليل ما يدل ان نصف المقترعين الاتراك يعارضون التوجه الجديد الأقرب للحكم الشمولي والابعد عن الديموقراطية
– اذن تقف تركيا على اعتاب مرحلة جديدة تعلن طلاقا بائنا من قيم الديموقراطية الأوروبية من ناحية وتغادر احلام الانضمام للاتحاد الاوروبي مخيلة المواطن التركي الذي كان يحلم بربيع اوروبي
– ورغم ان النظام الرئاسي لا يعني انه غير ديموقرطي بدليل ان الجمهوريه الفرنسية تطبق النظام نفسه وتعد واحدة من اعرق الديموقراطيات الاوروبية فان المدافعين عن تركيا في ثوبها الجديد يرون ان النظام الحالي سيحاول في المرحلة القادمة التمسك بالتقاليد الديموقراطية حتى ولو شكليا لتجميل الحكم التركي على الاقل امام المواطنين الأتراك الذين قالوا نعم في الإستفتاء الذي جرى مؤخرا
– في حين يؤكد الاتراك الذين قالوا لا للتعديلات الدستورية التي ستقوي من وضع اردوغان في مواجهة خصومه السياسين ان عصر الديموقراطية التركية قد انتهى وسيدفع المواطن التركي الثمن من استقراره بعد ان تتحول تركياالى جزيرة معزولة في بحر اوروبي يتمسك بالديموقراطية ومن المتوقع ان تصل العلاقات التركية الاوروبية الى نقطة الاحتقان الشديدة اذا تمسك اردوغان بتطبيق عقوبة الاعدام
– وعلى الرغم من الانتكاسة في العلاقات بين انقرة ودول الإتحاد الاوروبي فاننا نرى ان مرحلة الشمولية في تركيا ستمكن اردوغان من احكام السيطرة على مفاصل السياسة الخارجية تجاه امريكا ترامب وحلف شمال الاطلسي اللذين يعتمدان على القواعد العسكرية التركية ومنها قاعدة انجرليك الاقرب الى بؤر التوتر الساخنة في الشرق الأوسط ومنها سوريا والعراق
– خلاصة القول ان التغييرات في النظام السياسي التركي لا يمكن توقع نجاحها مستقبليا لانها تمت في ظروف استثنائية يعيشها الشعب التركي منذ محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت في شهر يولية من العام الماضي وفي الوقت نفسه لا يضمن احد ان من سياتي بعد اردوغان سيعيد الامور الى نصابها الصحيح
– وتتزايد المخاوف من تصاعد حالة الاستقطاب السياسي في الحياة التركية بسبب حالة الانقسام التي جاءت في اعقاب اعلان نتيجة الاستفتاء المثير للجدل