هل يمكن للمرء ان يستغنى عن الآخر ؟ سؤال لايجب التسرع في الاجابة علية الا بعد فهم صحيح ودقيق لمعنى الاخر وفي تصوري هذا الاخر هو كل ماعداك وعلينا التفاعل معه بشكل جدلي شدا وجذبا وتفهما واحتواءا تباينا وتوافقا ,
ويحدثنا في ذلك المنظور التاريخي حيث نجد ان جميع حضارات الدنيا منذ بدء الخليقة ما كان سيكتب لها النجاح والاستمرار الا بالتفاعل مع الاخر ومن هنا عرف الفكر الانساني قيمة الديموقراطية بمعناها السياسي والاجتماعي بل في ظل قرون الجهل والظلام في اوروبا كان الاسلام في جزيرة العرب يطرح برقي وتحضر اولى دعوات التفاعل مع الآخر من خلال إرساء مبدأ الشورى .
إن قيمة ما طرحه الفكر الاسلامي بالنسبة لمبدأ الشورى لم ندرك اهميته الا عندما سادت نظم القهر والاستبداد وهكذا نلاحظ ان فكرة التفاعل مع الاخر ارتبطت مع دعوات التنوير التي مثلت إضاءات مشرقة لقيم الحق والعدل والجمال في كل مجالات انشطة الانسان .
إن كل ماتقدم كان الانطباع الذي خرجت منه بعد حضوري مؤخرا الملتقى الفكري حول الاعلام والمشروع القومي للتنوير الذي وضع النقاط على الحروف بشأن التوافق المجتمعي حول آليات التنوير بإعتبار أن الإعلام وسيلة إستنارة حقيقية اذا أحسن توظيفها وإدارة امكاناتها البشرية والإبداعية ونظمه المنتدى المصري للاعلام – مؤسسة اهلية مصرية – .
وطرحت خلال الملتقى الذي حضره جمع كبير من قامات المجتمع الثقافية والإعلامية والصحفية في مصر والعالم العربي العديد من الأفكار التي نتوقف امامها في عجالة سريعة حيث عرض الدكتور عصام شرف رئيس وزراء مصر الأسبق فكرة تستحق التأمل هي أن الوطن مختلف عن مفهوم الدولة فهذا الأخير هو ارض وشعب وسيادة أما الوطن هو أقرب مايكون للمشاعر ومثلها بالفارق بين الأم والأمومة حيث إن الدولة هي الام اما الوطن هو الامومة والدولة قد تذهب كما ترحل الام اما الوطن باق لأن الامومة باقية بقاء الحياة .
ومن هنا يقوم المشروع التنويري على فكرة احياء قيمة الوطن وهي قيمة مرتبطة بفكرة الآخر او الغيرية في حياتنا بمعنى طريق التنوير هو في وجود الآخر ومن ثم قبوله يحقق – كما اوضحنا – التفاعل المجتمعي ويشكل وعي الامة ومن هنا النظرة الآحادية الجانب تعتبر وجهة نظر قاصرة لاتبني وتجعل الشعوب لا تتقدم قيد أنملة وهذا ما اوضحه د. حسن راتب مؤسس مركز راتب للابداع أن لكل مهنة أداة وتقاليد وأعراف فقبل أن نتعلم مهنة القانون على سبيل المثال يجب أن نغرس بداخل كل منا حب العدالة ، وقبل ان نُعلم ابناءنا الاعلام واهمية الميديا يجب ان نغرس فى انفسهم امانة الكلمة وكيفية التعبير ومفردات اللغة وان نقبل الرأى والرأى الآخر ، وان تلك العلاقة التكاملية يجب ان تكون سمة فى كل من يعمل بمجال الاعلام من مخرجين ومقدمى برامج ومعدين ورؤساء قنوات وغير ذلك حتى تخرج تلك المفاهيم والرسائل عبر الشاشة.
وشرح الأنبا آرميا رئيس المركز الثقافي القبطي مفهوم التنوير وأنه يعني الإلتقاء على قيمة الوطن في حين حذر وزير الثقافة المصري حلمي النمنم مما سماه العولمة الشرسة واكد ان العولمة الايجابية المنجزة الخيرة هي التي تحقق التنوير في معناه الواسع ومن خلال الحوار طرحت افكار منها :
إن الامية الكتابية تشكل عقبة امام الجهود المبذولة من اجل التنوير
إن اعلام الدولة هو المنوط به حمل مشاعر التنوير
راهنت كل الاراء على الشباب في انجاز مشروع التنوير .
ولاشك ان عالمنا العربي في احتياج شديد لكل الافكار التنويرية التي تساعد على اتاحة الفرصة للحوار مع الآخر من خلال مراكز العصف الذهني ومستودعات التفكير وعبر وسائط اعلام صادق ومهني يخدم المجتمع العربي ويحقق المشاركة المجتمعية ويرسي قواعد الرقابة المجتمعية للرسالة الاعلامية ورصد رد الجمهور تجاهها من أجل تقويم الآداء وبشكل يساهم في تقديم ما يحلحل مشكلات المجتمع .
وبناء عليه يجب تشجيع التفكير في كل مجالات تطويرالخطاب المجتمعي بما يحقق رؤية شاملة في كل المجالات ولهذا يعتبر التنوير هو الطريق الحقيقي والواقعي للتطوير مع الحفاظ على الثوابت والموروثات الاجتماعية التي في مجموعها تشكل ملامح الشخصية العربية ولهذا دعا الملتقى الفكري الاول للمنتدى المصري للاعلام كل الاختصاصين والخبراء واساتذة الجامعات في العالم العربي كل في تخصصه الى اعداد اوراق بحثية تطرح للحوار في ملتقايته القادمة .