أخبار عاجلة

د.مجدي العفيفي يكتب.. العالم بدون «إنترنت»

«صباح الخير…»..

يقولها الناس في العالم كل صباح، وبكل لغات الأرض، تعبير يفيض سماحة ويشف محبة ودعاء بالخير ورجاء فيه ومنه.. وجميل أن يتبادل الناس هذه التحية مصحوبة بزهور وكلمات طيبة وأدعية ومأثورات اجتماعية وإنسانية تحمل تناولا لأفكار وأطروحات حول أشياء شتى بغض النظر عن الاتفاق والاختلاف، حتى صارت الرسائل عبر «الواتس آب» علامة يومية دالة من علامات الاتصال والتواصل، ويبدو أن فقدان هذه الوسيلة، بعضا من الوقت، يخلق ارتباكا ويثير قلقا، وهو ما حدث قبل يومين حين توقفت هذه الخدمة العالمية، فإذا التساؤلات تطرح من كل صوب، وإذا علامات الاستفهام والاستنكار تتعاظم في وسائل الإعلام، وإذا البيانات تتوالى من قبل القائمين عليها، وقامت الدنيا ولم تقعد إلا بعد أن عادت فعادت الروح إلى سكان دولة الواتس آب. صدق صاحبي، وهو أحد أهل الذكر الإلكتروني، حين قال لي -وهو يحاورني- إن حركة العالم يمكن أن يصيبها الشلل التام في لحظة واحدة، إذا انقطعت أو تعطلت خدمة الإنترنت وملحقاته، بضغطة زر واحدة تنطفئ الشاشات بكل نوعياتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية ومن دون ذلك، من قبل المتحكمين فيها إذا أرادوا، فالعالم رهين الإنترنت، وقد نبهني صاحبي إلى ضرورة الاحتفاظ بنسخة مطبوعة من الملفات والوثائق والمستندات في الأجهزة، فلا غنى أبدًا عن الكلمة المطبوعة، فهي الأكثر أمانا، والأطول عمرا، والأبقى أثرا، لا بد من البديل فالاحتياط واجب. صحيح.. ماذا يحدث إذا استيقظ العالم ذات صباح ولم يجد الإنترنت وتداعياته؟ أي سيناريو يمكن أن يكون؟ فالعالم بحركيته وعنفوانه، روحه في يد هذا الكائن الأثيري، على كل الأصعدة الأرضية، ومختلف المسارات الكونية. هذا سؤال لا يريد حتى الخيال أن يستوعبه، لكن السؤال نصف الجواب، فمن فضلك شاركني الإجابة من منطلق ثقافة الأسئلة التي لا بد أن نمارسها حتى لا نظل نحيا لمجرد أن نبقى أحياء، في عالم يمور مورًا بالثورات التكنولوجية، ويموج أكثر بالفتن الإلكترونية، ما ظهر منها وما بطن، وما خفي كان أعظم وأخطر. ربما! من يدري؟! ،،،،،،،،،،،،،،، @ واتس آب: ولأن الشيء بالشيء يذكر في «دولة الواتس آب».. أقول لعلها مصادفة أو قل إنها مفارقة، أن تزامن مع ما كتبته هنا قبل أسبوعين بعنوان (غنِّ يا فيروز غن) وحاورت في مقالتي تلك الفنانة الرائعة فيروز التي هي أيقونة صوتية عربية كونية، وقلت لها وأنا أجادل صوتها عن القدس: (غن يا فيروز.. وخذي الناي وابكِ.. ابكِ علينا.. وعلى أحوالنا.. ربما نفهم يوما.. ربما تعود إلينا إنسانيتنا اللاهثة في طرقات العصر.. اسرقينا من أوجاعنا.. أسكرينا بالوهم .. فالوهم حقيقة أصبح! ربما تستيقظ مشاعرنا التي طال سباتها، ونسينا عن عمد وسبق إصرار.. زهرة المدائن.. مدينة الصلاة.. «غن يا فيروز» ربما نخجل ونحن نسمعك تئنين بأشواقك وأشواكنا.. هل صحيح ما تقولين؟ عيوننا ترنو إلى القدس كل يوم؟ أية عيون هذه يا سيدتي.. عيوننا عيون فارغة.. مشغولة بالتلصص هنا وهناك.. و«القدس» لا هي هنا.. ولا هي هناك! وليظل «الطفل في المغارة» وأمه مريم وجهين يبكيان.. دعيهما يبكيان حتى آخر الدنيا.. فقد استشهد السلام في وطن السلام» ترى يا سيدتي بأية وجوه نرجع إلى الله.. ماذا نقول له.. والكلمة المقدسة انتزعت من قاموسنا السياسي والاقتصادي والثقافي.. القدس كلمة أصبحت في ذمة التاريخ منذ أن هوت مدينة القدس، نحن الذين ضيعنا هويتنا فهوت.. الدف لعبتنا، والرقص شيمتنا، لا شيء يشغلنا إلا عواطفنا.. بارت بضاعتنا.. بعنا محارمنا.. أعطيناهم مفاتيح شخصيتنا.. ليغلقوا علينا الأبواب التي تقسمين.. غنِّ أيتها الغاضبة.. اشجبي.. استنكري.. احلمي.. وما ضيعنا شيء مثل الأحلام وأضغاث الأحلام: غنِّ يا فيروز.. غن للحياة التي لا تعرف كيف نستمتع بها.. اشفينا من صداع الساسة والسياسيين! عالجينا.. من خطب المثقفين! داوينا من صراخ المتحزبين.. فنحن لا نملك إلا أن نغني!). وما إن نشرت هذه المقالة حتى انتشرت رؤية من وحي هذه الفيروزة، نشرها صديق من بيروت في سياق تعليقه عبر الواتس آب: وهي حوارية بين ثلاثة من شعرائنا الكبار: السوري نزار قباني والفسلطيني تميم البرغوثي والسوداني قيس عبد الرحمن، وقد تداولتها مجموعات كثيرة وعديدة:

عندما غنت فيروز:

الآن الآن وليس غدا … أجراس العودة فلتقرع

رد عليها نزار قباني :

مِن أينَ العـودة فـيروزٌ …. والعـودة ُ تحتاجُ لمدفع
عـفوا فـيروزُ ومعـذرةً …. أجراسُ العَـودة لن تـُقـرع
خازوقٌ دُقَّ بأسـفـلنا …. من شَرَم الشيخ إلى سَعسَعْ

أما تميم البرغوثي فيقول ردا على نزار: عـفوا فيروزٌ ونزارٌ …..

فالحالُ الآنَ هو الأفظع إنْ كانَ زمانكما بَشِـعٌ …. فزمانُ زعامتنا أبشَع
أوغادٌ تلهـو بأمَّـتِـنا ….. وبلحم الأطفالِ الرّضـَّعْ
والمَوقِعُ يحتاجُ لشعـْب ….. والشعـبُ يحتاجُ لمَدفعْ
والشعبُ الأعزلُ مِسكينٌ ….. مِن أينَ سيأتيكَ بمَدفعْ؟

رد الشاعر العراقي على قصيدتي نزار قباني وتميم البرغوثي:

عفوا فيروز ونزار …. عفوا لمقامكما الأرفع
عفوا لتميم البرغوثي …. إن كنت سأقول الأفظع
لا الآن الآن وليس غدا …. أجراس العودة لن تقرع
بغداد لحقت بالقدس … والكل بمرأى أو مسمع
والشعب العربي ذليل … ما عاد يفتش عن مدفع
يبحث عن دولار يدخل …. به ملهى لعروبة أسرع

ورد عليهم جميعا الشاعر السوداني قيس عبد الرحمن عمر بقوله:

عفوا أدباءك أمتنا… فالحال تدهور للأبشع
الثورة ماعادت تكفي … فالسفلة منها تستنفع
والغيرة ما عادت تجذب … فالنخوة ماتت في المنبع
لا شيء عاد ليربطنا.. لا دين بات يوحدنا.. لا عرق عاد فيترفع
عفوا يا أدباء زماني.. لا قلم بات يوحدنا.. فالحال الآن هو الأبشع

@ تويتر:

على قدر الإباء يكون البقاء.. وعلى قدر الصمود يكون الصعود!

@ نفسي الأمارة بالشعر:
(صرخة من زهرة عبَّاد الشمس):

لن أنحني..
عنقـي أكـلـلـه بزهـر الكـــبرياء! لن أنطوي.. رأسي سأرفع في الصباح وفي المـساء!
لن ألـتوي.. عودي سيرقص في الخريف وفي الـشتاء!
حريتي في دمدمات الرعد والظلمات أغلى من حرارة قيدك الذهبي يا بنـت السـماء
يا شمس دوري في السماء.. يا شمــس تيهي في السماء يا شمــس توهي في السماء
أينما وليـــت وجهـــك ما أنــا يا شــمس عبــدك جنتـــي نـــاري.. وميلادي ومـــوتي لـيــــس أنتِ!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *