هل هناك علاقة بين الاعلام والفساد ؟ يمكن القول إن الاجابة تحتمل ( نعم ولا )
.
وتكون الاجابة ب نعم عندما ينحرف الاعلام عن مساره ويحدث خلل في آداء وظائفه ونتساءل عن الاعلام المنحرف ؟ وماهو شكل الخلل الوظيفي له ؟ وبدون مقدمات يساهم الاعلام بافكارة وبرامجه في تكريس البيئة الفاسدة التي تبرر للمفسدين فسادهم حيث يصبح الخلل الوظيفي نتيجة طبيعية للفوضى الاعلامية وفساد المؤسسات الاعلامية من الداخل نتيجة لمجموعتين من العوامل الاولى مرتبطة بالنسق القيمي السائد في المجتمع والآخرى نتيجة الإختلال في البناء الاداري والمالي للمؤسسة الاعلامية
ويتبادر الى الذهن سؤال من اين يأتي فساد المؤسسة الاعلامية ؟ أرى انه عدم وجود سياسة تحريرية يؤدي الى الابتعاد عن الآداء المهني وهذا الاخير يخلق انماط سلوك قد تؤدي الى الفساد حتى في ابسط اشكاله مثل لجوء الاعلامي الى تسهيل ظهور ضيوف بعينهم دائما مقابل خدمات ما قد تكون مادية او معنوية بالاضافة الى سيطرة الإعلان على الاعلام !! و قد يؤدي ذلك الى تمكين الترويج الاعلاني من الهيمنة على الافكار البرامجية بحيث يصبح هدفها الجذب والاثارة بغض النظر عن الوظيفة او الهدف حتى ولو كان على حساب قيم المجتمع وثوابته الاخلاقية ما تقدم قد يؤدي الى تجميل صورة الفساد الاجتماعي مثل برامج تروج لأفكار الدجل والشعوذة والنصب الاعلاني والاعلامي واثارة الغرائز الجنسية والدخول في مناطق شائكة تناقش الثوابت الدينية تحت زعم حرية التعبير كما قد يؤدي الى فساد سياسي نتيجة التلاعب بعملية تشكيل الراي العام عن طريق بث افكار متطرفة مغلفة بمعسول الكلمات مثل الحرية والديموقراطية
وهناك ايضا المذيع الناشط !! فقد يرسخ الفساد في الذهن انه الفساد المالي والاجتماعي فقط واتصور ان الفساد هو ايضا فساد الفكر فبعض المذيعين ومقدمي البرامج يرون في انفسهم ناشطين سياسين لهم افكارهم وتوجهاتهم ومن حقهم ان يفرضوها على المتلقي في برامج احادية الجانب تمتد بالساعات هي اقرب ما تكون للمحاضرة منها للبرنامج التليفزيوني او الاذاعي وهذا امر جانبه الصواب فالناشطون السياسيون مكانهم الاحزاب السياسية وليس امام الكاميرا او خلف الميكروفون ويظل الناشطون السياسيون ضيوفا للبرامج فقط في اطار عرض الرآي والرآي الاخر .
وانتقل الى اجابة الشق الثاني من السؤال عن علاقة الاعلام بالفساد اجبنا بنعم فيما سبق ونجيب في الشق الثاني ب لا ونقصد ب لا ان الاعلام يحارب الفساد والمفسدين ويتصدى لكل اشكال الفساد الاعلام يلقي الضوء على نماذج الفساد ولا يخاف في قول الحق لومة لائم عندما يتحرر الاعلام من حالة الجدل التي تسيطر عليه ويتفرغ للبناء او ما نطلق عليه الاعلام التنموي هنا تتراجع فرص الفساد وتبدو في الصورة فرص تكامل المجتمع من اجل التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وتصبح الوسيلة افكارا برامجية تقدم عبر النوافذ الاعلامية المختلفة بشكل جاذب للمتلقي يرى فيه حياته وتطلعاته عبر الاثير في الاذاعة والتليفزيون وكلمة اخيرة إن فصل الملكية عن الادارة في المؤسسات الاعلامية حافز على التصدي لاشكال الفساد فتدخل المالك فرد او حكومة في توجية او فرض السياسة التحريرية للمؤسسة الاعلامية قد يحبط القائمين بالرسالة الاعلامية ويبعدهم عن الآداء المهني الامر الذي يهيأ مناخا خصبا لبيئة قد يتسلل اليها الفساد والمفسدون .