يمكن تعريف الإنقلاب العسكري بأنه محاولة منظمة تنظيماً دقيقاً من العسكريين هدفها قلب نظام الحكم المدني، وهذه المحاولات رغم مظهرها العسكري إلا أن مضمونها وهدفها سياسي وهو قلب نظام الحكم وفقاً لتعريف“هرزي وايتر” أو عملية منظمة يقوم بها أحد العسكريين للوثوب على السلطة من خلال قلب نظام الحكم، بغية الاستئثار بالسلطة والحصول على مكاسب شخصية من كرسي الحكم. وجدير بالذكر أنه في العلوم السياسية نوعين من الإنقلاب العسكري الأول تقليدي (خشن) ويقصد به إحتلال المؤسسة العسكرية صدارة المشهد السياسي الحكم المباشر، والثاني ناعم ( وقد ظهر هذا النوع من الإنقلابات عقب تدخل المؤسسة العسكرية التركية في العملية السياسية بصورة غير مباشرة أسفرت عن إسقاط حكومة أربيكان ذات المرجعية الدينية في 1997 ويعني تدخل المؤسسة العسكرية في العملية السياسية بصورة غير مباشرة بمعنى أنها لا تحكم مباشرة. وفيما يتعلق بمفهوم الثورة الشعبية فيمكن تعريفها بأنها “تغييرات جذرية في البنى المؤسسية للمجتمع، تعمل على تبديل المجتمع ظاهرياً وجوهرياً من نمط سائد إلى نمط جديد يتوافق مع مبادئ وقيم وأيديولوجية وأهداف الثورة، وقد تكون الثورة عنيفة دموية، وقد تكون سلمية، وقد تكون فجائية سريعة أو بطيئة تدريجية” وذلك وفقاً لتعريف موسوعة علم الاجتماع”، كما يعرفها Crane Brinton بأنها عملية حركية دينامية تتميز بالانتقال من بنيان اجتماعي إلى آخر، وأنها تغيير عنيف في الحكومة القائمة بشكل يتجاوز الحد القانوني. ومن ثم يمكن القول بأن مفهوم الانقلاب العسكري قد يتشابه في بعض جوانبه مع مفهوم الثورة إذ يأتي الخلط بين المفهومين من أن كليهما يسعى إلى تغيير النخبة الحاكمة وإزاحتها مع الفارق في طبيعة وعمق هدف كل منهما، فهدف الثورة يبدو أشمل وأعمق بحيث يتسع ليشمل التغيير والتأثير في كافة قطاعات المجتمع مقارنة بهدف الانقلاب العسكري الذي يقتصر على تغيير النخبة الحاكمة، كما أن كلاهما قد يعتمد على استخدام العنف بصرف النظر عن طبيعة هذا العنف وصولاً لتحقيق هدفـــــه، فضلاً عن أنه غالباً ما يكون للمؤسسة العسكرية دور كبير أثناء إندلاع الثورات سواء بالتدخل لفضها كما حدث للثورة السورية أوللضغط على النخبة الحاكمة لتلبية مطالب الجماهير والحشود الغاضبة كما حدث في الثورة المصرية في 25 يناير. وبالمرور على الحالة المصرية يتضح أن ما قامت به المؤسسة العسكرية من عـزل الــرئيس السابق محمد مرسي لاينطبق كليةً والمفهوم التقليدي للإنقلاب العسكري- وإن كان في جانب منه لاسيما من الناحية الشكلية التصويـرية قد يبدو كذلك – وهو ما يمكن تفسيره في ضوء عدة معطيات أبرزهـــا: – أن المبادرة بعزل محمد مرسي لم تنبع من داخل المؤسسة العسكـرية، كما أن الأخيرة لم تتدخل في الأزمة رغبةً منها في ذلك، وإنما جاء تدخلها على خلفية إستدعاء الحشود والجموع الغفيرة التي نزلت إلى الميادين في 30يونيو ولم يكن أمام المؤسسة العسكرية سوى خيارين لا ثالث لهما إما الإنحياز إلى الإرادة الشعبية وإجبار الرئيس على التنحي، أو الإنحياز للشرعية الدستورية بالإبتعاد عن الساحة السياسية فاختارت الأول . – غالباً ما تقع الإنقلابات العسكرية على نحو مباغت ومفاجئ لا يعطي الطرف الآخـر(الحاكم) فرصة للمناورة وهو على خلاف ما قامت به المؤسسة العسكرية حينما طرحت مهل زمنية لجميع الأطراف السياسية محل الصراع بما فيها مؤسسة الرئاسة لتسوية الأوضاع سلمياً أكثـر من مرة (المهلة الأولى كانت مدتها 7 أيام في 22 من يونيو، والمهلة الثانية 48 ساعة عقب اندلاع الاحتجاجات) دون جدوى، في إشارة تحذير لمؤسسة الرئاسة فهمها الكثيرون وتوقعوا منها إمكانية قيام المؤسسة العسكرية بعــزل الرئيس حال تطور الأمور. وهو ما يؤكد أن المؤسسة العسكرية تمكنت مــن قراءة المشهد السياسي بنجاح منقطع النظير وتنبأت بنتائجه مسبقاً – عادةً ما تحتاج أي ثورة إلى عامل محفز يملك قوة لإتمام التفاعل، ، وإلا فقد يمكث المتظاهرون فى الميادين شهورًا طويلة ويجلس الحاكم فى قصره غير عابئ بإنتفاضة شعبه، وقد كانت المؤسسة العسكرية هي ذلك العامل الحاسم فبينما أدي الجيش المصري هذا الدور بطريقة غير مباشرة في25 يناير عندما رفض التعرض للمتظاهرين والثوار أو الانحياز للرئيس، من ثم ضغط على مبارك بالرحيل، نجد أنه أداه بطريقة مباشرة في 30 يونيو عندما قام بعزل محمد مرسي مباشرة . – أن قيام المؤسسة العسكرية بعزل محمد مرسي لم يكن الهدف من ورائه الإستيلاء على الحكم على خلاف ما يحدث عقب الإنقلابات التقليدية، فتم تنصيب رئيس المحكمة الدستورية العليا رئيساً مؤقتاً للبلاد، ووضع خارطة طريق تمهيدا لانتخابات رئاسية وبرلمانية جديدة لعودة الأمور إلى نصابها، والعمل من خلال المؤسسات الرسمية، أذن ما قامت به المؤسسة العسكرية من عـــزل الرئيس محمد مرسي لا ينطبق والمفهوم التقليدي للإنقلاب العسكري .